الحصار يسرق بهجة عيد الفطر في قطاع غزة

25 يونيو 2017
احتجاجات بالشموع بعد انقطاع الكهرباء في غزة (Getty)
+ الخط -
يسرق الحصار الذي تفرضه إسرائيل على سكان قطاع غزة والضائقة المالية فرحة العيد، ولكن رغم هذه الظروف القاسية تسعى العائلات الفلسطينية إلى إدخال الفرحة لأطفالها في العيد، عبر تجهيز وشراء ما تستطيعه في هذه المناسبة السعيدة. 

وتتصدر أصناف الحلويات والكعك أولويات العائلات في قطاع غزة في عيد الفطر، إلا أن معدلات الشراء تبقى متدنية بسبب التدهور الاقتصادي الحاد الحاصل في القطاع منذ سنوات.

وشهدت الأسواق المحلية في قطاع غزة طوال الأيام الخمسة الأخيرة من شهر رمضان ازدحاماً شديداً مع بلوغ الحركة التجارية ذروتها لما يعتبره التجار موسماً مفضلاً ممثلاً بحلول عيد الفطر.

وعمد أصحاب المحلات التجارية في شارع عمر المختار وسوق الزاوية الشعبي القريب إلى عرض أكبر قدر من بضائعهم، خاصة تلك المتخصصة بالملابس والأحذية والأدوات المنزلية والحلوى لجذب أكبر عدد من الزبائن.

كما انتشرت عشرات البسطات الصغيرة لشبان يجدون في موسم العيد فرصة لكسب بعض المال يعرضون فيها بضائع متنوعة خاصة حلويات ومكسرات وكعك العيد المفضلة للعائلات.

ويقول المسن أبو صلاح أبو سيدو، في تقرير لوكالة "شينخوا"، بينما كان يتجول في جنبات السوق إنه اقتنى كميات وفيرة من الحلويات والكعك لعائلته المكونة من 13 فرداً كونها أكثر مظاهر بهجة العيد. ويضيف أبو صلاح، أنه يحرص كذلك على شراء كميات مماثلة من الحلويات والكعك لتقديمها كهدايا إلى جانب العيدية المالية لبناته المتزوجات وشقيقاته عند زيارتهم في أول أيام العيد.

ويتراوح سعر كيلو الكعك الجاهز المحشو بالتمر والجوز في قطاع غزة بين 15 و28 شيكلا إسرائيليا (الدولار الأميركي يساوي 3.50 شيكل).

من جهتها، فضلت السيدة أم محمود بدر شراء المواد الخاصة بصنع الكعك من طحين وسميد وزبدة وسكر وتمر، حتى تقوم بخبزه بنفسها في منزلها مع أفراد عائلتها.

وتعتبر أم محمود أن خبر الكعك في المنزل يدخل البهجة أكثر في نفوس أطفالها ويعبر لهم أكثر عن بهجة حلول العيد. كما أنها تشير إلى أنها تلجأ إلى خبز الكعك في منزلها لتفادي ارتفاع تكاليف أسعار الجاهز وحتى تضع بصمتها الخاصة في إعداده كما ترغب به عائلتها.

وعادة ما تتحول الكثير من المنازل في قطاع غزة إلى ورش لصنع الكعك والحلوى في الأيام الأخيرة قبل حلول عيد الفطر بحيث تتفق بعض النساء الصديقات على التجمع في منزل إحداهن للعمل سوياً. ومن المظاهر الثابتة لحلول عيد الفطر في قطاع غزة عرض كميات كبيرة من السمك المملح بأنواع مختلفة والذي يحظى بإقبال واسع من العائلات عليه.

وتقول السيدة فاطمة خضر وهي أم لسبعة أطفال، إن الإفطار أول أيام العيد بالسمك المملح يعد "أمراً مقدساً" بالنسبة لعائلتها وأغلب سكان قطاع غزة.

ويعرض السمك المملح على عشرات البسطات في آخر أيام رمضان استعداداً لتجهيزه من العائلات فور العودة من أداء صلاة العيد. ويقول الشاب سامح السكني (25 عاماً)، إنه يعمل في بيع السمك المملح منذ ثمانية أعوام متتالية، ويعد حلول عيد الفطر موسماً خاصاً لهم نظراً لأن تناوله عند الإفطار أول أيام العيد يعد أمراً شائعاً جداً لدى العائلات في قطاع غزة.

لكن السكان يشتكون من آثار الركود التجاري الحاصل في قطاع غزة، والذي أدى إلى خفض معدلات مبيعاتهم مقارنة بسنوات سابقة، مشيراً إلى أن القدرة المالية لدى الزبائن محدودة جداً بفعل ما تعانيه من أعباء.

ويقول تجار آخرون إن معدلات البيع لمستلزمات العيد ما زالت بمعدلات ضعيفة رغم تبقي ساعات فقط على حلول عيد الفطر. وبفعل الركود الحاصل عمد التجار إلى الإعلان عن حملات لتخفيض الأسعار أملا في جذب أعداد أكبر من المتسوقين.

ويقول تاجر الملابس خميس الطبطيبي، لـ "شينخوا"، إنه لم يبع سوى 30% من إجمالي بضاعته التي جهزها لعيد الفطر لهذا للعام ولا يرى أن الحركة التجارية مبشرة للأفضل قبل حلول العيد.

ويعتبر الطبطيبي أن التراجع في معدلات البيع تعانيه أسواق قطاع غزة منذ عدة سنوات، لكن هذا العام قياسي وغير معهود بسبب "قلة مستويات دخل العائلات" واعتماد الميسورة منها على صرف الرواتب الحكومية. ويعاني قطاع غزة ركوداً اقتصادياً منذ فرض إسرائيل حصاراً مشدداً عليه منتصف عام 2007.

ويتضمن الحصار على القطاع الذي يقطنه أكثر من مليوني نسمة قيوداً مشددة على حركة المعابر البرية ومسافة الصيد البحرية.

ودفعت سنوات الحصار المتتالية إلى تفاقم أزمات نقص الخدمات الأساسية لسكان قطاع غزة وأن تصبح نسبة البطالة في أوساطهم من بين الأعلى في العالم بحيث وصلت حتى نهاية عام 2016 إلى 41.7% من إجمالي السكان بحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني.

ويقول اقتصاديون إن ما زاد من التدهور التجاري في قطاع غزة هذا العام إجراءات السلطة الفلسطينية في خصم جزء من رواتب موظفيها في قطاع غزة بما يتجاوز 30% خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة.

وبالإضافة إلى التدهور الاقتصادي المذكور يعاني السكان، وفق "شينخوا"، من سلسلة أزمات تتعلق بنقص الخدمات الأساسية خاصة عجزا بنحو 70% من احتياجاته من الكهرباء، وارتفاع معدلات تلوث مياه الشرب واستمرار إغلاق معبر رفح مع مصر.
(العربي الجديد)
المساهمون