هكذا تستخدم الجمال في تهريب الذهب السوداني

19 مايو 2019
مواطنون يحصلون بهذه السهولة على الذهب (Getty)
+ الخط -

في الوقت الذي يتضور فيه المواطنون السودانيون جوعاً ويقف الناس في طوابير طويلة للحصول على الخبز والوقود، تشترك أجهزة أمن الرئيس المخلوع البشير وعصاباته من التجار بتهريب الذهب السوداني، تارة عبر مطار الخرطوم إلى دبي، وأخرى عبر الحدود الغربية إلى تشاد، وثالثة عبر تجارة الجمال إلى مصر.

وتتعاون أجهزة النظام المخلوع في معظم عمليات التهريب، إذ كشفت تحقيقات أن بعضهم بات يملك ثروات طائلة من خلال أخذ حصة من الثروات المهربة.

ولجأ مهربو الذهب في السودان في الآونة الأخيرة إلى أرحام النوق لتهريب الذهب الذي استخرجوه إلى تجار مصريين بواسطة القبائل الحدودية عبر الصحراء (الرشايدة والبشاريين والتي تنشط في تجارة الإبل مع مصر)، وذلك حسب تقرير نشرته وكالة "رويترز" قبل أيام.

ويقدر الفرق بين المنتج من الذهب في السودان وبين المصدر إلى الخارج بقيمة تتراوح بين 3 و4 مليارات دولار سنوياً، ويمثل تصدير الذهب نسبة 37% من إجمالي صادرات البلاد خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة، حسب تقرير وزارة المعادن السودانية.

ووفقاً لرئيس شعبة مصدري الذهب عبد المنعم صديق، وهي إحدى شعب الغرفة التجارية السودانية، فإن ما نسبته 70% من إنتاج الذهب في السودان يهرب إلى مصر عبر الطريق البري.
ويروي أحد تجار الذهب وهو شاهد عيان، تفاصيل عملية وضع وإخراج ما بين 3 و5 كيلوغرامات من الذهب داخل رحم ناقة ولفها بقطعة من القماش تسمى (بالدبوكة) بواسطة رعاة الإبل الذين يستخدمهم مهربو الذهب ويتمتعون بمهارات عالية في طرق التهريب.

ويقول سعد الدين شرف معدن في منطقة البطانة شرق السودان: "هذه المنطقة فيها مناجم ذهب بعيار عال جداً يصل إلى (999) قيراطا، إلا أن مندوبي البنك المركزي الموجودين بالنافذة يحسبون سعر الكيلو فيه كما سعر العيار الأقل، لذا ألجأ إلى بيعه لمن يقيم عياره، ويعرض تجار الذهب مبلغ ( 40) ألف دولار لكيلو الذهب ذي العيار العالي، ويكون الدفع حسب رغبة البائع بالعملة الصعبة أو العملة المحلية.

وسعد واحد من أكثر من مليون سوداني وفقا لأحدث تقارير وزارة المعادن يعملون في التنقيب عن الذهب ويعقدون الصفقات لبيعه بسوق الذهب، وسط العاصمة الخرطوم، بعيداً عن أعين السلطات الأمنية المنتشرة بكثافة في هذا السوق.

أما التاجر أسامة حسب الرسول فيستخدم طريقة أخرى لتهريب الذهب عبر البر بإخفاء الكميات التي يشتريها داخل جوالات محصول السمسم الذي يصدره إلى مصر ويستند إلى التسهيلات الممنوحة لتجارة الحدود بين البلدين وغياب أجهزة الكشف والموازين بنقاط التفتيش إلى جانب قلة عدد قوات مكافحة التهريب في الطريق البري إلى معبر ارقين وهي النقطة الحدودية مع مصر.

ويؤكد المستشار المالي لشركات حكومية لها فروع في الخارج، وهو طه حسين، أن عدم عدالة البنك المركزي في تقييم سعر غرام الذهب وفقا لعياره واحد من الأسباب التي دفعت بالمعدّنين لبيع إنتاجهم بعيدا عن المنافذ الرسمية.
وكان محافظ البنك المركزي، حسين يحيى جنقول، قد كشف في العام الماضي، عن انخفاض في موارد النقد الأجنبي بسبب انخفاض مشتريات وصادرات الدولة من الذهب وانخفاض التحويلات إلى الداخل في بيان له أمام البرلمان.

وفي الصدد ذاته، تمكنت قوات الدعم السريع السودانية من ضبط طائرة تابعة لشركة عربية وهي بصدد تهريب كميات كبيرة من الذهب في ولاية نهر النيل. ولم تكشف السلطات السودانية تبعية الشركة، إلا أنها أكدت أنها فتحت تحقيقا في الواقعة.

وعلى الرغم من أن نظام البشير لم يهتم بإجراء مسح للثروات المعدنية في البلاد، إلا أن تقارير رسمية، تشير إلى أن السودان لم يستهلك بعد سوى 1% من احتياطاته من الذهب والمعادن الأخرى، والتي تقدر وفقاً لوزير التعدين الأسبق، هاشم علي سالم، بنحو 500 طن من الذهب، و1.5 مليار طن من الحديد، ومخزون لنحو 40 معدناً آخر، علاوة على الأحجار الكريمة والنادرة.

ولم تتوقف حيل تهريب الذهب على الجِمال، وغشّ بنك السودان، ولكنه امتد لاستخدام حلي النساء بصورة أساسية، من خلال ارتداء الذهب كحلي وأساور خاصة، وتأجير فتيات للقيام بذلك عبر رحلات منتظمة إلى دبي، واسترداد الذهب بعد انقضاء مهمة التهريب، أو إخفائه في مناطق حساسة داخل أجسادهن، يصعب إخضاعها للتفتيش، بل وصل الأمر إلى درجة فتح أجزاء تحت الجلد وإخفاء الذهب فيها ثم خياطتها.
دلالات
المساهمون