المركزي الأرجنتيني يرفع الفائدة إلى 40% لإنقاذ البيزو

05 مايو 2018
العملة الأرجنتينية شهدت تدهورا خلال الفترة الأخيرة(فرانس برس)
+ الخط -

رفع البنك المركزي الأرجنتيني معدلات الفائدة على العملة الأرجنتينية بيزو Peso، للمرة الثالثة خلال نفس الأسبوع، بمقدار 675 نقطة أساس أو 6.75%، لتصل إلى 40%، في محاولة لإنقاذ العملة وايقاف الارتفاع في معدل التضخم بالبلاد بعد ان تجاوز 25%

وفاجأ البنك المركزي الأسواق الأرجنتينية أمس الجمعة للمرة الثالثة في ثمانية أيام، بعد أن فاجأهم الجمعة الماضية قبل أسبوع برفع 3%، ثم يوم الخميس التالي 3% أخرى، قبل أن يجري الرفع الأخير.

وجاءت القرارات الثلاثة في غير مواعيد إعلان معدلات الفائدة المحددة سلفاً، حيث اعتاد البنك المركزي إعلانها يوم الثلاثاء كل أسبوعين.

ولم يجر مجلس السياسة النقدية أي تعديل في معدلات الفائدة في اجتماع يوم الثلاثاء الرابع والعشرين من إبريل/نيسان، لكن بعد الاجتماع بعشرة أيامٍ فقط قرر رفع معدلات الفائدة 3% دفعة واحدة، ثم أعقبها برفعين آخرين، ليصل اجمالي ما تم رفعه خلال الأيام الثمانية الأخيرة 12.75%.

وقال البنك المركزي "بالإضافة إلى استخدام معدلات الفائدة، فإن البنك المركزي سيستمر في استخدام كل أدوات التدخل المتاحة في سوق تبديل العملات". وشهدت عدة دولٌ من قبل، منها تركيا وروسيا والصين، قرارات رفع مفاجئة لمعدلات الفائدة دفاعاً عن عملتها المحلية.

وفقدت البيزو ما يقرب من 10% من قيمتها منذ بداية العام وحتى تعاملات يوم الجمعة قبل عشرة أيام، وهو ما دفع البنك المركزي لرفع معدل الفائدة لأول مرة.

وكان الدولار يشترى بأقل من 19 بيزو في بداية العام الحالي، لكنه وصل مع نهاية تعاملات الأسبوع الماضي إلى حوالي 20.70 بيزو.

ولم تفلح الـ3% في تخفيف الضغوط على العملة الأرجنتينية، ففقدت أكثر من 5% عند بدء تعاملات الأسبوع التالي يوم الأربعاء، وكانت السوق معطلة يومي الاثنين والثلاثاء، ثم جاء قرار مجلس السياسة النقدية يوم الخميس متزامناً مع تجاوز الدولار الأميركي مستوى 22 بيزو، إلا أن العملة استمرت في الانخفاض، ووصلت في صباح تعاملات أمس الجمعة إلى مستوى 23 بيزو، وذلك على الرغم من تدخل البنك المركزي في الأسواق وبيعه ما قدره المراقبون بحوالي 7-8 مليارات دولار هذا الأسبوع. لكن بعد الرفع الأخير بـ6.75%، انخفض الدولار وأنهى التعاملات عند سعر 21.7 بيزو لكل دولار.

وقال جابريال جرزتاين، مسؤول استراتيجيات أميركا اللاتينية في بنك بي ان بي باريبا "BNP Paribas “ إن البنك المركزي كان يخفض معدلات الفائدة، بينما كانت توقعات التضخم تسوء، وكان هذا تنبيهاً لإيقاظ المستثمرين الأجانب"

وعانت الأرجنتين مؤخراً، مثلها مثل العديد من الأسواق الناشئة، من ازدياد قوة الدولار مع استمرار نمو الاقتصاد الأميركي وتوجه بنك الاحتياط الفيدرالي نحو الرفع التدريجي لمعدلات الفائدة عليه، مما حدا بالمستثمرين الأجانب للبدء في الخروج من السوق الأرجنتينية لارتفاع المخاطر.

 كما زاد من سوء الموقف عجز سنوي في الميزان التجاري الأرجنتيني يقدر بحوالي 8.5 مليارات دولار سنوياً، الأمر الذي أضعف العملة الأرجنتينية بقدرٍ كبير، فكان أداؤها الأسوأ بين عملات دول العالم، باستثناء فنزويلا بالطبع، خلال الفترة التي مرت من العام الحالي 2018.

ولم يكن ما يحدث هذا العام بجديد على الأرجنتين، فالعملة التي فقدت في 2018 أكثر من 15% من قيمتها، فقدت مثلها العام الماضي، وفقدت 18% من قيمتها في 2016، بالإضافة إلى 34% من قيمتها في 2015، ولذلك فقد بدأ المستثمرون، كما المواطنون، في تذكر أزمتهم المالية التي أدت إلى إفلاس البلاد في 2001، وانهيار العملة المحلية واستبدالها بالدولار الأميركي، وهو ما أفضى إلى خروج التظاهرات، وفقد 22 شخصاً حياتهم وقتها في أعنف اضطرابات تشهدها البلاد في عقود.


وبالإضافة إلى محاربة التضخم، يحاول البنك المركزي الأرجنتيني إغراء المستثمرين، خاصة الأجانب، للاحتفاظ بالبيزو عن طريق رفع معدلات الفائدة عليها، وتعتبر معدلات الفائدة على البيزو حالياً هي الأعلى بين عملات العالم.

وكان المستثمرون الأجانب سعداء بمعدلات الفائدة السابقة، التي كانوا يعتبرونها مرتفعة جداً، وكانوا يعقدون الصفقات التي تعرف باسم "صفقات الاحتفاظ" Carry trade، حيث يتخلون عن الدولار ضعيف الفائدة، ويحتفظون بسندات الحكومة بعملة البيزو، وكانت تدفع أكثر من 25%. لكن الانخفاضات الأخيرة في قيمة العملة عصفت بكل الفوائد التي تم تحقيقها من قبل، وهو ما دعا مجلة فوربس الشهيرة لتحذير المستثمرين يوم الخميس من أن "الوقت قد حان للخروج من السوق الأرجنتينية".



واضطر البنك المركزي للتدخل في سوق العملة، بائعاً ما يقرب من 15% من إجمالي احتياطي النقد الأجنبي لديه خلال آخر أسبوعين فقط، حيث اتجه كثيرٌ من المواطنين أيضاً إلى تحويل مدخراتهم من العملة المحلية إلى الدولار. ومازال البنك المركزي يحتفظ بحوالي 48 مليار دولار من الاحتياطيات.

 لكن معدلات الفائدة المرتفعة لا تكون مفيدة للاقتصاد على المدى الطويل، حيث إنها تعوق نموه، وتؤدي إلى حدوث ركود. ويقول جرزتاين من بنك بي ان بي باريبا "رفع الفائدة تم لوقف النزيف، لكن هذا الوضع يشبه المريض في العناية المركزة، حيث يجب اتخاذ قرارات جريئة قصيرة المدى. لكن لو استقرت حالة المريض، لا بد من اتخاذ قرارات مختلفة لتتحسن حالة المريض ويُشفى تماماً".


وأصدرت الأرجنتين منذ وصول الرئيس موريسيو ماكري إلى الحكم سندات دولية تقدر بأكثر من مائة مليار من الدولارات الأميركية، في محاولة لإخراج الاقتصاد الأرجنتيني من عزلته، ومنها ما كانت مدته مائة عام. لكن مع تزايد مخاطر السوق في البلاد، انخفضت قيمة تلك السندات في السوق الثانوية، بحيث أصبح كل دولار من أصل قيمتها يمكن شراؤه بحوالي 87 سنتا.

وقال رئيس الوزراء للصحفيين "البنك المركزي يسيطر على الموقف، ولا ينبغي أن نقلق من تقلبات أسعار العملة، فهي جزء من تعلم العيش مع نظام سعر صرف متغير"!

 

المساهمون