على وقع تصاعد الاحتجاجات الشعبية الساخطة، تحرّك البرلمان المصري، مؤخراً، من أجل تخفيف الضغوط المعيشية على المواطنين، إلا أن مراقبين أكدوا أن هذه التحركات جاءت متأخرة وغير مجدية، خاصة أن البرلمان كان شريكا في إرهاق الشارع اقتصاديا عبر تمرير جملة من التشريعات التي أدت إلى تقليص الدعم ورفع الأسعار.
كما اعتمد البرلمان موازنات مالية بها مخصصات ضعيفة للصحة والتعليم، بالمخالفة للدستور.
وأعلن رئيس البرلمان علي عبد العال، أمس الأربعاء، استدعاء البرلمان، رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي، وعددا من الوزراء، لإلقاء بيان أمام البرلمان الأسبوع المقبل.
وقال عبد العال، خلال الجلسة العامة للبرلمان: "ثورة مجلس النواب لن تهدأ حتى تصل الحقيقة للناس وحتى تتم محاسبة الحكومة". وأضاف: "البعض تهكّم على البرلمان حينما تحدّث عن إصلاحات"، مضيفاً "العظمة للشعب، لأنه الأبقى ونسير على الطريق الصحيح".
وأكد أن "المؤشرات الاقتصادية لوضع الاقتصاد المصري والتي شهدت إشادة من المؤسسات الدولية تثير الغيرة والحقد والحسد، كما أن هناك غضبا لدى الحاقدين من ترتيب الجيش"، في إشارة إلى ما أثاره الفنان والمقاول محمد علي حول شبهات فساد في مشروعات تابعة للجيش وبناء قصور للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
وكان عبد العال قد تحفّظ في جلسة، أول من أمس، على أداء الحكومة، وصرح بأنه ستكون هناك وقفة شديدة مع الحكومة ولن نترك الشعب ومصالحه بعيدا عن هذه القاعة، ولن نسمح للمسؤولين التنفيذيين بأن يصدّروا المشاكل لرئيس الجمهورية، وعليها أن تحنو على الشعب ".
ومن جانبه، تقدم، أمس، وكيل نقل البرلمان، محمد عبد الله زين الدين، بطلب إحاطة موجّه إلى وزير الكهرباء والطاقة المتجددة محمد شاكر؛ بشأن معاناة المواطنين من التقديرات الجزافية في فواتير الكهرباء، ما يشكل ضغوطًا متزايدة عليهم، خاصة بعد رفع أسعار الكهرباء.
يذكر أن البرلمان صادق على الكثير من التشريعات التي تسببت في زيادة الضغوط المعيشية على المواطنين، وأبرزها مصادقته في شهر يونيو/حزيران الماضي، على خفض دعم الطاقة في الموازنة الحالية، في خطوة مهّدت للزيادات الأخيرة في أسعار المحروقات.
كما خالفت الموازنة الحالية التي أقرها البرلمان نصوص المواد 18 و19 و21 و23 من الدستور، للعام الرابع على التوالي، والخاصة بالتزام الدولة بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومي لا تقل عن 3% من الناتج القومي الإجمالي لقطاع الصحة، و4% للتعليم، و2% للتعليم العالي، و1% للبحث العلمي.
وبلغت مخصصات هذه القطاعات مجتمعة نحو 206 مليارات جنيه من أصل 6.2 تريليونات جنيه جملة الناتج القومي الإجمالي للبلاد، بنسبة لا تجاوز 3.3%، بما يعادل ثُلث المخصصات الدستورية لتلك القطاعات المحددة بواقع 10%.
كما وافق البرلمان على مدار السنوات الأخيرة على ضرائب ورسوم جمركية، ساهمت في زيادة أسعار السلع والخدمات.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل اعتمد البرلمان عددا كبيرا من اتفاقيات القروض، أدت إلى تفاقم الدين العام، ما انعكس سلبا على الأوضاع الاقتصادية للبلاد. وأكد البنك المركزي المصري، أن الدين الخارجي ارتفع إلى 106.2 مليارات دولار، في نهاية الربع الأول من 2019، مقابل 88.16 مليار دولار في نفس الفترة من 2018.
وفي مقابل موافقته على قرارات تقشفية أرهقت المواطنين، رفع البرلمان ميزانيته للسنة المالية الجارية إلى 1.55 مليار جنيه (93 مليون دولار)، بزيادة 151 مليون جنيه عن السنة المالية الماضية، وذلك بهدف زيادة بدلات ومكافآت النواب عن حضور الجلسات واللجان.