العراق: مراقبون يصفون وعود الحكومة للتشغيل والسكن بالخادعة

07 أكتوبر 2019
جانب من الاحتجاجات في بغداد (فرانس برس)
+ الخط -

 

في قرارات هي الثانية من نوعها بغضون أقل من أسبوع، أصدر رئيس الوزراء العراقي، عادل عبد المهدي، حزمة قرارات اقتصادية جديدة تهدف إلى تهدئة الشارع وتخفيف حدة الاحتجاجات المتأججة منذ يوم الثلاثاء الماضي، بينما وصفها مسؤولون سابقون وخبراء اقتصاد بالخادعة، كونها غير قابلة للتحقيق.

وشملت القرارات التي جاءت خلال اجتماع لمجلس الوزراء في وقت متأخر من مساء السبت، توفير فرص عمل ورواتب لعاطلين وإعفاء المزارعين من مبالغ استئجار الأراضي الزراعية، وتوفير مساكن أو أراض سكنية لمن هم بحاجة للسكن.

وبحسب بيان حكومي، تضمنت القرارات فتح باب التقديم على الأراضي السكنية المخصصة لذوي الدخل المحدود والفئات الأخرى في المحافظات كافة، واستكمال توزيع 17 ألف قطعة سكنية للمستحقين من ذوي الدخل المحدود في محافظة البصرة (جنوب العراق)، وإعداد وتنفيذ برنامج للإسكان يشمل بناء 100 ألف وحدة سكنية موزعة على المحافظات.

كما تضمنت تعزيز رصيد صندوق الإسكان، من أجل زيادة عدد المقترضين، وتكون القروض معفاة من الفوائد، ومنح 150 ألف شخص من العاطلين ممن لا يملكون القدرة على العمل منحة شهريةً قدرها 175 ألف دينار (140 دولاراً) لكل شخص، ولمدة ثلاثة أشهر، وإنشاء مجمعات تسويقية حديثة (أكشاك) توزَّع على ذوي الدخل المحدود.

وتشمل حزمة القرارات أيضا إعداد برنامج لتدريب وتأهيل العاطلين عن العمل، وتشغيل من يجتاز منهم الدورات التدريبية بنجاح في الشركات الاستثمارية العاملة بالعراق، ومنحهم قروضاً ملائمة لتأسيس مشاريع متوسطة أو صغيرة، ومنحهم قطعة أرض مخدومة (مرفقة) لإنشاء مشروع صناعي.

وتطرق مجلس الوزراء أيضاً إلى فتح أبواب التطوع والتوظيف في مؤسسات الدولة، وذكر أن حزمة القرارات شملت فتح باب التطوع للشباب بالجيش من عمر (18-25) سنة، وإعادة وزارتي الدفاع والداخلية الأشخاص الذين تم فسخ عقودهم إلى الخدمة.

كما تقرر إعفاء الفلاحين من مبالغ استئجار الأراضي الزراعية والمترتبة بذمتهم سابقاً حتى نهاية العام الحالي، بالإضافة إلى اعتبار الضحايا من المتظاهرين والأجهزة الأمنية شهداء، وشمولهم بالقوانين النافذة، ومنح عوائلهم الحقوق والامتيازات المترتبة على ذلك.

واعتبر مختصون ومواطنون أن هذه القرارات غير قابلة للتنفيذ، خاصة في ظل مرور البلاد بأزمة مالية، وعجز متوقع في موازنة العام المقبل

وقال وزير المالية السابق هوشيار زيباري، في تصريحات نقلتها وسائل إعلام محلية إن التعهدات التي قدمتها الحكومة لتهدئة المتظاهرين غير قابلة للتطبيق، لافتاً إلى أن عجز الموازنة العراقية لعام 2020 سيزيد إلى أكثر من 30 مليار دولار، مضيفا أن "الواقعية مطلوبة".

كما قال سعد العبيدي الخبير الاقتصادي لـ"العربي الجديد"، إن هناك قرارات يصعب كثيراً على الحكومة تنفيذها، مثل توزيع مرتبات للعاطلين، مؤكدا أن "مثل هذه القرارات تحتاج أشهرا للدراسة والعمل ولا تكون بمؤتمر صحافي وبكلام لا يستند إلى واقع".

وانتقد العبيدي تصريحات رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، مساء السبت، حول إعادة تشغيل 50 ألف مصنع، متسائلا "أين الكهرباء التي ستشغل هذه المصانع ومن سيعيد تعميرها".

وأضاف "لكي يتم إصدار قرارات، لا بد أن يجلس خبراء ومختصون من عدة وزارات وهيئات معنية، ويناقشون تفاصيل خططهم ودراساتهم المعمقة المبنية على أساس معرفة دقيقة بالواقع الاقتصادي والخدمي، الذي تترتب عليه مواقع المشاريع المقرر توفيرها كمناطق لعمل العاطلين".

وتابع: "هنا أتحدث عن قرار واحد من بين القرارات السبعة عشر التي صدرت، كل المؤشرات تفيد بأن هذه القرارات وعود لا يمكن تطبيق ولو 30 في المائة منها على أكثر تقدير".

ولم يبد الكثير من العراقيين تفاؤلهم بالوعود الحكومية، حيث قال أحمد نايف ( 36 عاما): "عليهم أولا توفير ماء نظيف وكهرباء ومستشفى محترم، هم لا يقدرون على ذلك فكيف يعدون بغيرها". وأضاف نايف لـ "العربي الجديد" أن "هذه القرارات مخدرة لا أكثر".

كما قال سالم حسن، وهو موظف حكومي إن "الفساد كبير وهذا ما نلمسه جميعنا، ونعلم به أكثر نحن الموظفين في الدوائر الحكومية".

وأضاف في حديثه لـ"العربي الجديد" أن "هذه القرارات التي خرج بها عبد المهدي ما هي إلا كلام بعيد عن الواقع، إنه خيالي وكذب، لن تجد في العراق من يصدق تفعيل مثل هذه القرارات، حتى البسطاء لن يصدقوا، لأنهم عاشوا طيلة السنوات الماضية وهم يطالبون بتوفير الخدمات البسيطة، بينما تواجههم الحكومة بالوعود والتسويف والمماطلة".