تتراكم السحب الكثيفة في سماء العلاقات الصينية ـ الأميركية، وسط الغضب الشديد في العواصم الغربية من دور الصين في تفشي الفيروس "كوفيد 19"، واشتعال التوتر العسكري في بحر الصين، والاتهامات الغربية الموجهة لبكين بأنها تستغل الظروف القاسية التي تمر بها دول جنوب شرقي آسيا للتوسع الحدودي.
ولا يستبعد خبراء اقتصاد غربيون، عودة الحرب الباردة، بين بكين وواشنطن خلال الفترة المقبلة، بعد تجاوز أزمة الفيروس التاجي.
ويرى الاقتصادي والأستاذ في جامعة ييل الأميركية، ستيفن أس. روش، في تحليل، أن العلاقات الأميركية الصينية تتجه نحو التأزم في الفترة المقبلة.
ويشير روش، في التحليل، إلى أن الغضب الأميركي من الصين لم يعد فقط يغلي في ردهات السياسة والاقتصاد، ولكنه ينتقل إلى الشارع الأميركي.
ويؤكد توقعات روش، استفتاء حديث أجراه مركز "بيو" الأميركي لاستطلاعات الرأي، أظهر أن 66% من الأميركيين ينظرون حالياً بسلبية للصين وعلاقاتها مع أميركا.
ويشير الاستفتاء إلى أن معظم أفراد الشعب الأميركي غاضبون من صفقات التجارة غير العادلة التي أبرمت بين بلادهم والصين، واستغلال بكين لنظم العولمة والمؤسسات المالية والاقتصادية العالمية مثل البنك الدولي وصندوق النقد لخدمة مصالحها، وهي مؤسسات في نظرهم يمولها دافع الضرائب الأميركي.
وفي ذات الشأن، يرى خبراء أن الولايات المتحدة تتجه، وبتنسيق مع حلفائها في أوروبا وآسيا، لعزل التنين الأصفر تجارياً ومالياً واقتصادياً، في الفترة التي تلي نهاية الفيروس "كوفيد 19".
ومنذ تفشي الفيروس التاجي في أميركا، يتزايد التيار المناهض للصين والمنتقد للعولمة التي يرى خبراء اقتصاد أنها أضرت بالولايات المتحدة أكثر مما جلبت لها من فوائد.
وعلى الرغم من أن العولمة أفادت الشركات الأميركية الكبرى متعددة الجنسيات في توسيع أسواقها والحصول على مزايا الإنتاج رخيص الكلفة في الصين، وبالتالي رفعت من ربحيتها، كما أفادت كذلك سوق المال الأميركي في التوسع.
إلا أن خبراء يرون أن العولمة في الحصيلة النهائية كانت مضرّة للولايات المتحدة، وكانت لها نتائج عكسية على صعيد الاقتصاد الكلي في أميركا وأوروبا واليابان.
من بين هذه النتائج العكسية، كما يلخصها متخصص في العلاقات الأميركية الصينية، تدمير الصناعات في الدول الغربية، والتوسع السريع للاقتصاد الصيني ومنتجاته في الأسواق التي حاصرت تلقائياً الاقتصادات الرأسمالية.
أما العامل الثاني، فيرى محللون أميركيون أن الصين سرقت الملكية الفكرية من الشركات الغربية التي سمحت لها بالتصنيع في أراضيها. وبالتالي استغلت التقنية الغربية في تطوير وتوسيع اقتصادها وصناعاتها الدفاعية. وهذا يُعد من العوامل الاستراتيجية المهددة للأمن الأميركي والأوروبي والياباني في المستقبل.
أما العامل الثالث، فهو التمويل المباشر والضخم الذي حصلت عليه الشركات الصينية من المصارف الغربية، وتحديداً الأميركية، وساهم بتوسعها الاقتصادي والاستثماري.
وتبدو الحكومات الغربية في كل من أوروبا وأميركا واليابان غاضبة من الصين بسبب دورها في تفشي الفيروس التاجي وعدم الشفافية بشأنه.
وفي المقابل، فإن الصين تتهم الجيش الأميركي بأنه السبب في جلب الفيروس للبلاد. وبالتالي، ترغب الدول الغربية أو الاقتصادات الرأسمالية في إنزال أقسى العقوبات بتجارتها واقتصادها.
وقال ترامب، في تصريحات سابقة، إنه سيطالب الصين بدفع غرامات ضخمة، ويريد أعضاء في الكونغرس من ترامب معاقبة بكين بإلغاء الدين الأميركي لصالح الصين والذي يزيد على تريليون دولار، إضافة إلى حث الشركات على إعادة توجيه منتجاتها الطبية إلى الولايات المتحدة. فيما طالبت ألمانيا بكين بفاتورة قدرها 161 مليار دولار.
وكانت إدارة ترامب قد صنفت الصين على أنها "منافس استراتيجي يستهدف تقويض الاقتصاد الأميركي والقيم والمصالح الأميركية"، وذلك في استراتيجية الأمن القومي الأميركي في عام 2017. وعلى نفس المنوال، صنفت دول الاتحاد الأوروبي الصين على أساس أنها مهدد لأمنها القومي.
وفي ذات الصدد، دعا المستشار الأميركي لاري كودلو، الحكومة الأميركية، إلى دفع كلف انتقال الشركات الأميركية المصنعة إلى الولايات المتحدة.
وفي طوكيو، كشفت اليابان عن صندوق بقيمة 2.2 مليار دولار لإغراء الشركات اليابانية على الخروج من الصين كلية.