فوضى في أسواق موريتانيا بسبب كورونا

15 ابريل 2020
كورونا يفاقم معيشة الموريتانيين (Getty)
+ الخط -

 

تعيش الأسواق الموريتانية ظروفا استثنائية بسبب تداعيات انتشار فيروس كورونا وتزايد مخاوف المستهلكين من نفاد المخزون الغذائي في بلد يستورد 70% من حاجياته من المواد الأساسية، فبين احتكار التجار للسلع وغلاء الأسعار والتهافت على التخزين وغياب المراقبة وانتشار المضاربات، يبقى المواطن ضحية الفوضى التي تعصف بالأسواق.

ورغم أن موريتانيا لم تتخذ إجراءات احترازية قاسية حتى الآن، على غرار باقي الدول واكتفت بحظر التجول الليلي ووقف الدراسة ومنع التنقل بين المدن وغلق الحدود، إلا أن تأخر الحكومة في التدخل لضبط الأسواق ووقف ارتفاع أسعار بعض المواد أدى إلى تفاقم الوضع المعيشي وشجع التجار على فرض أسعار مرتفعة مما أثر على القدرة الشرائية للكثير من الأسر.

وتسببت الوضعية الحالية المرتبطة بانتشار فيروس كورونا في غلاء المواد الأكثر استهلاكا، فقد ارتفع سعر الزيت بنسبة 20% والسكر 4.70%، والأرز 7%، والقمح 15%، والخضروات 30%، حسب تجّار لـ"العربي الجديد".

وبينما تؤكد جمعية حماية المستهلك أن أسعار المواد الاستهلاكية ارتفعت بشكل كبير بعد أزمة كورونا رفضت اتحادية التجارة الإقرار بذلك، وأكدت أنها ألزمت التجار بالمحافظة على مستوى الأسعار.

قلق من استمرار الغلاء

يرى مراقبون أن الأسواق المحلية تأثرت بشكل غير مسبوق بالإجراءات الاحترازية وبالخوف والهلع من فيروس كورونا، حيث عمد التجار مبكرا الى تطبيق زيادة على بعض المواد الغذائية بداعي أن أسعارها سترتفع لا محالة في الأسواق العالمية، مستغلين تقاعس الأجهزة الحكومية عن القيام بواجبها في مراقبة وضبط الأسعار.

ويقول الباحث الاقتصادي، محمد أحمد ولد فاضل، لـ"العربي الجديد" إنه منذ بداية ظهور الفيروس تم فرض زيادة على المستهلك بشكل جزافي وغير معلن واستمر ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية في ظل غياب أي دور لأجهزة المراقبة من أجل وقف الارتفاع المفاجئ للأسعار.

ويرى أن إقرار الرئيس الموريتاني، ولد الغزواني، في خطابه الأخير، بأن موريتانيا ستعاني من نقص التموين في بعض المواد الأكثر استهلاكا بسبب وضعية الاستيراد المتأثرة بتداعيات انتشار فيروس كورونا عالميا، أدى إلى ارتفاع الأسعار تلقائيا، ما دفع الحكومة إلى محاولة تدارك الوضع من خلال التأكيد أن البلاد تتوفر على المخزون الكافي من المواد الغذائية الأساسية وأنه لن يكون هناك أي نقص أو ارتفاع في الأسعار خلال الفترة المقبلة.

ويقول ولد فاضل إنه "مع انتشار فيروس كورونا تعاظمت المخاوف من استغلال التجار للوضعية بهدف تحقيق هامش ربح أكبر ورفع الأسعار، وقد نجحوا في ذلك في ظل وجود أزمة في التموين خلال هذه المرحلة والإقبال المحموم على الأسواق والزيادة الكبيرة في حجم مقتنيات المواد الغذائية بفعل مخاوف بعض المواطنين من ندرتها ونفاد مخزونها قبل شهر رمضان".

ويشير إلى أن كل هذه العوامل أدت الى ارتفاع كبير في أسعار العديد من المنتجات خاصة السكر والزيت والدقيق والقطاني، مما أثر على القدرات المعيشية للمواطنين، حيث تراوح الزيادات بين 7 و50%.

ويدعو الباحث المستهلكين للكف عن الإقبال على تخزين السلع والمواد الغذائية الخاصة بشهر رمضان لأن ذلك يؤدي إلى ارتفاع أسعارها.

تدخل حكومي متأخر

في بداية العام الحالي اشتكى المستوردون من ارتفاع التعرفة الجمركية مع بداية تطبيق إدارة الجمارك لنظام جديد يعتمد على الفواتير الصادرة عن مصانع وإلغاء نظام التعرفة الجمركية الجزافية، مما أدى إلى مضاعفة أسعار العديد من المواد الغذائية، لكن مع بداية ظهور الفيروس في موريتانيا ألغت الحكومة ضرائب الاستيراد على بعض المواد الأساسية، ورغم ذلك ظلت الأسعار مرتفعة.

وأنشأت الحكومة لجنة وزارية لبحث احتواء أزمة ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية ووضع آلية لضبطها وتقديم مقترحات عملية لضمان حماية القدرة الشرائية للمواطنين، إلا أنها لم تحقق النتائج المرجوة منها وظلت أزمة الأسعار تراوح مكانها.

وفرضت الوزارة على بائعي الخضروات تعليق لائحة الأسعار في محالهم التجارية بطريقة تكون مرئية للزبون، وفق ما تنص عليه مدونة التجارة، بالإضافة إلى تسليم فواتير الشراء من المصدر بشكل يومي لإدارة المنافسة وحماية المستهلك.

ويرى مراقبون أن هذه الإجراءات متأخرة وغير كافية، إذ إن الغلاء ما زال يضرب الأسواق، حيث لم تلتزم أغلب المحال التجارية بالأسعار المحددة، كما أن الاتفاق على خفض الأسعار لم يشمل المواد الأكثر استهلاكا في موريتانيا كالأرز والقمح والألبان والسكر.

المساهمون