قلق مغربي من اتساع الفوارق الاجتماعية... وحكومة العثماني تبحث عن حلول

24 سبتمبر 2018
ازدياد الفقر بسبب تقليص النفقات الاجتماعية (Getty)
+ الخط -

 

تواجه الحكومة المغربية ضغوطا متزايدة جراء اتساع الفوارق الاجتماعية، بينما لا تسمح موارد الموازنة العامة بالتصدي بشكل فعال للمشكلة الحالية، ما دعاها إلى البحث عن وسائل جديدة لمعالجة تلك الفوارق، التي حذرت تقارير دولية ومحلية من تداعياتها.

وذكر المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي المغربي في تقريره السنوي، الصادر يوم السبت الماضي، أن الحركات الاجتماعية (الاحتجاجات) التي نشطت في الفترة الأخيرة، تبرز أن الفقر وبطالة الشباب والفوارق أضحت غير مقبولة من قبل الشباب.

وأوصى المجلس، وهو مؤسسة استشارية مغربية مستقلة تأسست بتوجيه من قبل الملك محمد السادس، بمحاربة الفوارق الاقتصادية والاجتماعية، عبر تدعيم العدالة الاجتماعية وربط المسؤولية بالمحاسبة ومحاربة الفساد.

ويتمثل دور المجلس في إجراء دراسات ومقترحات وتقديمها إلى الحكومة المغربية ومجلسي البرلمان. وأشار إلى أن عدم تقبل الفوارق أضحى سلوكا طاغيا بين المواطنين، لا سيما مع ظل ازدياد معدلات الفقر.

ووفق استطلاع للرأي أجرته أخيرا المندوبية السامية للتخطيط (حكومية)، فإن 64% من المغاربة أكدوا تزايد الفوارق في المغرب، مقابل 7.8% يرون أنها تراجعت.

وعلى الصعيد الدولي، أشار تقرير صادر عن منظمة أوكسفام في يناير/ كانون الثاني الماضي، إلى أن 10% من الأشخاص الأكثر ثراء في المغرب، لديهم مستوى معيشة يتجاوز بنحو 12 مرة مستوى معيشة 10% من الفقراء، وهو فارق لم يتراجع منذ التسعينيات.

وذكرت المنظمة أن المغرب يشهد أعلى مستوى للفوارق في شمال أفريقيا، رغم تراجعها قليلا منذ عقد من الزمن، لافتة إلى أن ضعف النظامين الصحي والتعليمي يفسر التراجع الذي سجله المغرب في مؤشر التنمية البشرية، بعدما حصل على الترتيب 123 ضمن التصنيف الذي يضم 188 بلدا.

ووفق أوكسفام، فإن الأثرياء هم الذين استفادوا أكثر من ارتفاع الثروات، في الوقت الذي يعاني عدد كبير من المواطنين من الهشاشة وقد يسقطون في الفقر بسبب ضعف خدمات الصحة والتعليم، "ما يفرض على الحكومة ومختلف المؤسسات مواجهة هذا الواقع عبر نظام اقتصادي يستفيد منه الجميع وليس بعض المحظوظين فقط".

لكن أحمد الحليمي، المندوب السامي في التخطيط، يعتبر أن النمو الاقتصادي الضعيف، المرتهن لتساقط الأمطار، لا يساهم في توفير فرص عمل ذات كفاءة عالية وتقليص الفوارق الاجتماعية.

وجاءت التحذيرات المتزايدة من تداعيات تزايد الفوراق الاجتماعية، في وقت تضاربت فيه التصريحات الحكومية بشأن مواجهة هذه المشكلة.

وأكد رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، في أكثر من مناسبة أخيرا، أن موازنة العام المقبل، 2019، ستشهد مخصصات مهمة لتلبية المطالب الاجتماعية، خاصة ذات الصلة بتحسين القدرة الشرائية والصحة والسكن. غير أن وزير الاقتصاد والمالية، محمد بنشعبون، قال في مؤتمر دولي عقد في الرباط يومي الجمعة والسبت الماضيين، إن الدولة لا تستطيع لوحدها محاربة الفقر وتقليص الفوارق عبر إيرادات موازنة الدولة.

وأكد الوزير المعين حديثا على رأس وزارة الاقتصاد والمالية بعد إعفاء خلفه محمد بوسعيد، أن عجز الموازنة وديون الخزانة العامة تترك للدولة هوامش قليلة من أجل إرساء عدالة اجتماعية مثلى، داعيا الجماعات المحلية والمؤسسات العمومية والشركات المملوكة للدولة، والقطاع الخاص، والجمعيات والمنظمات الأهلية والمؤسسات الخيرية إلى تقديم مساهمتها في هذا المجال.

ومن جانبه، اعتبر الخازن العام للمملكة، نور الدين بنسودة، أن السلطات العمومية تعترف منذ التسعينيات بانتشار الفقر والإقصاء الاجتماعي، بعد برنامج التقويم الهيكلي الذي رعاه صندوق النقد الدولي في الثمانينيات، بسبب ارتفاع المديونية الخارجية، ما أفضى إلي تقليص النفقات ذات البعد الاجتماعي، مشيرا إلى أن السياسات الاجتماعية باتت تعاني بسبب عدم كفاية موارد الدولة.

ولفت بنسودة إلى انخفاض الإيرادات الضريبية للدولة، لتمثل نحو 18.9% من الناتج الإجمالي المحلي في 2017، بعدما كانت تراوح بين 19% و23% قبل ذلك، مؤكدا أن انخفاض الإيرادات الجبائية، واكبه انخفاض معدل تغطية النفقات بتلك الإيرادات، حيث انتقل من 85% في 2008 إلى 73.6% في 2017.

وأشار إلى أن انخفاض الإيرادات الضريبية له علاقة، في جزء منه، بارتفاع الإعفاءات، التي قدرها تقرير لوزارة الاقتصاد والمالية في العام الماضي بأكثر من 3.2 مليارات دولار.

ويرى خبير المالية العامة، محمد الرهج، أن الإعفاءات الضريبية لم تدرس جدواها رغم مرور سنوات على تمتع المستفيدين منها، مشيرا إلى أن عدم الإحاطة بجميع الموارد يدفع الدولة إلي الاستدانة من أجل تغطية نفقات الاستثمار.

المساهمون