لبنان "دولة فاشلة"

08 مارس 2020
الحكومة اللبنانية في مأزق بسبب التوقف عن سداد الديون
+ الخط -


بإعلان رئيس الحكومة اللبنانية، حسان دياب، مساء يوم السبت، أن بلاده غير قادرة على سداد الديون المستحقة عليها اليوم الاثنين بقيمة 1.2 مليار دولار، وأنه سيعمل على إعادة هيكلة الديون من خلال التفاوض مع حاملي السندات، يكون لبنان قد دخل مرحلة جديدة من تاريخه الاقتصادي، وربما السياسي والاجتماعي.

مرحلة من أبرز ملامحها تعميق الأزمة المالية والاقتصادية الحالية التي ثار عليها اللبنانيون يوم 17 أكتوبر الماضي، وخفض التصنيف الائتماني من قبل مؤسسات التقييم الدولية إلى درجة D، وهي ذات درجة الدول المتعثرة عن السداد.

وقد يكون من ملامح المرحلة المقبلة عقب التخلف عن السداد تحرير سعر الصرف والتخلي عن سياسة تثبيت سعر الليرة أمام الدولار، وهي السياسة المطبقة منذ العام 1997، وهو ما يفتح الباب على مصراعيه أمام حدوث موجة عنيفة من التضخم، وارتفاع الأسعار، وانهيار الطبقة المتوسطة، وتأكّل المدخرات، وهروب مزيد من الأموال، وتعمّق ظاهرة "الدولرة"، أي تخلي المدخرين عن العملة المحلية، كذلك قد يجد أكثر من 40% من اللبنانيين أنفسهم قريباً تحت خط الفقر حسب تقديرات البنك الدولي.

وقد يكون من ملامح المرحلة المقبلة كذلك تعثر الدولة اللبنانية ومؤسساتها المصرفية في الحصول على قروض جديدة، وتوقف الدائنين عن الاكتتاب في أدوات الدين الحكومية، سواء السندات أو أذون الخزانة والتي من خلالها تُموَّل الإيرادات العامة ويُغطّى عجز الموازنة، وهو ما قد يؤثر سلباً في احتياطي البلاد الأجنبي الذي وصل إلى مرحلة حرجة، مع صعوبة تدبير موارد دولارية كافية توجه إلى تمويل واردات البلاد من الأغذية والوقود والأدوية وغيرها من السلع الضرورية للمواطن وقطاع الانتاج.

كذلك ستُلقي الأزمة الحالية بظلالها على القطاع المصرفي، في ظل الضغوط الشديدة التي يتعرض لها، سواء من الداخل "ضغوط المودعين الراغبين في سحب أموالهم، وقرار تجميد أصول 21 بنكاً ثم التراجع عنه بسبب مخاطره الشديدة"، وضغوط خارجية ناتجة من تأثير قرار توقف الحكومة عن سداد الديون على سمعة لبنان المالية.

وقد يصاحب المرحلة المقبلة إعلان الدول الدائنة أن لبنان "دولة فاشلة" لينضم إلى نحو 50 دولة سبق أن أعلنت تعثرها عن سداد ديونها، أو أن تعلن مؤسسة مالية دولية عن افلاس لبنان، وهو ما يجعله رهينة لإملاءات الدائنين الدوليين وشروطهم التعسفية، وكذا رهينة للدول الدائنة، سواء الخليجية أو الأوروبية، التي تريد فرض وصايتها على القرار اللبناني.

الفترة المقبلة ستكون صعبة على لبنان واللبنانيين، في ظل مفاوضات صعبة ومعقدة مع المؤسسات الدائنة وحملة السندات خلال الفترة المقبلة، مفاوضات ستستمر لعدة أشهر، كما قال وزير الاقتصاد اللبناني راؤول نعمة أمس الأحد.

وقد يصاحب تلك المفاوضات تزايد الاحتجاجات في الشارع ضد النخبة الفاسدة والسلطة الحاكمة، وبالطبع سيؤثر حراك الشارع بخيارات الحكومة في أسلوب التعامل مع الأزمة الحالية، وما إذا كان رجل الشارع سيكون راضياً عن فتح مفاوضات للحصول على قروض من صندوق النقد الدولي، أم أن هناك رفضا لهذا التوجه الذي سيفرض شروطا مجحفة على الحكومة والمواطن.

دلالات
المساهمون