تونس تضخّ استثمارات نفطية لتقليص عجز الطاقة

31 يوليو 2019
توقعات حكومية بالنزول بمستوى العجز إلى 30 %(فرانس برس)
+ الخط -
كثّفت حكومة تونس من إجراءاتها لمحاصرة عجز الطاقة بمساعدة برلمانية، بعد إسناد وتجديد مجموعة من تراخيص الاستكشاف والتنقيب، يفترض أن تثمر نتائجها في السنوات القليلة القادمة.
ويأتي ذلك وسط توقعات حكومية بالنزول بمستوى العجز إلى حدود 30 بالمائة في أفق عامين.

وبعد سنوات من التباطؤ في منح وتجديد تراخيص الاستغلال والتنقيب عن النفط، أفرج البرلمان التونسي بدفع حكومي عن دفعات من التراخيص الجديدة، شملت حقولاً سيتم التنقيب فيها لأول مرة.
ويوم 16 يوليو/ تموز الماضي، صادق مجلس نواب الشعب خلال جلسة عامة على 6 رخص استكشاف جديدة تتعلق بمشاريع قوانين، تتعلق بالموافقة على الاتفاقيات الخاصّة وملحقاتها المتعلقة برخصة استكشاف المحروقات بكل من حقول "الواحة" و"حزوة" و"صواف" و"ماتلين " و"تسكرايا".

وفق بيانات رسمية لوزارة الصناعة، ترتفع قيمة الاستثمارات الإجمالية لمشاريع الاستكشاف المعلن عنها إلى نحو 131.5 مليون دولار، فيما شمل التوزيع الجغرافي للحقول الجديدة محافظات الشمال الشرقي والوسط والجنوب، وذلك لأول مرة في تونس.
واستغرقت لجنة الطاقة بالبرلمان أكثر من عامين لمنح الحكومة الضوء الأخضر، لمنح رخص جديدة وذلك في إطار عمليات التدقيق، الذي دعا إليها البرلمان في إطار المهام التي يوكلها له الدستور بالمحافظة على الثروات الطبيعية للبلاد.

ويمنح الفصل 13 من الدستور التونسي كامل الصلاحيات للبرلمان، للمصادقة على عقود الطاقة من عدمه، وينصّ على أن "الثروات الطبيعية ملك للشعب التونسي، تمارس الدولة السيادة عليها باسمه، وتُعرض عقود الاستثمار المتعلقة بها على اللجنة المختصة في البرلمان، وتعرض الاتفاقيات التي تبرم في شأنها على المجلس للموافقة".
وتميزت سنة 2019 عموماً باسترجاع النسق في نشاط الاستكشاف في مجال المحروقات، إذ من المرجح أن تبلغ في سبتمبر/ أيلول هذه السنة 30 رخصة، ما يعكس بوادر التحسن في الاستثمار في قطاع المحروقات واسترجاع ثقة المستثمرين، بعد أن شهدت الرخص تقلصاً على امتداد السنوات الثماني الأخيرة، لتمرّ من 52 إلى 21 رخصة سنة 2018.

وفي السنوات الأخيرة، أدى تراجع الرخص إلى مغادرة العديد من المؤسسات، سواء بسبب توتر المناخ الاجتماعي والاحتجاجات العمالية المتكررة، أو نتيجة تعقيدات إدارية وطول انتظار تراخيص العمل.
ويرى الخبير في استراتيجيات الاستثمار صادق جبنون، أن مصادقة البرلمان على دفعات من رخص الاستكشافات النفطية قبل أشهر قليلة من انتهاء المدة النيابية الحالية، يأتي في سياق اقتصادي شامل يتسم ببداية فكّ عقد القطاعات التي عانت سابقاً من صعوبات كبيرة، أدت إلى شبه توقف في استثماراتها.

وقال جبنون في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن القطاع النفطي من أهم القطاعات الجالبة للاستثمارات الكبرى، معتبراً أن البرلمان تأخر بعض الشيء في الإفراج عن التراخيص الجديدة، ما حال دون حصول تونس على استثمارات مهمة في السنوات الماضية. 
وأضاف أن الطاقة تؤثر بشكل مباشر وكبير على الاقتصاد التونسي، لتلقي بظلالها على كل القطاعات بسبب الزيادات المتواصلة في أسعار المحروقات والمنتجات الاستهلاكية، ما يستدعي القيام بمجهودات خصوصية لتنمية استثمارات القطاع بحسب قوله.

وعرفت تونس في السنوات الأخيرة عجزاً كبيراً في الطاقة، بسبب تزايد استهلاك المواطنين رغم الارتفاع المتواتر للأسعار.
ويمثل العجز الطاقي ثلث الحجم الإجمالي لعجز الميزان التجاري لتونس، الذي تجاوز 19 مليار دينار خلال سنة 2018، أي نحو 6.5 مليارات دولار.

ويعود هذا العجز إلى تطوّر الاستهلاك الوطني للطاقة، وخاصة مع تحسّن مستوى عيش التونسيين وتكثيف استعمال المكيفات والسخانات، علاوة على تقلّص الإنتاج المحلي للنفط بنسبة 40 بالمائة، مقارنة بسنة 2010، نتيجة تراجع الأنشطة الاستكشافية.
وفي تصريح لـ"العربي الجديد"، قال عضو لجنة الطاقة زياد الأخضر إن من واجب البرلمان مراقبة ملف الطاقة والتشديد في إسناد الرخص، معتبراً أن حصول الشركات النفطية على عقود التنقيب الجديدة مرتبط بتوضيح الالتزامات المحمولة على هذه الشركات، وأهمية العائدات التي ستجنيها الدولة التونسية.

وأضاف عضو البرلمان، أن اللجنة تمسكت بوجوب الاقتصار على استغلال المحروقات التقليدية دون غيرها، مشدداً على أنه لا مجال لاستغلال غاز "الشيست".
وفي وقت سابق، مارست شركات طاقة ناشطة في تونس ضغوطاً على الحكومة من أجل الإسراع في تجديد رخصها بمجال الاستثمارات النفطية مقابل عدم المغادرة، بعد تباطؤ البرلمان في التصديق على الرخص وإقرار مجلة (قانون) المحروقات الجديدة من أجل دراستها، وحفظ حقوق تونس بالاتفاقات النفطية.

المساهمون