السعودية: ارتباك في سوق السيارات المستعملة

07 فبراير 2015
القلق يشمل أيضاً المركبات الأثرية (أرشيف/فرانس برس)
+ الخط -

شهدت سوق السيارات المستعملة في المملكة العربية السعودية، ارتباكاً على مدار الأيام الماضية، بفعل انتشار أنباء عن اتجاه الحكومة لمنع تجديد تراخيص سير السيارات، التي تقل موديلاتها (عام الصنع) عن 1990، الأمر الذي يدفع أسعار المركبات القديمة بشكل عام إلى الانخفاض، ما يشجع في المقابل وكلاء وموزعي السيارات الجديدة على تحريك الأسعار للارتفاع.

ونقلت صحف محلية نهاية الأسبوع الماضي، عن مصادر حكومية، قولها إن هناك اتجاهاً لمنع

تجديد تراخيص السيارات التي مر على عام تصنيعها نحو 25 عاماً، بهدف الحد من تلوث البيئة وكذلك تسببها في خلل مروري، إلا أن المتحدث الرسمي للإدارة العامة للمرور في السعودية، الدكتور علي الرشيدي، قال لـ "العربي الجديد"، إن "ما تم تداوله مجرد شائعات".
 
وعلى الرغم من قلة عدد السيارات التي يزيد عمرها على 25 عاماً في السعودية، إلا أن الفكرة التي تم تداولها أكثر من مرة في أوقات سابقة، كانت مقلقة لتجار السيارات المستعملة، والتي تشكل أكثر من 70% من سوق السيارات في المملكة.

ورأى تجار أن هناك محاولات بين الحين والآخر لـ "جس نبض السوق"، على حد تعبيرهم إزاء منع تراخيص السيارات القديمة.

وأشار الخبير في التلوث البيئي، الدكتور مراد كعبي، في تصريح خاص، إلى ضرورة منع تجديد تراخيص السيارات القديمة للحد من التلوث الذي تتسبب به. وقال "قبل أعوام تم منع استيراد السيارات التي يزيد عمرها على خمس سنوات للحد من التلوث، لكن منع السيارات المتهالكة داخلياً أهم من هذه الخطوة".

لكن زيد الشمري، وهو صاحب معرض سيارات قديمة في العاصمة الرياض، قال لـ "العربي الجديد" إن نظام المرور في المملكة، يلزم كل السيارات بالفحص الدوري في كل عام، ما يكفي للتأكد من سلامة السيارة بغض النظر عن سنة الصنع.

وأضاف: "ليس كل السعوديين يستطيعون شراء سيارات جديدة أو شبه جديدة، كما أن العمالة التي لا تحصل على أكثر من ألفي ريال شهرياً تستحق أن تمتلك سيارة حتى ولو كانت قديمة، في ظل انعدام وسائل المواصلات العامة في المملكة".

وتابع: "ليست هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها تداول أنباء عن منع تجديد تراخيص السيارات القديمة، ولكن لا أعتقد أن الحكمة تكمن في سنة الصنع، ولكن في نوعية السيارة ذاتها وجودتها".

وتشكل السيارات المستعملة 70% من إجمالي حجم السيارات المباعة في السعودية، فيما لا تستحوذ السيارات الجديدة إلا على 30%.

وكانت السعودية قررت في 2009 عدم استيراد السيارات، التي يزيد عمرها على خمس سنوات، ما أنعش معارض السيارات الجديدة المحلية وقلص تجارة السيارات المستوردة من الخارج، خاصة من الولايات المتحدة ودول الخليج الأخرى.

وقبل إصدار القرار كانت نسبة السيارات المستعملة، التي تم استيرادها من قبل ‏السعودية ويزيد

عمرها على خمس سنوات 24% من السيارات المستوردة في عام 2008 السابق، لتنفيذ القرار بعدد 140.4 ألف سيارة تجاوزت قيمتها 17.5 ‏مليار ريال (4.66 مليارات دولار).

وكشفت دراسة اقتصادية حديثة للبنك الأهلي التجاري في المملكة، عن أن واردات السيارات المستعملة في السعودية آلاف دولار) للسيارة الواحدة.

كما بينت الدراسة أن عوامل تفضيل المستهلك السعودي للسيارة المستعملة، تتلخص في انخفاض أسعار هذه السيارات مقارنة بالجديدة، والتراجع المحدود لدخل المواطن السعودي، مقابل ارتفاع عدد السكان.

وقال جمال الحقيل، صاحب معرض سيارات في مدينة الدمام عاصمة المنطقة الشرقية لـ "العربي الجديد"، إن نسبة السيارات التي يعود تصنيعها لأكثر من 25 عاماً لا تتجاوز 1% من السيارات المستعملة.

وأضاف أن الهدف الأكبر من السيارات التي يقل تصنيعها عن 1990، ليس الاستخدام ولكن الاقتناء فهي تباع في الغالب كسيارات أثرية ولها سوق كبيرة بدأت تنتشر، ومنع تجديد تراخيص هذه السيارات سيكون ضربة قاتلة لها، خاصة أنها سوق رائحة بدأت في الانتشار.

ويبدو أن القلق لا يقتصر على تجار السيارات المستعملة العادية، وإنما يمتد لبائعي المركبات الأثرية الكلاسيكية، التي تشهد إقبالا من قبل الهواة والأثرياء.

ففي وقت تتراوح فيه قيمة السيارة المستعملة بحسب شركة التصنيع بين 20 و150 ألف ريال (5.3 آلاف دولار و40 ألف دولار)، يصل سعر السيارة الأثرية من نوع فورد 1934 لأكثر من 200 ألف ريال (53.3 ألف دولار) وبعضها يتجاوز هذا الرقم، وفق تجار سيارات.

ومؤخراً بدأت السيارات الكلاسيكية تغزو شوارع العاصمة الرياض، في ظاهرة جديدة وصلت لمدينة جدة في أقصى الغرب والدمام في أقصى الشمال، وبدأت هذه السيارات تكتسب المزيد من الهواة الأثرياء.

سعود النعيمي، يملك سيارة من نوع مرسيدس - بنز موديل 1929، اشتراها بألفي دولار من

الولايات المتحدة، وقام بشحنها للسعودية وتجديدها مع الحفاظ على هيكلها دون تغيير وهو أمر قفز بسعرها لمائة ضعف، لتصل إلى 200 ألف ريال لندرتها.

الآن يدير النعيمي معرضا لشراء وبيع السيارات الأثرية التي يطلق عليها السيارات الكلاسيكية. ويقول لـ "العربي الجديد": "عندما سمعت بأن المرور يفكر في منع السيارات التي يزيد عمرها على 25 عاما قبل عدة أيام أصبت بالقلق الشديد، لأنه سيقضي على تجارتي التي بدأت في النمو، لأن مثل هذا القرار لن يفرق بين السيارات القديمة أو الكلاسيكية".

وتابع "أطمح في جلب العديد من سيارات الثلاثينيات والأربعينيات من الخارج وجمعها في معرض كبير، فالسوق واعدة والشباب باتوا يفضلون هذه السيارات لأنها مميزة ونادرة".

وخلال الأشهر الستة الماضية أقيم أكثر من معرض للسيارات الأثرية والكلاسيكية في السعودية، استقطبت الكثير من الزوار.

دلالات
المساهمون