تدابير مالية لتحصين اقتصاد العالم بوجه كورونا

11 مارس 2020
ترامب مجتمعاً بممثلي البنوك الكبرى الأربعاء (فرانس برس)
+ الخط -
يتخذ واضعو السياسات تدابير طارئة لتحصين الاقتصاد العالمي من عواقب انتشار فيروس كورونا المستجد إلا أن قيوداً مالية وسياسية قد تعيق مساعيهم هذه. وساهمت خطط التحفيز التي أعلنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب في بعض التهدئة في الأسواق المالية خلال الأسبوع الحالي، إلا أنها تواجه بعض المعارضة في الكونغرس.

ويتطلع المستثمرون إلى اجتماع للمصرف المركزي الأوروبي الخميس لمزيد من التطمينات بعدما أعلن الاتحاد الأوروبي تشكيل صندوق استثمار بقيمة 25 مليار يورو (28 مليار دولار) لدعم أنظمة الرعاية الصحية والوظائف والشركات الصغيرة.

وقد تماشى ذلك مع نداء لصندوق النقد الدولي دعا فيه إلى "إجراءات كبيرة على صعيد الضرائب والنقد والأسواق المالية" عبر العالم.

وحذّر صندوق النقد من أنّ النمو العالمي قد يتراجع دون نسبة 2.9% المسجّلة العام الماضي مع ازدياد المخاوف من حصول انكماش صريح في بعض الدول التي يضربها الوباء أكثر من غيرها مثل إيطاليا.
وتعهّد بنك إنكلترا الأربعاء اتّخاذ كلّ الخطوات اللازمة لدعم الاقتصاد البريطاني وقد أعلن خفضاً في نسب الفائدة على وجه السرعة ليحذو بذلك حذو الاحتياطي الفدرالي الأميركي.

إلا أنّ نسب الفائدة هي في الأساس في أدنى مستوى ممكن لها في الكثير من الدول إثر عقدٍ من سياسات اتّسمت بالليونة منذ الأزمة المالية في العام 2008، فيما بدأت الحكومات التدخّل مع ما يطرح ذلك من مخاطر انتهاك ضوابط الإنفاق العام.

وتعهّدت إيطاليا إنفاق 25 مليار يورو لمكافحة عواقب الفيروس الاقتصادية وقد حثّت الدائنين على التساهل مع الشركات والأفراد الذين يعانون مشاكل في التسديد.

وقد أدرجت بريطانيا خطة الدعم في الميزانية السنوية. وأعلنت ألمانيا التي لطالما اعتُبرت الحارس الأوروبي الرئيسي للاستقامة المالية، أنها منفتحة على إنفاق أكبر.

سلاح ذو حدّين

وقد يساعد التراجع الكبير المسجّل في سعر النفط في إنعاش الاقتصاد العالمي مع ما يحمله ذلك من مخاطر أيضاً.

وقالت فيكي ريدوود كبيرة خبراء الاقتصاد في "كابيتال إيكونوميكس "في لندن إنّ "التراجع في أسعار النفط سيساعد على خفض التضخّم على المدى القصير إلا أن الخطر الأكبر قد يتأتى من انعكاسات فيروس كورونا المستجد على النشاط الاقتصادي".

فثمة احتمال أن يتراجع الطلب بعد أكثر، على ما أوضحت الخبيرة مع تعليق نشاط المزيد من الشركات ووضع المستهلكين في عزلة لمحاربة الفيروس.

وخفضت الصين التي تعتبر مركز الوباء مع أكثر من 3100 حالة وفاة، نسب الفائدة معلنة سلسلة من الإجراءات لخفض الضرائب أيضاً.

وتبدو في الأفق بارقة أمل مع بدء تراجع أعداد الإصابات الجديدة في الصين. إلا أنّ لا مفر من الأضرار على الربع الحالي من السنة المالية في الصين وعند شركائها التجاريين.

وأعلنت اليابان الثلاثاء حزمة ثانية من إجراءات الطوارئ لمواجهة انعكاسات الفيروس تشمل برنامج قروض بقيمة 15 مليار دولار لدعم الشركات الصغيرة.

وطمأن مصرف اليابان المركزي الذي يجتمع الأسبوع المقبل، المستثمرين بأنه "سيجهد لتوفير السيولة الكافية ولضمان استقرار الأسواق المالية".

الانقسام السياسي الأميركي

وفي حين تعهدت الاقتصادات الكبرى اتخاذ إجراءات حاسمة، تستمر الولايات المتحدة في الغرق في الانقسام الحزبي المألوف فيها.

وقد وعد ترامب بإعلان إجراءات اقتصادية "كبيرة" الثلاثاء وزار الكونغرس في خطوة نادرة لإجراء محادثات مع المشرعين في الحزب الجمهوري.

وتقوم أولوية الرئيس في هذه السنة الانتخابية على خفض ضريبة الدخل لمواجهة فيروس كورونا المستجد. إلا أن الديموقراطيين يقاومون هذا الإجراء فيما يخشى بعض حلفاء ترامب في الكونغرس من كلفته وفعاليته.

كما أن الحرب الكلامية حول الأولويات ورسائل ترامب المتناقضة حول جدية التعامل مع انتشار الوباء لا تساعد كثيراً الشركات التي تريد نهجاً واضحاً من الحكومة.

وقال تشارلي نيذيرتون من شركة "مارش ريسك كونسالتنغ" إنّ "هناك تفاوتاً كبيراً في التواصل في الولايات المتحدة مقارنة مع دول أخرى في العالم. وهذا يفضي إلى استياء".

وأضاف في تصريح لوكالة فرانس برس: "نحتاج إلى استجابة منسقة في ما يتعلق باحتواء الفيروس وتحفيز النشاط التجاري".

لكن في نهاية المطاف، قد يكون لشركات الأدوية دور أهم من أي حكومة أو مصرف مركزي، في عودة الاستقرار الاقتصادي.

وقال الخبراء الاقتصاديون في مؤسسة "أي ان جي" المالية: "بصراحة ما من إجراءات ضريبية أو نقدية تتمتع بتأثير يوازي تأثير التوصل إلى لقاح ضد فيروس كوفيد-19".

وقال رؤساء بنوك أميركية كبرى أثناء اجتماع مع الرئيس ترامب في البيت الأبيض اليوم الأربعاء، إن البنوك لديها قاعدة قوية لرؤوس الأموال ومستعدة لمساعدة الشركات الصغيرة والمستهلكين الأميركيين على اجتياز التفشي الحالي لفيروس كورونا.

وصرح الرؤساء التنفيذيون في "بنك أوف أميركا" و"غولدمان ساكس" و"سيتي" و"جيه بي مورغان تشيس" وبنوك أخرى، إن المصارف في وضع جيد ولا توجد أزمة مالية وإن المصرفيين مستعدون لتقديم سيولة.


(فرانس برس، رويترز)
المساهمون