في التعاملات الرسمية ليوم الثلاثاء 19 مارس/آذار 2019، بلغ سعر صرف الدينار الجزائري 120 دينارا مقابل الدولار الواحد، مقابل 117 في 22 فبراير/شباط المنصرم وهو تاريخ بداية الحراك، و135 دينارا مقابل العملة الأوروبية الموحدة "اليورو" مقابل 133 دينارا عند بداية الحراك.
وتعد هذه المرة الأولى التي يتراجع فيها الدينار الجزائري بنقطتين في ظرف وجيز، حيث لم تتفاعل التعاملات الرسمية مع حراك الشعب الجزائري منذ بداية الحراك الشعبي.
وقال أستاذ الاقتصاد النقدي بجامعة الجزائر والمحلل السياسي عبد الرحمن عية إن " الدينار تراجع بحوالي 4%، والسبب الرئيسي هو عدم الاستقرار ووجود هذا الحراك الشعبي، الذي يعطي مؤشرا من الناحية الاقتصادية على أن هناك مخاوف على من يكتنزون الثروة خاصة في شكلها السائل بالدينار، وبالتالي يحاولون التخلص منها عن طريق استبدالها بالعملة الصعبة والذهب، بالإضافة إلى المضاربة كعامل ثانوي، واستمرار هذا الوضع سيؤدي إلى ارتفاع مستوى التضخم وتراجع في القدرة الشرائية".
وأضاف عية لـ"العربي الجديد" أنه "على السلطات المسارعة في إنشاء مكاتب صرف، وبالتالي تربح الحكومة حين تدرج معاملات الصرف في الإطار الرسمي، وتستدرك حجم العملة الصعبة التي تدخل وتخرج، وبذلك تتراجع تدريجيا التعاملات الموجودة في السوق الموازية".
ويعتمد البنك المركزي الجزائري سياسة التعويم الموجه للدينار منذ بداية الأزمة المالية سنة 2014، لكبح الواردات التي فاقت آنذاك 60 مليار دولار، كما يتزامن هذا الانخفاض مع بلوغ عملية طباعة النقود الذروة، حيث الحجم الإجمالي للتمويل غير التقليدي بلغ 6556 مليار دينار (ما يقارب 65 مليار دولار) حتى نهاية يناير/كانون الثاني المنصرم.
وقال الخبير الاقتصادي جمال نور الدين إن ''الدينار يعاني ضغطا رهيبا منذ مطلع السنة الحالية بداية ببلوغ عملية طبع النقود مرحلة مبالغاً فيها، فالحكومة توعدت بطبع دينارات تعادل 55 مليار دولار على خمس سنوات، فإذا بها تطبع 60 مليار دولار في سنة واحدة، وتتوقع طبع 10 مليارات إضافية هذه السنة"، مشيرا إلى أن "الحراك الشعبي زاد من الضغط على الدينار في التعاملات الرسمية".
وأضاف نور الدين لـ "العربي الجديد" أن "الدينار لن يتحمل ضغطا إضافيا، ومن المتوقع أن يبلغ الانزلاق أكثر من 10 بالمائة قبل حلول شهر رمضان المقبل".
وفي السياق، لا يزال الدينار يتراجع في سوق الصرف الموازية، من جراء ارتفاع الطلب على العملات الأجنبية، بسبب تخوفات بعض الجزائريين من انهيار الدينار من جراء تواصل الاضطرابات السياسية، حيث فقد أكثر من 15 بالمائة من قيمته منذ بداية الحراك الشعبي.
وتعيش الجزائر على وقع حراك شعبي مناهض للنظام الحالي الذي يقوده عبد العزيز بوتفليقة منذ 1999، الذي قرر تأجيل الانتخابات الرئاسية المقررة في إبريل/نيسان المقبل، وتمديد عهدته الرئاسية الرابعة إلى حين استدعاء ندوة وطنية جامعة تكون مهمتها صياغة دستور جديد، وهو ما يرفضه الشعب الجزائري، الذي يطالب بتغيير الانتخابات.