إفلاس شركات جزائرية ... وقطاع المقاولات الأكثر تضرراً

10 ابريل 2019
المماطلة في تطبيق مطالب المحتجين (فرانس برس)
+ الخط -


بدأ الاقتصاد الجزائري يتفاعل مع استمرار الأزمة السياسية، التي بلغت الذروة بعد استقالة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة.

وتتواصل الضبابية وحالة القلق بين الفاعلين الاقتصاديين، بالتزامن مع تعيين رئيس مجلس الأمة الجزائري، عبد القادر بن صالح، رئيساً مؤقتاً للبلاد، وسط رفض شعبي لهذه الخطوة، ربطاً بالمطالب التي تدعو إلى رحيل رموز نظام بوتفليقة.

ودخل العديد من القطاعات الاقتصادية مرحلة الإنعاش، بعد انكماش معدل النمو من جراء تواصل تجميد الإنفاق العام من قبل حكومة تصريف الأعمال برئاسة نور الدين بدوي.

وكان قطاع البناء والأشغال العامة أكثر القطاعات تضرراً من الاستمرار في المماطلة بتلبية مطالب حراك الجزائر، مكملاً ثلاث سنوات من الانكماش، بعد وعود بعودة النشاط إلى هذا القطاع مع ارتفاع أسعار النفط خلال عام 2019. وانعكست الأزمة إقفالاً لأبواب العديد من مؤسسات البناء وشركات التي ترافقت مع تسريح العديد من العمال.
وفي السياق، كشف مبارك جمال الدين لزهر، الناطق باسم الجمعية العامة للمقاولين الجزائريين، أن "أكثر من 1300 شركة توقفت عن العمل حالياً، بسبب عدم وجود مخططات واضحة، في وقت توجد 3 آلاف شركة أخرى معرضة للخطر ذاته، مع فقدان أكثر من 125 ألف وظيفة حتى نهاية مارس/آذار الماضي".

وشرح الزهر في حديثه مع "العربي الجديد" أنه "بالأرقام الدقيقة، لاحظنا توقف 1360 شركة عن النشاط، بسبب عدم وجود مخطط واضح وغياب التوقيع على التعديلات المختلفة التي تطاول المشاريع، إضافة إلى التأخير في دفع مستحقات الشركات لسنة 2018 /2019".

وأضاف أنه "وفقا للتوقعات الحالية في نهاية الربع الأول من 2019 وكذلك بداية النصف الثاني من 2019، سيرتفع عدد المؤسسات المتضررة، مع استمرار الحراك الشعبي وجمود المؤسسات الحكومية، يضاف إليها اقتراب شهر رمضان وعيد الفطر والعطل الصيفية وعيد الأضحى، وكذا تراجع المداخيل لدى المواطنين في ظل غياب بوادر انفراج الأزمة".
وتابع لزهر أن "شركات المقاولات كانت تنتظر بداية السنة الحالية لإطلاق مشاريع حكومية كبرى، ورفع التجميد عن مشاريع منذ سنتين بسبب التقشف الذي مارسته الحكومة بسبب تراجع عائدات النفط. إلا أن الحراك الشعبي وما تبعه من استقالة الحكومة ثم استقالة الرئيس بوتفليقة وفي ظل غياب بوادر انفراج الأزمة، دق ناقوس الخطر حول مستقبل هذه الشركات ومن ورائها الآلاف من العائلات الجزائرية التي ترتبط بالعاملين في هذا القطاع".

وتعيش الجزائر منذ 22 فبراير/شباط على وقع حراك شعبي أنهى عهد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، الذي امتد منذ عام 1999، وأدخل البلاد في مرحلة انتقالية، لا تعرف معالمها، وسط تمسك الشعب برفض حكومة تصريف الأعمال، التي ستجد صعوبة في أداء مهامها، إذا ما أخذ بالاعتبار تواصل الأزمة المالية.

ولعل بصيص الأمل الوحيد في نفق الأزمة السياسية التي تعيشها الجزائر هو ارتفاع أسعار النفط، ما قد ينعش العائدات المالية، ويقلل من حجم الأزمة المتوقع حدوثها من جراء تواصل تآكل احتياطي الصرف وتبخر الكتلة المالية المتداولة في البنوك.
وقال الخبير الاقتصادي فارس مسدور إن "البنوك الجزائرية تعيش ضغطاً كبيراً منذ بداية الحراك الشعبي، نتيجة سحب المواطنين أموالهم خوفاً من انزلاق الأوضاع، وهو ما دفع بالبنك المركزي إلى إلزام المصارف برفع نسبة الاحتياطي الإلزامي لديها من 8 في المائة إلى 12 في المائة، بالإضافة لتسقيف عمليات الاستيراد للحد من نزيف العملة الأجنبية".

وأضاف مسدور في حديث مع "العربي الجديد" أن "ارتفاع أسعار النفط سيكون جرعة أوكسجين للخزينة العمومية الجزائرية، وسيسمح للحكومة بتوسيع هامش تحركها في هذه المرحلة المهمة والحساسة في تاريخ الجزائر".

وكانت احتياطات الجزائر من العملة الصعبة قد تهاوت من 200 مليار دولار نهاية 2014 إلى 83 مليار دولار نهاية 2018. ولجأت الحكومة الجزائرية نهاية عام 2017 إلى اعتماد التمويل غير التقليدي، الذي سمح للبنك المركزي الجزائري بطبع ما يعادل 60 مليار دولار، وإقراضها للخزينة العمومية على شكل سندات دين تسدد على أقساط.
وقالت وكالة "موديز" للتصنيف الائتماني في نهاية مارس / آذار الماضي، إن الأزمة السياسية في الجزائر ستعمق التحديات الاقتصادية والمالية وستشكل خطرا على التقييم الائتماني للبلاد.

وتوقعت الوكالة في تقرير، "أن يضغط استمرار الضبابية لفترة طويلة على الآفاق الاقتصادية للبلاد التي تدهورت بشكل ملحوظ منذ الهزة التي شهدتها أسعار النفط في 2014".

وزاد عجز الموازنة في الجزائر لما يفوق 15 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي بعد انهيار أسعار النفط في 2014، وأحجمت الحكومة عن تطبيق إجراءات مالية صعبة، خشية إثارة سخط شعبي.

ويبقى عجز الموازنة عند ما يقدر بسبعة في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في 2018 على الرغم من ارتفاع أسعار النفط في الآونة الأخيرة.

وقالت موديز: "بدأ تراجع إنتاج النفط المرتبط بتأجيل مشروعات استثمارية في التأثير سلبا على النمو".
المساهمون