إيران تلجأ إلى جيرانها في مواجهة الضغوط الأميركية المتصاعدة

18 يونيو 2019
من اجتماعات اللجنة المشتركة في طهران (فرانس برس)
+ الخط -

أمام تفاقم وضعها الاقتصادي يوماً بعد يوم على خلفية الضغوط الاقتصادية الأميركية المتزايدة، التي استهدفت جميع القطاعات الاقتصادية الرئيسية في البلاد، تجد إيران في تعزيز علاقاتها الاقتصادية مع جيرانها "خياراً استراتيجياً" لتخفيف وطأة العقوبات الأميركية، بما يمكّنها من مواصلة "الصمود" في وجهها من دون أن تدفع ثمناً سياسياً.

وفي هذا السياق، أكد وزير الطاقة الإيراني، رضا أردكانيان، اليوم الثلاثاء، أن بلاده تنظر إلى التعاون مع جيرانها "وفق رؤية استراتيجية انطلاقا من القناعة بأن تنمية العلاقات الاقتصادية معهم يزيد من قدرتنا والدول الجارة لنا على الصمود في مواجهة التهديدات".

وجاء ذلك خلال مؤتمر صحافي عقده أردكانيان مع نظيره الروسي، ألكسندر نوفاك، في مدينة أصفهان وسط إيران، بعد ختام مؤتمرين وصفا بأنهما "مهمان"، عُقدا على مدى الأيام الثلاثة الأخيرة، لتحقيق هذه الرؤية الإيرانية، وهما المؤتمر الخامس عشر للجنة المشتركة للتعاون الاقتصادي والتجاري بين إيران وروسيا والندوة الثانية لآفاق التعاون التجاري والثقافي بين إيران ومنطقة القوقاز الشمالي في الاتحاد الروسي.

وأكد أردكانيان أن منطقة القوقاز الشمالي بعدد سكانها البالغ 10 ملايين نسمة "تحتل موقعا حيويا في تنمية العلاقات التجارية بين إيران وروسيا، وأنها تشكل بوابة لتصدير السلع بين البلدين".


كذلك أشار أردكانيان إلى أنه بعد موافقة البرلمان الإيراني خلال الأسبوع الماضي على تشكيل منطقة "التجارة الحرة" بين إيران واتحاد أوراسيا الاقتصادي "سيزداد تعاوننا الاقتصادي مع الجيران" وستنخرط إيران في هذا الاتحاد.

وأكد الوزير الإيراني أنه "بعد إنشاء هذه المنطقة سوف نشهد تأثيرها على أسواق الاتحاد، التي تغطي 200 مليون نسمة".

وبينما تواجه دول العالم، بما فيها الدول الجارة لإيران، صعوبات كبيرة في التجارة معها بسبب العقوبات الأميركية التي تطاول كل دولة بصدد مواصلة هذه التجارة، حاول وزير الطاقة الإيراني التركيز خلال مؤتمره الصحافي على المزايا الاقتصادية التي توفرها بلاده لشركائها الاقتصاديين، مشيرا في هذا السياق إلى أنه في حال اكتمال مشروع "ممر الشمال/ الجنوب" وتنفيذه، فإنه يمثل "امتيازا للدول الجارة لتصدير منتوجاتها عبر طريق أقصر إلى الخارج".

وتولي إيران أهمية كبيرة لهذا الممر الذي يتشكّل من خطوط بحرية وبرية وسكك حديدية، ومن المقرر أن يربط المحيط الهندي ومنطقة الخليج مع بحر قزوين مروراً بإيران، ثم يتوجه إلى سان بطرسبرغ الروسية ومنها إلى شمال أوروبا، وسينقل سنويا 10 ملايين طن.

ويعتبر هذا المشروع إحدى أرخص الطرق الرابطة بين قارة آسيا وأوروبا وبذلك ينافس قناة السويس، إذ إن تكاليف النقل عبره تتقلص بمقدار 2500 دولار مقابل كل 15 طنا، هذا فضلا عن أن ذلك يستغرق 14 يومًا فقط، في مقابل 40 يومًا عبر طريق قناة السويس.

ويمكّن هذا المشروع في حال تدشينه إيران من التحكم في حلقة وصل حيوية بين آسيا وأوروبا. أما روسيا فسيمنحها الممر إيرادات اقتصادية هائلة، وسيتيح لها مدخلاً استراتيجياً إلى مياه المحيط الهندي.

وأشار أردكانيان إلى أن وزارتي الزراعة الروسية والإيرانية قد توصلتا إلى "اتفاقية جيدة" لتطوير العلاقات التجارية بينهما، معرباً عن أمله في أن تدخل حيز التنفيذ بعد رفع "مشاكل مصرفية".

وأشار إلى "مباحثات مهمة" بين وزراء النفط الإيراني والروسي خلال الأيام الأخيرة، حول تعزيز التعاون بين البلدين في مجال النفط والغاز، من دون أن يكشف عن فحوى هذه المباحثات.

ومن جهة أخرى، أكد أردكانيان أن بلاده قد أجرت "مباحثات مكثفة" أيضاً مع جيرانها في الشمال، بمن فيهم روسيا وأرمينيا وأذربيجان وجورجيا لإنشاء شبكة كهرباء موحدة، مضيفا أن تطبيق ذلك يدعم استدامة شبكة الكهرباء لهذه الدول ويرفع مستوى تبادل الطاقة الكهربائية بينها.

وكشف وزير الطاقة الإيراني عن التوقيع على 12 مذكرة تعاون مع روسيا في مجال الطاقة الكهربائية، خلال المؤتمر الخامس عشر للجنة المشتركة للتعاون الاقتصادي والتجاري بين إيران وروسيا والندوة الثانية لآفاق التعاون التجاري والثقافي بين إيران ومنطقة القوقاز الشمالية في الاتحاد الروسي.

وأعرب المتحدث الإيراني عن أمله في أن يتم خلال الشهرين المقبلين بدء تنفيذ مشروع إنشاء 4 محطات حرارية في محافظة هرمزغان جنوبي إيران بقدرة استيعابية تبلغ 1400 ميغاوات، بعد التوقيع على اتفاق بهذا الشأن بين وزارة الطاقة الإيرانية ونظيرتها الروسية.

أما وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك فأكد خلال مؤتمره الصحافي مع نظيره الإيراني في لأصفهان بعد ثلاثة أيام من مباحثات مكثفة بين وفدي البلدين خلال المؤتمرين المذكورين، أن "العلاقات التجارية بين إيران وروسيا ضاربة في عمق التاريخ"، مشيرا إلى أن الجانبين بصدد تطوير هذه العلاقات بشكل كبير.

وفي هذا السياق، أوضح أن التبادل التجاري بين البلدين شهد ارتفاعا بنسبة 7.4% خلال العام الأخير، بعد تنمية الروابط التجارية في مجالات الطاقة والنقل والجوفضاء والزراعة.

ووصل حجم التبادل التجاري بين إيران وروسيا خلال عام 2018 إلى قرابة ملياري دولار سنويا.

ولفت إلى أن طهران وموسكو بصدد تطوير التعاون في مجالي السكك الحديد والبحري، مضيفا أن المبادلات المصرفية بين الجانبين "قد سجلت نموا بنحو 20% مقارنة بالسنوات الماضية، ونسعى إلى تعزيزها أكثر من ذلك".

المساهمون