عملتي قوّتي.. براءة اختراع سورية

14 يوليو 2019
الليرة السورية فقدت كل عوامل قوتها (فرانس برس)
+ الخط -

أجل لا مستحيل تحت الشمس، وخاصة شمس سورية الحارقة هذه الآونة، التي تشوي النازحين في الكروم والبراري، الهاربين من استمرار قصف آخر مبتكرات روسيا الحربية، عبر تجارب مستمرة منذ خمسة أعوام لنحو مئتي سلاح، أكدت تفوق الصناعة الروسية وزادت مبيعاتها بأكثر من 25% وزادت عن 20 مليار دولار.

فتحت هذي الشمس ثمة فطاحل اقتصاديون أيضاً، يستطيعون عبر شحذ الهمم و"يا الله شباب" التغلب على أكثر الأمراض النقدية استعصاءً. ويحولون ربما، مع تصاعد درجة حرارة الغيرة الوطنية ومحبة القائد، الليرة السورية إلى سلّة وحدة حقوق السحب الخاصة، كخامس عملة رئيسية يسعى إليها المكتنزون والمدّخرون حول العالم.

ويؤكدون لمن يهمه العلم والأمر، أن الاحتياطي النقدي الأجنبي وحجم الصادرات وتهافت السيّاح وسواها، ليست أسباباً كافية لقوة واستقرار النقد، إن لم يدخل حب السيد الرئيس والوطن بمقدمتها.

ولأن التجربة أكبر برهان، أطلق اتحاد غرف التجارة السورية قبل أيام، مبادرة لدعم العملة السورية بعنوان "عملتي - قوتي"، وذلك عبر حث التجّار على تبديل مبلغ 100 دولار إلى الليرة السورية.

وتتمة المبادرة تقول، إن التعميم سيطاول كافة المنتسبين للغرف التجارية بسورية، ليبدلوا - إلزامياً - المئة دولار، ووفق السعر الرسمي لمصرف سورية المركزي، أي بسعر 435 ليرة للدولار، لا بسعر السوق 590 ليرة.

ولمن يخطر له أن يسأل عن هذا الفارق الهائل، بين السعر الرسمي والسعر بالسوق، نقول إن هذه من لزوميات العبقرية السورية التي يصعب على أمثال، وارن بافيت وميلتون فريدمان فهمها.


أمام هذا الحدث الاقتصادي الفريد، سنقف فقط على أمرين اثنين.

الأول، عدد تجار سورية المنتسبين للاتحاد، الذي تراجع من نحو 9700 تاجر قبل الثورة عام 2011، إلى نحو 5 آلاف تاجر اليوم.

لكن وبعيداً عن التراجع وهجرة كبار تجار وصناعيي سورية، هرباً من الابتزاز ونيران الحرب، نسأل عن جدوى 500 ألف دولار، بتحسين سعر صرف عملة، فقدت عبر سني الحرب الثماني كل عوامل قوتها، بل باتت عبئاً على حامليها، بعد تراجع سعرها بأكثر من 1000% وقت لم يكُ سعر الدولار يزيد عن 45 ليرة مطلع عام 2011.

طبعاً، إن فرضنا جدلاً، استجابة جميع المنتسبين لغرف التجارة للمبادرة الحكيمة، ولم نقس أثر المبلغ بجلسات التدخل المباشر التي اعتمدتها حكومة الأسد وعبر سنوات، عبر ضخ أكبر من هذا المبلغ بالأسواق، وكل أسبوع، ولم تحدث تبديلاً أو تحسن من سعر الليرة المتهاوي.

أما الأمر الثاني، هل ستسعف تلك التبديلات الإجبارية، المصرف المركزي بسورية، بعد أن بدد 18 مليار دولار، وأعلن منذ ثلاثة أعوام، وفق تقرير البنك الدولي، تراجع الاحتياطي النقدي إلى 700 مليون دولار.

وأيضاً، هل إن تنفست خزائن المصرف الصعداء بعودة الأخضر إلى خزائنها، يمكن أن تعيد تمويل العمليات التجارية وتسعف المستوردين بالدولار، أم ستدفعهم بعد الإتاوة، لشراء الدولار من السوق السوداء ليعود سعر الليرة للتهاوي... وتطلب ربما إسعافاً جديداً.

المساهمون