يواصل الفساد نخر العراق، رغم الإجراءات الحكومية التي تستهدف محاصرته. وكشفت إحصائيات برلمانية حديثة عن وجود أكثر من 6 آلاف مشروع وهمي منذ عام 2003 كلفت العراق ما قيمته 178 مليار دولار.
في هذا السياق، قال مسؤول عراقي في مكتب رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، إن المشاريع الوهمية 30 بالمائة منها تمت برعاية الأميركيين، وهناك ضباط وحلقات أميركية مختلفة إبان الاحتلال تتورط معها.
وأضاف المسؤول الحكومي، الذي طلب عدم ذكر اسمه لأنه غير مخوّل للتحدث لوسائل الإعلام، أن النسبة المتبقية من المشروعات الوهمية، البالغة 70 بالمائة، تمت في زمن الحكومات العراقية المتعاقبة بعد رحيل الأميركيين، وأكثر الفترات التي شهدت مشاريع وهمية كانت في عهد حكومتي نوري المالكي الأولى والثانية، بينها مجمعات سكنية وسياحية وأخرى خدمية قام هو بنفسه بوضع حجر الأساس لها لكنها انتهت إلى المجهول ولم تر النور، رغم أن مبالغها تم صرفها من الموازنة العامة.
وحول ما إذا كان للحكومة الحالية قدرة على فتح هذا الملف، قال المسؤول: "سيكون ملفاً خطيراً جدا، لأن كثيرا من الزعامات السياسية متورطة فيه، إذ لن يشمل المالكي فقط، بل أغلب القيادات السياسية الحالية في البلاد".
اقــرأ أيضاً
ويعاني العراق منذ سنوات من فساد كبير، ويأتي في المرتبة الـ12 بين الدول الأكثر فساداً في العالم، وفقاً لأحدث تقرير لمنظمة الشفافية الدولية.
من جهته، قال عضو لجنة الاقتصاد والاستثمار في البرلمان، رياض التميمي، لـ"العربي الجديد"، إن "القرار رقم 347، الذي أقر قبل سنوات، أتاح للشركات أن تعمل على فسخ عقد برضى الطرفين أو تسوية أو إكمال أو استثمار المشروع الذي تعمل به"، مشيراً إلى أن "هذا القرار سيئ وأهدر أكثر من 4 آلاف مشروع كبنى تحتية منذ 2008 ولحد 2014 وتسبب في هدر المال العام".
ولفت إلى أن "الفاسدين استغلوا هذا القرار لمصالحهم الخاصة ومن أجل أجندات فساد، وهذا مثبت ومشخص وعلى مستوى لجنة تحقيق بهذا الموضوع". واتهم التميمي "كل المحافظين بالمخالفات القانونية في تنفيذ المشاريع".
وأكد نواب أن المشاريع الوهمية أثرت سلبا على كافة مفاصل الدولة ومؤسساتها، ومنها المؤسسة التعليمية.
وقال النائب علاء الربيعي، إن "وزارة التربية منذ 2011 هدمت 1500 مدرسة في عموم العراق، على أساس بناء مدارس جديدة محلها"، وكشف لـ"العربي الجديد"، أنه "حتى اللحظة لم تنشأ مدرسة واحدة منها، واندرجت ضمن المشاريع الوهمية، والوزارة لم تحاسب المقصرين والفاسدين في هذا المشروع، الذي هو الآن في درج رئاسة الوزراء".
وأشار إلى أن "العراق بحاجه إلى أكثر من 10 آلاف مدرسة، ونحن مقبلون على عام دراسي جديد، إلا أن هناك نقصا في الأبنية المدرسية انعكس سلباً على التعليم في العراق".
وأكد الربيعي أن "الموازنات الانفجارية خصصت فيها أموال هائلة لإنشاء مشاريع كبيرة، لكن في الحقيقة أن ما يقارب 2000 مشروع لم تبصر النور، ولم تبنَ حتى هذه اللحظة، منها مستشفيات ومدارس ومشاريع طرق ومشاريع أخرى متوقفة".
ويحمّل نواب، الأجهزة الرقابية في الدولة، مسؤولية التقصير إزاء ملفات الفساد والمشاريع الوهمية. وقال عضو لجنة النزاهة البرلمانية كاظم الصيادي، لـ"العربي الجديد"، إن "الأجهزة الرقابية في الدولة كانت سيئة جداً في مراقبة المال العام ومتابعته"، ورأى أن "الرقم المعلن للمشاريع الوهمية قد يكون أقل من الرقم الحقيقي، فهناك تعتيم على قضية الفساد في الدولة، وعدم إظهار سرقة أموال الشعب، والكتل السياسية مشتركه في الفساد".
أما عن أبرز القطاعات التي طاولتها المشاريع الوهمية، فقد حل قطاع الإسكان في المرتبة الأولى ثم الزراعة وقطاع الصحة ثم التربية، عدا عن البنى التحتية كالطرق والجسور وشبكات الصرف الصحي، بحسب مسؤول في ديوان الرقابة المالية، تحدث لـ"العربي الجديد"، وشدد على أن الحديث يدور عن 200 تريليون دينار تقديري وقد يكون أكثر.
وتساءل المسؤول، الذي فضّل عدم ذكر اسمه، عن مشاريع نوري المالكي التي أعلنها جنوباً في ولايته الثانية، ولماذا لا تتم محاسبته عنها؟ وأين الأموال التي صرفت لها؟ مؤكدا أن محافظات بغداد وبابل وكربلاء والبصرة أكثر محافظات العراق التي طاولتها المشاريع الوهمية في البلاد.
اقــرأ أيضاً
ويقدر الدخل القومي العراقي منذ عام 2004 ولغاية الآن بأكثر من تريليون دولار، بالاعتماد على عائدات النفط المصدّر في الفترة ذاتها، عدا عن حصول الحكومات عقب الاحتلال على قرابة 200 مليار دولار عبارة عن منح وقروض ومساعدات مختلفة، غالبيتها قدم من الولايات المتحدة ودول أوروبية مختلفة، إلا أن البلاد وحتى الآن تعاني من انهيار واضح في قطاعات الصحة والتعليم والخدمات كالمياه والكهرباء، عدا عن تهالك البنى التحتية التي لم يجرِ عليها أي تحديث أو إضافة، رغم زيادة عدد السكان في البلاد إلى قرابة 40 مليون نسمة، مقارنة بما كان عليه قبل الاحتلال بنحو 29 مليون نسمة.
وحول تأثيرات تفاقم الفساد وإهدار المال العام، يقول الخبير الاقتصادي العراقي علي النواب إن الحكومة لن تنجح في مسعى جذب المستثمرين الأجانب، ومنهم الصينيون، إلى ساحتها، ما لم تمنحهم ثقة بأنهم لن يكونوا عرضة للابتزاز أو المشاكل، فنفوذ المليشيات وصل إلى التدخل في عمل الشركات والمستثمرين، مضيفاً أن الفساد ينخر المؤسسات الحكومية، وهناك ارتباك في قوانين الاستثمار.
وأشار إلى أن أسباب إخفاق رئيس الوزراء حيدر العبادي في زيارته للصين عام 2015 ما زالت قائمة، ولم تتغير في حكومة عادل عبد المهدي، بل قد تكون زادت.
ويأتي ذلك بالتزامن مع الزيارة التي يجريها عبد المهدي إلى الصين، والتي اعتبرت اقتصادية أكثر من كونها سياسية وتهدف إلى جذب الشركات الصينية إلى العراق للدخول ضمن قطاعات عديدة، وأهمها السكن والطاقة والبنى التحتية.
وأمس الأحد، قال بيان لمكتب رئيس الوزراء العراقي إن عبد المهدي عقد، فور وصوله إلى بكين، محادثات مع مسؤولين صينيين تركزت حول رؤية الحكومة لعلاقة التعاون والشراكة بين البلدين، والنهضة التي حققتها بكين للاستفادة من تجربتها الناجحة".
في هذا السياق، قال مسؤول عراقي في مكتب رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، إن المشاريع الوهمية 30 بالمائة منها تمت برعاية الأميركيين، وهناك ضباط وحلقات أميركية مختلفة إبان الاحتلال تتورط معها.
وأضاف المسؤول الحكومي، الذي طلب عدم ذكر اسمه لأنه غير مخوّل للتحدث لوسائل الإعلام، أن النسبة المتبقية من المشروعات الوهمية، البالغة 70 بالمائة، تمت في زمن الحكومات العراقية المتعاقبة بعد رحيل الأميركيين، وأكثر الفترات التي شهدت مشاريع وهمية كانت في عهد حكومتي نوري المالكي الأولى والثانية، بينها مجمعات سكنية وسياحية وأخرى خدمية قام هو بنفسه بوضع حجر الأساس لها لكنها انتهت إلى المجهول ولم تر النور، رغم أن مبالغها تم صرفها من الموازنة العامة.
وحول ما إذا كان للحكومة الحالية قدرة على فتح هذا الملف، قال المسؤول: "سيكون ملفاً خطيراً جدا، لأن كثيرا من الزعامات السياسية متورطة فيه، إذ لن يشمل المالكي فقط، بل أغلب القيادات السياسية الحالية في البلاد".
وحسب تصريحات لعضو لجنة الخدمات في البرلمان العراقي، النائب جاسم البخاتي، فإن "عدد المشاريع الوهمية في العراق منذ عام 2003 (عقب الغزو الأميركي ــ البريطاني)، وحتى العام الجاري، زاد عن 6 آلاف مشروع"، كاشفا أن المبالغ التي تكبدها العراق بسبب ذلك تبلغ قرابة 200 تريليون دينار عراقي" أي نحو 178 مليار دولار، خلال الستة عشر عاما الماضية.
ودعا عضو البرلمان، في جلسة برلمانية، أول من أمس، إلى "فتح ملف تلك المشاريع الوهمية التي تسببت في هدر كبير من أموال ميزانية الدولة"، مؤكدا أن "على الحكومة محاسبة المفسدين واستعادة الأموال المنهوبة من خزينة الدولة بفعل تلك المشاريع التي لم تكن لها حقيقة على أرض الواقع". من جهته، قال عضو لجنة الاقتصاد والاستثمار في البرلمان، رياض التميمي، لـ"العربي الجديد"، إن "القرار رقم 347، الذي أقر قبل سنوات، أتاح للشركات أن تعمل على فسخ عقد برضى الطرفين أو تسوية أو إكمال أو استثمار المشروع الذي تعمل به"، مشيراً إلى أن "هذا القرار سيئ وأهدر أكثر من 4 آلاف مشروع كبنى تحتية منذ 2008 ولحد 2014 وتسبب في هدر المال العام".
ولفت إلى أن "الفاسدين استغلوا هذا القرار لمصالحهم الخاصة ومن أجل أجندات فساد، وهذا مثبت ومشخص وعلى مستوى لجنة تحقيق بهذا الموضوع". واتهم التميمي "كل المحافظين بالمخالفات القانونية في تنفيذ المشاريع".
وأكد نواب أن المشاريع الوهمية أثرت سلبا على كافة مفاصل الدولة ومؤسساتها، ومنها المؤسسة التعليمية.
وقال النائب علاء الربيعي، إن "وزارة التربية منذ 2011 هدمت 1500 مدرسة في عموم العراق، على أساس بناء مدارس جديدة محلها"، وكشف لـ"العربي الجديد"، أنه "حتى اللحظة لم تنشأ مدرسة واحدة منها، واندرجت ضمن المشاريع الوهمية، والوزارة لم تحاسب المقصرين والفاسدين في هذا المشروع، الذي هو الآن في درج رئاسة الوزراء".
وأشار إلى أن "العراق بحاجه إلى أكثر من 10 آلاف مدرسة، ونحن مقبلون على عام دراسي جديد، إلا أن هناك نقصا في الأبنية المدرسية انعكس سلباً على التعليم في العراق".
وأكد الربيعي أن "الموازنات الانفجارية خصصت فيها أموال هائلة لإنشاء مشاريع كبيرة، لكن في الحقيقة أن ما يقارب 2000 مشروع لم تبصر النور، ولم تبنَ حتى هذه اللحظة، منها مستشفيات ومدارس ومشاريع طرق ومشاريع أخرى متوقفة".
ويحمّل نواب، الأجهزة الرقابية في الدولة، مسؤولية التقصير إزاء ملفات الفساد والمشاريع الوهمية. وقال عضو لجنة النزاهة البرلمانية كاظم الصيادي، لـ"العربي الجديد"، إن "الأجهزة الرقابية في الدولة كانت سيئة جداً في مراقبة المال العام ومتابعته"، ورأى أن "الرقم المعلن للمشاريع الوهمية قد يكون أقل من الرقم الحقيقي، فهناك تعتيم على قضية الفساد في الدولة، وعدم إظهار سرقة أموال الشعب، والكتل السياسية مشتركه في الفساد".
أما عن أبرز القطاعات التي طاولتها المشاريع الوهمية، فقد حل قطاع الإسكان في المرتبة الأولى ثم الزراعة وقطاع الصحة ثم التربية، عدا عن البنى التحتية كالطرق والجسور وشبكات الصرف الصحي، بحسب مسؤول في ديوان الرقابة المالية، تحدث لـ"العربي الجديد"، وشدد على أن الحديث يدور عن 200 تريليون دينار تقديري وقد يكون أكثر.
وتساءل المسؤول، الذي فضّل عدم ذكر اسمه، عن مشاريع نوري المالكي التي أعلنها جنوباً في ولايته الثانية، ولماذا لا تتم محاسبته عنها؟ وأين الأموال التي صرفت لها؟ مؤكدا أن محافظات بغداد وبابل وكربلاء والبصرة أكثر محافظات العراق التي طاولتها المشاريع الوهمية في البلاد.
ويقدر الدخل القومي العراقي منذ عام 2004 ولغاية الآن بأكثر من تريليون دولار، بالاعتماد على عائدات النفط المصدّر في الفترة ذاتها، عدا عن حصول الحكومات عقب الاحتلال على قرابة 200 مليار دولار عبارة عن منح وقروض ومساعدات مختلفة، غالبيتها قدم من الولايات المتحدة ودول أوروبية مختلفة، إلا أن البلاد وحتى الآن تعاني من انهيار واضح في قطاعات الصحة والتعليم والخدمات كالمياه والكهرباء، عدا عن تهالك البنى التحتية التي لم يجرِ عليها أي تحديث أو إضافة، رغم زيادة عدد السكان في البلاد إلى قرابة 40 مليون نسمة، مقارنة بما كان عليه قبل الاحتلال بنحو 29 مليون نسمة.
وحول تأثيرات تفاقم الفساد وإهدار المال العام، يقول الخبير الاقتصادي العراقي علي النواب إن الحكومة لن تنجح في مسعى جذب المستثمرين الأجانب، ومنهم الصينيون، إلى ساحتها، ما لم تمنحهم ثقة بأنهم لن يكونوا عرضة للابتزاز أو المشاكل، فنفوذ المليشيات وصل إلى التدخل في عمل الشركات والمستثمرين، مضيفاً أن الفساد ينخر المؤسسات الحكومية، وهناك ارتباك في قوانين الاستثمار.
وأشار إلى أن أسباب إخفاق رئيس الوزراء حيدر العبادي في زيارته للصين عام 2015 ما زالت قائمة، ولم تتغير في حكومة عادل عبد المهدي، بل قد تكون زادت.
ويأتي ذلك بالتزامن مع الزيارة التي يجريها عبد المهدي إلى الصين، والتي اعتبرت اقتصادية أكثر من كونها سياسية وتهدف إلى جذب الشركات الصينية إلى العراق للدخول ضمن قطاعات عديدة، وأهمها السكن والطاقة والبنى التحتية.
وأمس الأحد، قال بيان لمكتب رئيس الوزراء العراقي إن عبد المهدي عقد، فور وصوله إلى بكين، محادثات مع مسؤولين صينيين تركزت حول رؤية الحكومة لعلاقة التعاون والشراكة بين البلدين، والنهضة التي حققتها بكين للاستفادة من تجربتها الناجحة".