أثار قرار الأردن، حظر استيراد 194 سلعة من سورية، انتقادات واسعة، لا سيما في أوساط التجار، الذين أعربوا عن تضررهم من هذه الخطوة، بينما رحب به القطاع الصناعي، واعتبرت الحكومة أنه يأتي في إطار تطبيق مبدأ المعاملة بالمثل.
وما يزيد من قلق التجار، أن القرار الحكومي الصادر نهاية إبريل/نيسان الماضي، لم يقتصر على تحديد السلع المحظور استيرادها وأغلبها منتجات غذائية، وإنما تقرر تحديد آلية للاستيراد من سورية للسلع المسموح بها بموجب رخص وموافقات خاصة تصدر مسبقاً لأي تاجر يرغب في توريدها إلى السوق الأردنية.
وقال خليل الحاج توفيق، رئيس غرفة تجارة عمان لـ"العربي الجديد" إن قرار وزارة الصناعة والتجارة والتموين "لم يكن صائباً، كونه يضر بالقطاع التجاري ويخدم قطاعاً آخر"، موضحا أن "الحكومة منعت استيراد قائمة كبيرة من السلع السورية، من دون إبداء أسباب منطقية ومقنعة، كما لم تتشاور مع أصحاب الشأن من القطاع الخاص قبل اتخاذ القرار".
وأشار توفيق إلى أن عدداً كبيراً من التجار يرتبطون بعقود تجارية مع سورية، خاصة بعد فتح الحدود بين البلدين قبل نحو ستة أشهر، بينما تحدد الأول من مايو/أيار المقبل موعداً لبدء تطبيق حظر الاستيراد من سورية، وهذا يعرض التجار لخسائر كبيرة.
ومن بين السلع التي شملها الحظر الأردني، الشاي والزيت وبعض المنتجات الغذائية مثل لحوم الدواجن والأسماك وأصناف من البقوليات والخبز والخضروات مثل البطاطا والبندورة (الطماطم) والفواكه والعصائر.
وقال حسام عايش الخبير الاقتصادي الأردني لـ"العربي الجديد" إنه "لا يمكن إغفال الأهمية الاقتصادية لسورية بالنسبة للأردن من كافة النواحي، ولكن على ما يبدو الجوانب السياسية تلقي بظلال سلبية كما هو معتاد على العلاقات بين البلدين".
وأضاف عايش أن "السلطات السورية، وبحسب شكاوى المصدرين الأردنيين، تضع معيقات أمام انسياب السلع الأردنية إلى أسواقها، والحكومة أمام مطالب المنتجين والصناعيين اتخذت قرار حظر استيراد قائمة كبيرة من السلع السورية".
وتابع أن "الضغوط الأميركية لها دور أيضا، إذ طلب الملحق التجاري الأميركي لدى الأردن من المصدرين الأردنيين مؤخرا عدم التصدير الى سورية والتلويح بمحاسبة الشركات التي تتعامل مع الجانب السوري".
لكن مسؤولاً في وزارة الصناعة والتجارة والتموين الأردنية، قال لـ"العربي الجديد" إن القرار الأردني جاء رداً على السلطات السورية التي تعيق دخول السلع الأردنية إلى أراضيها لأسباب غير منطقية، رغم مرور أكثر من ستة أشهر على فتح الحدود بين البلدين. وأضاف أن "الحكومة اضطرت لاتخاذ هذا القرار من مبدأ المعاملة بالمثل، فلا يعقل أن يستمر السماح بدخول الواردات من سورية فيما تمنع صادراتنا إلى أسواقها".
ولفت إلى أن "هناك مراجعات دورية لعلاقات الأردن التجارية مع مختلف البلدان، وسيتم اتخاذ قرارات مماثلة إذا استدعى الأمر مع دول أخرى".
وكانت وزيرة الدولة لشؤون الإعلام، الناطقة الرسمية باسم الحكومة الأردنية جمانة غنيمات، قد أعلنت في 15 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، فتح معبر جابر نصيب ــ جابر الحدودي بين الأردن وسورية وهو ما لاقى ترحيباً أردنياً واسعاً لا سيما لدى الكثير من الأسر الأردنية في المناطق الحدودية، التي ترغب في التبضع من سورية لرخص أسعار منتجاتها مقارنة بمثيلاتها في الأردن، التي تشهد موجات غلاء متواصلة.
وقد أغلق الأردن حدوده مع سورية بشكل عام قبل ثلاث سنوات، بسبب ظروف الحرب السورية. وجاءت إعادة فتح الحدود بعد نحو أربعة أشهر من استعادة النظام السوري السيطرة على معبر نصيب بدعم روسي.
وفي مقابل انتقاد التجار للحظر الأردني للكثير من السلع السورية، قال فتحي الجغبير، رئيس غرفة صناعة الأردن لـ"العربي الجديد" إن الصناعات الأردنية تأثرت كثيرًا بسبب عدم قدرتها على دخول السوق السورية، بسبب العديد من المعيقات. وأضاف الجغبير: "هذا الحظر مهم للاقتصاد الأردني من حيث المحافظة على الفرص التسويقية المحلية لمنتجاتنا، وكذلك من باب تطبيق مبدأ المعاملة بالمثل"، مشيرا إلى أن عدة محاولات تمت لإزالة المعيقات أمام صادراتنا إلى السوق السورية لكن لم تكن هناك استجابة.
ولم يفصح رئيس غرفة صناعة الأردن عن ماهية هذه المعيقات، لكنه أضاف أن من حق الحكومة اللجوء إلى مثل هذا القرار "لضبط العلاقات التجارية مع الدول الأخرى، التي تضع العراقيل أمام السلع الأردنية".
وبحسب غرفة صناعة عمان، فقد انخفضت الأهمية النسبية للسوق السورية من إجمالي الصادرات الوطنية من 3.8 في المائة عام 2011 لتصل إلى 0.7 بالمائة العام الماضي 2018.
ووفق بيانات الغرفة، تراجعت صادرات الأردن إلى سورية من السلع الصناعية وحدها إلى حوالي 28 مليون دولار خلال الربع الأول من العام الحالي، مقارنة مع حوالي 90 مليون دولار لنفس الفترة من العام الماضي.
وبلغت قيمة التبادل التجاري بين الأردن وجارته الشمالية في 2010 نحو 615 مليون دولار، قبل أن تتراجع تدريجياً بسبب الحرب التي اندلعت في سورية عام 2011. وبحسب بيانات وزارة الصناعة والتجارة الأردنية، انخفضت صادرات الأردن إلى سورية إلى حوالي 7 ملايين دولار بنهاية 2017، مقابل نحو 238 مليون دولار عام 2010.