اتفاق "شيوخ" الحزبين يجنّب الحكومة الأميركية الإغلاق عامَين

08 فبراير 2018
مقر السلطة التشريعية الكابيتول (ماندل نغان/ فرانس برس)
+ الخط -


اتفق الحزبان الجمهوري والديمقراطي في مجلس الشيوخ الأميركي على استمرار عمل الحكومة، بإقرارهما موازنة للإنفاق الحكومي بزيادة تقدر بحوالى 300 مليار دولار، وتسري مدة عامين.

وأعلن زعيم الأغلبية الجمهوري ميتش ماكونيل، وزعيم الأقلية الديمقراطي تشاك شومر، التوصل إلى اتفاق يوم الأربعاء، يجنب الحكومة الإغلاق، ويوفر موازنة للإنفاق الدفاعي (العسكري) بزيادة 80 مليار دولار، وموازنة للإنفاق غير الدفاعي بزيادة 63 مليار دولار على السقف المتفق عليه سابقاً.

وكعادته، غرّد الرئيس دونالد ترامب بعد إعلان التوصل إلى الاتفاق، معلناً تأييده التام لما اتُّفق عليه، وقال إن "اتفاق الموازنة اليوم مهم جداً بالنسبة إلى جيشنا العظيم. إنه ينهي التقييد الخطر ويعطي الوزير ماتيس ما يحتاج إليه لإبقاء أميركا عظيمة. يجب على الجمهوريين والديمقراطيين دعم قواتنا ودعم هذا المشروع!".

ونص الاتفاق أيضاً على رفع سقف الدين الحكومي شهورا إضافية عدة، كما خصص نحو 100 مليار دولار من الموازنة الإضافية لاستكمال المعونات التي قدمتها الحكومة إلى الولايات التي تعرضت لكوارث طبيعية العام الماضي، وشملت أعاصير وحرائق غابات، ما أدى إلى تدمير العديد من المناطق في الولايات الساحلية والغربية وفي بورتوريكو، ليزيد هذا المبلغ عما جاء في مشروع قانون سابق في مجلس النواب.

ولإقناع الديمقراطيين بالموافقة، نص الاتفاق على توفير التمويل اللازم لبرنامج التأمين الصحي للأطفال، المعروف باسم تشيب (CHIP)، على مدى 4 سنوات أخرى، حيث تعد قضايا تمويل برامج التأمين الصحي، مع البرامج المتعلقة بالمهاجرين، ذات أهمية كبيرة بالنسبة إلى الحزب الديمقراطي.

ووصف شومر الاتفاق بأنه "أول ثمرة حقيقية للتعاون بين الحزبين"، بينما قال ماكونيل: "لا أحد يزعم بأن الاتفاق مثالي، لكننا عملنا بجد لإيجاد أرضية مشتركة". وتبادل زعيما الحزبين عبارات الإطراء، بعد أن كالا لبعضهما بعضا الاتهامات قبل أسابيع.

وقبل 3 أسابيع، أدى رفض مجلس الشيوخ مشروع قانون للإنفاق الحكومي لمدة شهر واحد، إلى إغلاق الحكومة الأميركية، وهو ما كان يعني توقف العديد من الجهات الحكومية عن تقديم خدماتها للمواطنين.

واتهم الرئيس الأميركي دونالد ترامب الحزب الديمقراطي بالمسؤولية عن هذا الإغلاق، على الرغم من سيطرة الحزب الجمهوري على مجلسي النواب والشيوخ، فضلاً عن انتماء الرئيس الأميركي نفسه إليه.

وبعدها بثلاثة أيام فقط، اتفق الحزبان على استئناف الحكومة أعمالها، على وعد شخصي من زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ، بالعمل على إيجاد حل للمشكلات المتعلقة بالمهاجرين، وبرامج التأمين الصحي على الأطفال، والتي كان الديمقراطيون يصرون على حلها قبل الموافقة على زيادة الإنفاق الحكومي.

واستأنفت الحكومة أعمالها، على أن يتم إغلاقها مرة أخرى عند منتصف ليل غد الجمعة (9 فبراير/ شباط) في حالة عدم تمكن الحزبين من التوصل إلى اتفاق قبل ذلك التاريخ.

ويبدو أن كلمات ترامب في الساعات الأخيرة مساء الثلاثاء هي التي حملت الديمقراطيين على الرضوخ، حيث أعلن عدم اكتراثه، بل وترحيبه، بإغلاق الحكومة إذا لم يتعاون الحزب الديمقراطي في الاتفاق على النقاط المعلقة، سواء في ما يخص زيادة الإنفاق الحكومي أو قضايا المهاجرين.

وعلى الرغم من الاتفاق، لم تُحل مشكلة المهاجرين الذين جاؤوا إلى الأراضي الأميركية مع ذويهم صغاراً، فيما يُعرف اختصاراً باسم "دريمرز" (Dreamers).

وأعلنت زعيمة الأقلية في مجلس النواب نانسي بيلوسي، رفضها الاتفاق ما لم يقدم المتحدث باسم مجلس النواب بول رايان تعهداً صريحاً، على غرار التعهد الذي قدمه ماكونيل قبل أقل من 3 أسابيع، بالعمل على توفير الحماية لهؤلاء الأطفال.

ولم يقدم رايان أي التزام من هذا القبيل في ما يخص "الدريمرز"، ما أثار المخاوف من أن أي مشروع لقانون الهجرة في مجلس النواب لن يحقق طموحات الديمقراطيين، الأمر الذي قد يعرقل تمرير أي اتفاق فيه.

لكن ضيق الوقت يدعم احتمالات تمرير المجلس ما اتفق عليه في مجلس الشيوخ، أو الجزء الأكبر منه في أسوأ الأحوال، خاصة وقد أدرك الجميع أن المواطن الأميركي العادي لا يميل إلى إغلاق الحكومة.

ووافق ماكونيل على إجراء مناظرة بين ممثلي الحزبين حول قضايا الهجرة المعلقة خلال الأيام القليلة القادمة.

و"دريمرز" هم المهاجرون الذين قدموا إلى الولايات المتحدة، كأطفال بصحبة ذويهم، بشكل غير قانوني، ويواجه هؤلاء حالياً خطر الترحيل لأن ترامب قرر إنهاء البرنامج الذي وفر لهم الحماية سابقاً، والمعروف اختصاراً باسم "داكا" (DACA) ، في 5 مارس/ آذار القادم، وهو البرنامج الذي سمح لهم بالعمل والعيش القانوني في الولايات المتحدة.

لكن رفض إحدى المحاكم الأميركية قرار ترامب سمح باستمرار البرنامج إلى حين الفصل فيه.

ويبقى مصير الاتفاق معلقاً، حيث أعرب بعض المتحفظين في مجلس النواب من الحزبين عن قلقهم من تزايد الإنفاق الحكومي، وخاصة الدفاعي، وارتفاع سقف الدين لفترات متزايدة.

وقال النائب الجمهوري مارك ميدوز إن "زيادات الإنفاق المحلي أكبر مما أستطيع هضمه". وأيده النائب الجمهوري أيضاً مو بروكس، الذي وصف زيادة الإنفاق بأنها "حلم الديون غير المرغوب فيه"، موضحاً أنه يرفض الاتفاق بشدة.

وعلى الرغم من كل ما سبق، فقد حقق الديمقراطيون انتصاراً كبيراً في اتفاق الأربعاء، إذ نجحوا في جعل ماكونيل يتجاهل رفض ترامب المتكرر ربط الموافقة على موازنة وزارة الدفاع والإنفاق الحكومي عموماً، بالوصول إلى اتفاق في ما يخص موضوع المهاجرين، وهو الأمر الذي قد يحد من تدخل الرئيس الأميركي مستقبلاً، طالما تمكن الحزبان من التوصل إلى اتفاق.

المساهمون