تونس: ترقب انتعاش السياحة من بوابتي الصين والغرب

04 مارس 2018
آثار رومانية في تونس (GETTY)
+ الخط -

يترقب التونسيون تعافي قطاع السياحة كليا خلال العام الجاري 2018، بعد تخلصه من مخلفات سبع سنوات صعبة تسببت في إغلاق الفنادق وخسائر بالمليارات للاقتصاد.

فمنذ الإعلان عن خطّة لاسترجاع الأسواق المفقودة في 2016، أكّد المهنيون وخبراء السياحة أن الإقلاع الحقيقي يحتاج إلى سنتين على الأقل، وهو ما كشفته النتائج الأخيرة التي أعلنت عنها وزارة السياحة والصناعات التقليدية.

وبعد استعادة ثقة السوق البريطانية وإمضاء اتفاقات مهمة مع متعهدي رحلات صينيين، ورفع الحظر كليا على الوجهة التونسية من قبل عدد من البلدان الأوروبية، قالت وزيرة السياحة سلمى اللومي إن إيرادات القطاع ستنمو بنسبة 25% العام الحالي ببلوغ 8 ملايين سائح للمرة الأولى، مستندة في توقعاتها إلى العودة القوية للحجوزات المبكرة.

وفي الثالث عشر من فبراير/شباط الماضي، أعلن عملاق السياحة البريطانية "توماس كوك" استئناف رحلاته الجوية لنقل السياح إلى تونس بعد توقف دام ثلاث سنوات، إثر العملية الإرهابية التي استهدفت منتجعاً سياحياً في محافظة سوسة (جنوب تونس) وراح ضحيتها أكثر من 30 سائحا بريطانياً.

وتزامن إعلان توماس كوك عن عودة رحلاته إلى تونس مع قرار السلطات اليابانية في 13 فبراير/ شباط الماضي، مراجعة تحذير السفر إلى تونس الذي اتخذته في 2015. كما قالت مجموعة توي الألمانية، إنها تخطط لعرض قضاء العطلات في تونس من جديد بداية من مايو/ أيار المقبل.

ويعتبر خبراء ومهنيو السياحة أن عودة السوق البريطانية عبر كبار شركاتها هو استرجاع للسوق الأوروبية بأكملها، نظراً لسقف الشروط العالية التي تضعها.

وفي حديث لـ"العربي الجديد" قال خالد الفخفاخ، رئيس جامعة (جمعية) الفنادق والنزل، إن كل المؤشرات المسجلة تشير إلى الاقتراب من العودة إلى الأرقام المسجلة سنة 2010 وهي 10 ملايين سائح، مشيرا إلى ضرورة تطوير النتائج الحالية والعمل على خطين متوازيين، وهي استعادة الأسواق وتحسين جودة الخدمات.

وأضاف الفخفاخ أن المهنيين يتطلعون إلى تنويع المنتجات التي تضمن تدفق السائحين على مدار السنة، ومنها سياحة الصحراء والسياحة الثقافية إلى جانب تطوير الإقامات في المنتجعات الريفية، مشيرا إلى أن تحقيق هذه الأهداف سيخلق تنمية وفرص عمل مستمرة في كافة المحافظات، لا سيما التي تعتمد على السياحة الموسمية.

وأكد أن النجاح في جلب السوق الصينية عبر رحلات مباشرة من الصين إلى تونس نقلة نوعية يجب تثمينها، لافتا إلى أن السياح الصينيين يعرفون عالميا بالإنفاق المرتفع، ما سينعش القطاعات الموازية، خاصة الصناعات التقليدية، التي توفر الرزق لنحو 350 ألف حرفي.


واستقبلت تونس
 في الـ 20 من فبراير/ شباط الماضي، أول وفد سياحي صيني بعد سلسلة لقاءات عقدتها وزيرة السياحة مع مسؤولين من الهيئة الوطنية الصينية للسياحة وعدد من كبار منظمي الرحلات.

وقال حسن الزرقوني الخبير السياحي لـ"العربي الجديد" إن السوق الصينية نمت في سنة واحدة بنسبة 150%، باستقطاب 18 ألف سائح في 2017، مقابل 7200 سائح في 2016، لكن هذه الأرقام تبقى ضعيفة مقارنة بسوق السياحة الصيني المقدر بحوالى 130 مليون زائر و300 مليار دولار من الإنفاق سنوياً.

وأشار الزرقوني إلى ضرورة تكييف العرض السياحي التونسي مع هذه السوق الجديدة الواعدة، عبر السماح للسائحين الصينيين باستخدام وسائلهم المعتادة للدفع، المتمثلة في بطاقات الائتمان وتطبيقات الهاتف المحمول.

وفي تصريحات إعلامية مؤخرا، توقع أنور الشتوي، المسؤول في المكتب السياحي التونسي في بكين أن يصل عدد السياح الصينيين المتوجهين إلى تونس إلى 50 ألفاً بحلول عام 2020.
وبحسب بيانات وزارة السياحة، بلغت إيرادات القطاع نحو 1.16 مليار دولار في 2017، بعد أن قفز عدد الوافدين إلى 7 ملايين شخص، مقابل 5.7 ملايين في 2016.

وقال سيف الشعلالي المسؤول الإعلامي في وزارة السياحة لـ"العربي الجديد"، إن استقطاب سوق مهمة بحجم السوق الصينية كان نتيجة لخطة عمل انطلقت الوزارة في تنفيذها منذ بداية 2017، وذلك عبر إعفاء السائحين الصينيين من التأشيرة وإقرار البنك المركزي التونسي لعملة اليوان ضمن سلة العملات الأجنبية المعتمدة.

وأضاف الشعلالي، أن الوزارة تواصل العمل على تطوير مختلف الأسواق بما في ذلك التقليدية منها على غرار السوق المغاربية عبر تطوير وسائل العمل في البوابات الحدودية، وتسهيل تدفق السياح في فترات الذروة إلى جانب توفير عروض مختلفة تتماشى ومتطلبات كل سوق.

ولا تخفي انتعاشة السياحة مخاوف المهنيين من أي انتكاسة جديدة، معتبرين أن التحدي الحقيقي هو ضمان صلابة مستدامة للقطاع تحميه من تداعيات التقلبات السياسية والأمنية في المنطقة، فضلا عن تحسين الوضع البيئي والاهتمام أكثر بنظافة وجمال المزارات السياحية.

ووفق عاملين في القطاع السياحي، قد يعطي تواصل تعافي قطاع السياحة في 2018 بعد رفع الحظر الغربي وعودة شركات الرحلات الأجنبية دفعةً إيجابية قوية للاقتصاد المنهك، ويرفع احتياطي البلاد الضعيف من العملة الأجنبية الذي سجل رقما قياسيا جديداً من التراجع مسجلا 4.6 مليارات دولار، وفق البيانات الصادرة يوم الجمعة الماضي عن البنك المركزي، وهو ما لا يغطي أكثر من 80 يوما من قيمة واردات البلاد.

وتسهم السياحة بحوالى 8% من الناتج المحلي الإجمالي لتونس وتخلق عشرات الآلاف من الوظائف.

المساهمون