سوريون: استثماراتنا في تركيا تفوق 5 مليارات دولار

24 يوليو 2015
مطعم سوري في مدينة ميرسن جنوب تركيا(Getty)
+ الخط -
احتل المستثمرون السوريون المرتبة الأولى في قائمة الشركاء الأجانب بنسبة وصلت إلى 25.2%، حيث أسس 1131 سوريّاً في العام الماضي شركات جديدة بقيمة 32.8 مليون دولار.
وأشار بيان نشره اتحاد غرف التجارة والبورصات في تركيا، أول من أمس الإثنين، إلى زيادة حجم الشركات التي تم تأسيسها في تركيا خلال النصف الأول من العام الجاري بنسبة 18.12% مقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي، لترتفع من 29 ألفاً و708 شركات إلى 35 ألفاً و90 شركة، وشغل رجال الأعمال السوريون النصيب الأكبر من تأسيس هذه الشركات، ليكون نصيبهم واحدة من كل ثلاث شركات ذات شركاء أجانب أُسِّست في تركيا خلال الأشهر الستة الأولى من العام الجاري.
ولكن هذه الأرقام ضئيلة بحجم الاستثمارات الحقيقي الذي يتحدث عنه السوريون والذي يقدّر بحوالى 4.3 مليارات دولار.
ونسب جيواد غوك، المستشار في مركز الدراسات الاستراتيجية بإسطنبول، سبب إقبال السوريين إلى المناخ الاستثماري الجاذب الذي تؤمنه تركيا للمستثمرين الأجانب بشكل عام، حيث تساوي القوانين بين المستثمر التركي والأجنبي، ولما يلاقيه السوريون من تسهيلات على وجه التحديد، فضلاً عمّا تشهده تركيا من تطور اقتصادي وجذب للشركات العالمية الكبرى "صارت من المراكز التجارية الكبرى بالعالم ".
ويضيف المحلل التركي غوك لـ"العربي الجديد": دخل السوريون مجالات استثمارية كثيرة، أهمها النسيج وصناعة الجلديات والصناعات الغذائية، لكن التركيز حسب بيانات غرفة التجارة انصب أولاً على شركات الاستيراد والتصدير، ليستغل السوريون التطور الصناعي بتركيا ويصدّرون الإنتاج لمنطقة الخليج العربي وأوروبا الغربية، "وفي ذلك ربح كبير وهامش مخاطرة قليل، وخاصة أن التنافس بالإنتاج صعب على السوريين بالوقت الحالي نظراً لكبر وعراقة الشركات التركية".

ولكن، بقراءة اقتصادية متأنية بعض الشيء لرساميل الشركات القليلة مقارنة مع عدد الشركات الكبير، يمكن الاستنتاج أن المعدل الوسطي لرأسمال الشركة لا يزيد عن 30 ألف دولار، وهو مبلغ متواضع لا يكفي لتأسيس شركة إنتاجية أو حتى خدمية، ما يبعث على التقصي عن السر، وخاصة أن القوانين التركية تمنع تملّك السوري والعراقي على أراضيها.
الباحث عبد القادر عبد اللي يقول: لم تضع الحكومة التركية خطة لجذب رؤوس الأموال والاستثمارات السورية. ولم يُقْدم كثير من السوريين على الاستثمار بسبب قوانين الملكية التي تمنع السوريين من حق التملّك، وقد وجدوا عملية التفاف على القانون بحيث يؤسسون شركة، ويتملكون باسم الشركة، وهكذا فإن كثيراً من الشركات تأسست لمجرد شراء سكن. لذلك لا يمكن القول إن هناك استثمارات سورية مهمّة في تركيا.
ويبدو أن الأرقام المطروحة عن عدد الشركات السورية خادعة، فمقابل العدد الكبير للشركات التي افتتحها سوريون، نجد أن مجموع رأس المال المستثمر في هذه الشركات صغير جداً. وعند حساب المعدل الوسطي نجد أنه بحدود ثلاثين ألف دولار أميركي للشركة الواحدة، هذا يعني أنها استثمارات صغيرة، أغلبها مطاعم ومخابز ومحلات تجارية صغيرة هي التي يستثمرها السوريون، وكلها تندرج في إطار محاولة الطبقة الوسطى إيجاد مصدر رزق يكسبها لقمة عيشها فقط. وغالبية هذه الاستثمارات يرتكز في اسطنبول، وبعض المحافظات الحدودية مثل عينتاب ومرسين وأنطاكية وأضنة.

اقرأ أيضا: عِمالة الأطفال السوريين تصل إلى مستويات خطيرة

ويلفت عبد اللي، المدرّس في جامعة غازي بأنقرة، خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى أن هذا النوع من الاستثمارات لا يساهم كثيراً في الاقتصاد التركي، وهي بالعموم ليس لها مستقبل كبير. على سبيل المثال، فإن أغلب المطاعم المفتوحة في تركيا تستقطب زبائن سوريين، ونادراً ما يدخل تركي إلى هذه المطاعم إضافة إلى أن المخابز تنتج الخبز الذي اعتدنا عليه في سورية، وثقافة الأتراك في المأكولات تجعلهم لا يتقبّلون الخبز الذي ينتجه السوريون. لذا، يختم عبد اللي بالقول: باعتقادي أن 90% من هذه الاستثمارات مؤقتة، ولم يفكر أصحابها عند تأسيسها بأن تستمر لمدة طويلة، لأن حلم العودة القريبة كان مسيطراً على تفكيرهم.

من جانبه، يخالف المستثمر السوري بإسطنبول نزار بيطار، كلام الباحث عبد اللي، وأكد خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، أن الأرقام الحقيقية للاستثمارات السورية بتركيا أكثر بكثير، لجهة رأس المال والعدد مما أعلنته غرفة التجارة.
ويقول بيطار، المستثمر بقطاع الغذائيات: يزيد مبلغ الاستثمارات السورية بتركيا عن 5 مليارات دولار، وليس كما تصدر الجهات التركية الرسمية أو كما يصوّر البعض.
ولكن هناك حالات خاصة أو "التفاف" ما يصعّب ضبط حجم وعدد الاستثمارات السورية، فهل تم توثيق شركات الصرافة وتحويل الأموال السورية أو الاستثمارات بالقطاع التعليمي والصحي، أو خطر لأحد أن يبحث بالشركات السورية التي رخّص لها بأسماء شركات قديمة لعرب أتراك أو فلسطينيين، للتهرّب من تسجيل العمالة والضرائب.
ويؤكد بيطار: هناك 920 جمعية أهلية سورية بتركيا تمارس أعمالاً تجارية واستثمارية، وهناك 40 مدرسة سورية بإسطنبول فقط "قمنا بدراسة ووصلنا نهاية العام الماضي إلى أن الرأسمال السوري المستثمر بتركيا يبلغ 3.5 مليارات دولار مسجلة ونحو 800 مليون دولار غير مسجلة، معظمها مطاعم وشركات شخصية صغيرة".
وأكدت الإحصاءات الرسمية في تركيا أن الصادرات التركية إلى سورية في العام الماضي قد عادت إلى مستوى ما قبل اندلاع الثورة. وبحسب مكتب الإحصاء التركي، ارتفعت الصادرات التركية إلى سورية من 1.02 مليار دولار عام 2013 إلى مستوى 1.80 مليار دولار عام 2014. وهذا الأداء هو الأفضل بالنسبة للصادرات التركية إلى سورية منذ انطلاق الثورة السورية، حيث وصلت هذه الصادرات إلى مستوى عام 2010 (1.84 ملياردولار)، الذي كان بحد ذاته عاماً قياسياً، انطلاقاً من مستوى متدنٍ عام 2012 بلغ 497 مليون دولار، لتزداد في كل من عامي 2013 و2014، مستفيدة من تراجع نشاط قطاع الأعمال والإنتاج ولتسد فجوة نقص البضائع في السوق السوري.
وهو ما رآه الاقتصادي سمير رمان تطوراً في الشراكة ومؤشراً على فاعلية المستثمرين ورجال الأعمال السوريين الذين أسسوا لأعمال في تركيا بعد ثورة عام 2011 وبدأت نتائج شركاتهم تنعكس على حجم التبادل التجاري، ومع المناطق المحررة شمالي غرب سورية، خاصة "محافظتي إدلب وحلب ". ويقول المهندس رمان لـ"العربي الجديد": تركزت مجالات استثمار السوريين في الصناعات النسيجية والغذائية والسياحة وخاصة المطاعم وكذلك الصناعات التحويلية وتجارة المفرّق.

اقرأ أيضا: هروب الاستثمارات من تركيا
المساهمون