انتخابات الجزائر تنطلق وسط برامج اقتصادية متشابهة للمرشحين: شعارات رنانة

12 ديسمبر 2019
المتظاهرون يرفضون الانتخابات الرئاسية (رياض كرامي/فرانس برس)
+ الخط -

 

دقت ساعة اختيار رئيس جديد في الجزائر، إذ أصبح المواطنون، على موعد مع الانتخابات التي انطلقت صباح اليوم الخميس، والتي ستفصل في هوية الرئيس الذي سيخلف عبد العزيز بوتفليقة، من بين 5 أسماء أطلقت برامجها ووعودها ولا سيما الاقتصادية، طيلة شهرٍ كاملٍ، وسط دعوات شعبية لمقاطعة الانتخابات.

برامج رأى مراقبون أن هدفها كان استمالة مشاعر الجزائريين للحصول على أصواتهم، وسط تزايد المخاوف من أن تظل الوعود حبراً على ورق وشعارات رنانة للفوز بالانتخابات، إذ يكاد أغلب المواطنين الذي يواجهون غلاء المعيشة، يفقدون الثقة في وعود السياسيين.

ويقدّم المرشحون لرئاسة الجزائر برامج تتشابه في نقاط كثيرة يبدو تطبيقها على أرض الواقع صعباً إن لم يكن مستحيلاً، وخاصة أن أزمة البلاد الاقتصادية أعمق من الحلول المقدمة.

واحتلت المسألة الاقتصادية حيزا مهما في برامج المرشحين، فيما ينتظر المواطنون أن يحمل الفائز في المعركة مفاتيح مرحلة جديدة تنهي معاناتهم المعيشية. وكانت الأزمات الاقتصادية والمعيشية من الأسباب الرئيسية وراء اندلاع احتجاجات شعبية ساخطة منذ أشهر أدت إلى إطاحة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة.

وفي السياق، يقول الخبير الاقتصادي فرحات علي، إنه "في الجانب الاقتصادي نحتاج إلى أمور ملموسة أكثر من مشاريع انتخابية، فالأولوية للرئيس المقبل تتمثل في معالجة العجز المالي وسط تراجع الإيرادات النفطية".

وأضاف المتحدث لـ"العربي الجديد"، أن "البرامج جاءت دون تقديم ورقة واضحة لتطبيق البرنامج، واللافت مثلا أن أحد المرشحين جاء بنزعة انتقامية ضد رجال الأعمال، وهذا يربك مناخ الأعمال، كما لم يقدم المرشحون وعودا مباشرة لحل الأزمات المعيشية للمواطنين، رغم أن هذه النقطة يمكنها أن تكون ورقة رابحة لأي مرشح لكي يكسب أصوات الناخبين".

وكان المرشح عبد المجيد تبون (شغل منصب رئيس الحكومة في 2017)، قد اختار شعارا لحملته الانتخابية بعنوان "بالتغيير ملتزمون وعليه قادرون" لحملته الرئاسية، بهدف محاربة المال السياسي وتحييد الكارتل المالي عن الحياة السياسية، وذلك بعدما كان الكارتل وراء إقالته في صيف 2017.

ويعتبر تبون أن الكارتل المالي واستحواذ رجال الأعمال على ثروات البلاد والقرار السياسي، جعل الجزائر ضعيفة سياسيا واقتصاديا، بل دفعها إلى السقوط أكثر في مستنقع الاعتماد على أموال النفط. ويقترح تبون دعم روح المبادرة والاستثمار شرط أن يبقى رجال الأعمال خارج اللعبة السياسية.

ووعد تبون المحسوب على نظام بوتفليقة، باسترجاع الأموال المنهوبة من طرف ما يُعرف في الجزائر بـ"العصابة" القابعة وراء قضبان السجن، في وقت قياسي، حيث يؤكد تبون أنه يعرف أين وكيف يسترجع الأموال المنهوبة المقدرة بقرابة 20 مليار دولار.

وكانت محكمة سيدي امحمد الجزائرية قد أصدرت، أول من أمس، أحكاما مختلفة بالسجن على رئيسي الوزراء السابقين أحمد أويحيى وعبد المالك سلال، وعدد من رجال الأعمال البارزين في قضايا فساد، تتعلق بتمويل الحملة الانتخابية لبوتفليقة وتركيب "تجميع" السيارات.

ومن جانبه، ركز الأمين العام بالنيابة للتجمع الوطني الديمقراطي عز الدين ميهوبي (وزير الثقافة 2017-2019)، في دعايته الانتخابية على شعار "ألتزم"، فقد التزم في حال انتخابه بالاستمرار في السياسة الجنائية العامّة، التي تنتهجها المؤسسة القضائية الجزائرية حاليا في محاربة الفساد، لردع المجرمين، واسترجاع ممتلكات الشعب المنهوبة في آن واحد.

كما التزم ميهوبي الذي يعتبر كاتبا وشاعرا، بوضع تعامل جديد مع الطاقة، بإعادة النظر في دفاتر الشروط مع المؤسسات الاقتصادية الشريكة، الراغبة في الاستثمار في مجال الطاقة، مع تفعيل الدبلوماسية الاقتصادية، بتكثيف الوجود الدبلوماسيّ في الدول الصناعية والاقتصادية الكبرى، لإقناع الشركات الكبرى والصغيرة، على حدّ سواء بالتوجه إلى الجزائر للاستثمار الخدماتي والسياحي والصناعي، أو بالبحث عن أسواق للمنتجات الجزائرية وخاصة أفريقيا.

أما المرشح علي بن فليس (رئيس الحكومة سنة 2001)، فرفع شعار "الجزائر بلدنا ورفعتها عهدنا"، وأطلق وعدا ببرنامج "الاستعجال الاقتصادي" يُخرج البلاد من عنق زجاجة الأزمة المالية التي تلازمها منذ 2014، وذلك بتوجيه الإنفاق الحكومي على قطاعات إنتاجية، كالصناعة والزراعة، مع محاربة الفساد، ومراجعة الاتفاقيات الموقعة مع الاتحاد الأوروبي، مع التركيز على دول المغرب العربي، وذلك ببعث اقتصاد متكامل بين دول الاتحاد.

كما اقترح بن فليس الذي نافس بوتفليقة في انتخابات 2004 و2014، وضع ما سماه "اقتصاد السوق الاجتماعي"، الذي يقوم على روح المبادرة والتضامن بين الشعب، والتقسيم العادل للثروة، كما يتعهد علي بأن الدولة ستوفر المناخ الملائم للاستثمار الداخلي والخارجي، وتبعد السياسة عن الفعل الاقتصادي.

عبد العزيز بلعيد، رئيس جبهة المستقبل وأصغر المرشحين الذي يسعى إلى الوصول لقصر المرادية الرئاسي، وضع برنامجا يحمل شعار "الشعب يقرر"، ويرى أنه يجب إعطاء المحيط الاقتصادي عناية نوعية لرفع النمو نحو مستويات عليا وخلق الثروات خارج قطاع المحروقات بمساهمة مشتركة للقطاعين العام والخاص على أن يتمتعا بالفرص وعوامل النجاح نفسها.

ويقترح بلعيد إلغاء قاعدة 49/51 الاستثمارية، وهي القاعدة التي ظلت الحكومات المتعاقبة ترفض مراجعتها أو إلغاءها بحجة أنها تحمي السيادة الجزائرية على الشركات الكبرى.

أما المرشح الخامس، المحسوب على التيار الإسلامي، عبد القادر بن قرينة، صاحب برنامج "الجزائر الجديدة"، فيرى أنه يجب الاعتماد على المؤسسات التي تنتج الثروة، مشددا على التوجه إلى القطاعات التي تساهم في دعم الاقتصاد، منها الزراعة والسياحة والصناعة، مشيرا إلى أنه لا بد من تغيير السياسة الاستثمارية في الجزائر، كما يعتقد بن قرينة أن الصحراء الجزائرية التي يتحدر منها، هي بوابة الخروج من الأزمة الاقتصادية.

المساهمون