أثار قرار الرئيس عبدالفتاح السيسي تفويض وزيري الزراعة والري إصدار قرارات بحظر زراعة محاصيل معينة من الحاصلات الزراعية في مناطق محددة "شرهة للمياه" حفيظة الشارع المصري، وهو ما يؤكد منع زراعة الأرز في الوجه البحري ومنع زراعة القصب في الصعيد، بحجة مواجهة أزمة المياه التي تزداد يوماً بعد يوم، في إطار استكمال إثيوبيا "سد النهضة" الذي سيكون له تأثير على حصة مصر من المياه المقدرة بـ55.5 مليار متر مكعب سنوياً.
وأكد مسؤول حكومي أن القرار يعد انعكاساً لحالة الفساد المستشرية في البلاد، وانحيازاً لصالح رجال الأعمال المقربين من النظام في استيراد الأرز من الخارج، بعد قرار خفض زراعته محلياً.
وأشار إلى أن النظام يعمل وفق خطة ممنهجة للقضاء على قطاع الزراعة عامة والمحاصيل الرئيسية خاصة مثل الأرز وقصب السكر، متوقعاً أن يصل العجز في الأرز بالصعيد إلى 100% والوجه البحري إلى أكثر من 80%، كذلك رفع الأرز من منظومة السلع التموينية.
وأشار المسؤول إلى أن الحكومة ستستورد أكثر من 3 ملايين طن أرز، وهذا الأمر من شأنه أن يسبب رفع سعره، ما يمثل عبئاً غير مبرر على المستهلك الفقير، إذ يعتبر الأرز من السلع الغذائية الرئيسية ويأتي في الأهمية بعد القمح، إضافة إلى تدهور أراضي الدلتا بسبب نقص المياه اللازمة لغسيل أراضيها من الأملاح، ومن نشع مياه البحر عليها وعلى مياهها الجوفية.
والمحافظات الممنوعة من زراعة الأرز هي 18 محافظة، وتشمل أسوان والأقصر وقنا وسوهاج وأسيوط والمينا وبني سويف والفيوم والوادي الجديد والجيزة والقاهرة والقليوبية والمنوفية ومرسى مطروح وشمال سيناء وجنوب سيناء والبحر الأحمر والسويس.
وكانت وزارة الري لجأت إلى قطع المياه عن الترع والمصارف، في محاولة من جانبها لمواجهة زراعة الأرز فى محافظات الوجه البحري، وتسبب قطع المياه إلى جفاف الترع، وهو الأمر الذي أصاب عددا من الزراعات الأخرى والفواكه بالجفاف، واستغاث عدد من المزارعين عبثاً بعدد من المحافظين ونواب دوائرهم وإرسال فاكسات وبلاغات لعدد من الوزراء لإنقاذهم قبل ضياع محصولهم الزراعي.
وأمام هذا الوضع، لجأ البعض إلى الاتجاه لحفر الآبار الجوفية، لري الأراضي الزراعية، على رغم تكاليفها الكبيرة، لكن الحكومة تطارد تلك الآبار، ووصل الأمر إلى هدمها بحجة أنها غير مرخصة، وهو ما أكد عليه المهندس الزراعي جمال فريد، المسؤول في إحدى الجمعيات الزراعية في محافظة الدقهلية، الذي أكد أن حفر البئر الواحدة تتعدى تكلفتها 50 ألف جنيه، بحسب العمق وقطر الماسورة، بخلاف موتور الرفع، من خلال اشتراك عدد من المزارعين في حفر بئر.
وأوضح أن الإجراءات التي تطلبها وزارة الري من أجل التصريح بحفر بئر طويلة ومعقدة، ومن الممكن أن تستمر لسنوات، مثل سندات الملكية، وتصريح من الآثار ووزارة الدفاع وخرائط مساحية، ومساحة الأرض المطلوب ريها، والمعالم الموجودة على الطبيعة من البئر المطلوب ترخيصه، وهو ما يؤكد كذب الحكومة في تسهيل إجراءات الاستثمار، ما جعل الكثير من المزارعين يرفضون تلك "الدوخة" والقيام بحفر البئر لري الأرض من البوار.
المهندس فريد أوضح أن الحكومة تقوم بهدم تلك الآبار دون أي مراعاة للزراعة الموجودة و"شقى" المزارع من التكاليف، وبدلاً من أن تدرس الحكومة مساعدة المزارعين البسطاء، وتقنن أوضاعهم وتساعدهم على التوسع الزراعي، تعاقبهم وتسطّر محاضر لهم، من دون الأخذ في الاعتبار قساوة الظروف الاقتصادية.
وقال إن "تلك المزارع إنتاجها يهدف إلى سد حاجة السوق المحلي من الخضروات والفواكه"، مشدداً على أنه كان يجب على الحكومة مراعاة ظروف هؤلاء، وليس الوقوف ضدهم، موضحاً أن الحكومة تتجاهل طلب المزارعين بتوفير المياه، بعدما اختفت من الترع من دون سابق إنذار، أو مراعاة لجني محصوله للإنفاق على أسرته.
وأمام ذلك، لجأ عدد من المزارعين إلى ري الأراضي بمياه الصرف الصحي بعد عجزهم عن توفير المياه، على رغم يقينهم بخطورة تلك المياه على الأرض والمحصول والمواطن نفسه، الذي يتغذى على محاصيل تروى بمياه الصرف، وهو ما أكده نقيب الفلاحين في محافظة الغربية عبدالفتاح شرارة.
شرارة قال إن عشرات آلاف الفدادين "يتم ريها بمياه الصرف، في محاولة من الفلاحين لإنقاذ أراضيهم ومحاصيلهم، بعدما تجاهلت الحكومة تعرض الأراضي للبوار.
المزارع خالد علي لفت إلى أن زيادة الطلب على المياه الجوفية في محافظات الدلتا زاد أخيراً بسبب قلة المياه فىي الترع، معتبراً ما يحدث من مطاردة للمزارع في أرضه بقطع المياه عنه ورفض استخدام الآبار، يؤكد أن الحكومة ترفض أي نوع من الزراعة، وأنها تتجه إلى الاستيراد من الخارج لسد الفجوة الغذائية المتوقعة.