تتواصل احتجاجات في جنوب تونس، في منطقة قريبة من حقل لاستخراج البترول والغاز، لمطالبة الحكومة بالتزام اتفاق تم توقيعه قبل 3 سنوات، في وقت تواجه البلاد التداعيات الاجتماعية لجائحة كوفيد-19.
ونصب محتجون، منذ أسابيع، خيماً في مناطق من ولاية تطاوين، وأغلقوا الطريق أمام الشاحنات التابعة للشركات التي تستثمر في استخراج النفط والغاز، في منطقة الكامور بالولاية المهمشة، والتي شهدت مواجهات بين المحتجين وقوات الأمن في عام 2017.
يطالب المحتجون، الحكومة التونسية، بالتزام اتفاق تم إقراره في عام 2017 بتوظيف عدد من العاطلين عن العمل في شركات نفطية في منطقة الكامور التابعة للولاية.
ولم تؤثر الاحتجاجات حينها على الأنشطة البترولية في المنطقة، حسب وزارة الطاقة التونسية، على عكس ما كان عليه الحال في عام 2017 حين توقفت عمليات الضخ.
وقضى الاتفاق بتوظيف 1500 شخص في "شركة البيئة والغراسات" (حكومية)، وألف آخرين بدءا من كانون الثاني/يناير 2018، و500 مطلع عام 2019.
كما قضى بتخصيص مبلغ 80 مليون دينار (حوالى 29 مليون يورو) لصندوق التنمية والاستثمار في تطاوين سنويا.
تنمية غير متوازنة
ومنذ ثورة 2011 التي أطاحت نظام الرئيس الأسبق الراحل زين العابدين بن علي، لم يتغير حال ولاية تطاوين وبقية منطقة تنقصها التنمية والاستثمار، بحسب تقرير نشرته منظمة أوكسفام غير الحكومية حول غياب التوازن بين المناطق التونسية.
وكان الرئيس التونسي قيس سعيّد التقى عددا من ممثلي اعتصام الكامور، في منتصف يناير/كانون الثاني الفائت، ودعاهم آنذاك إلى "بلورة جملة من المشاريع النابعة من إرادة المواطنين أنفسهم بعيدا عن أي توظيف، وعن الفكر السياسي القديم الذي يكرّس المركزية"، حسب ما أفادت رئاسة الجمهورية في بيان.
وتجددت الاشتباكات، الاثنين، بين قوات الأمن التونسية والمتظاهرين في شوارع الولاية، وعبروا عن رفضهم للتهميش المتواصل في المنطقة.
وأطلقت قوات الأمن بكثافة الغاز المسيل للدموع لتفريق المئات من المحتجين الذين أغلقوا الطرق بالحجارة والإطارات، على ما أفاد مراسل فرانس برس.
وحاول رجال الأمن، الأحد، تفريق محتجين في الولاية وأطلقوا الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين الذين طالبوا كذلك بإطلاق سراح الناطق الرسمي باسم اعتصامهم، طارق الحداد، الذي تم توقيفه.
وقال والي المنطقة عادل الورغي، في تصريح لإذاعة حكومية الأحد، إن الاحتجاجات بدأت إثر توقيف ناشط في الاعتصام "مطلوب لدى العدالة"، مضيفا "منذ أكثر من شهر والطرقات مغلقة وخيم الاعتصامات وسط الطريق، وهذا خارج عن القانون".
وأضافت: "أمكن تبعا لذلك إلقاء القبض على عشرة أشخاص من محاولي الاعتداء على المقرات الأمنية".
وتواصلت، ليل الأحد-الاثنين، عمليات الكرّ والفرّ بين المحتجين والشرطة، ونشرت وزارة الدفاع التونسية وحدات عسكرية لحماية المؤسسات الحكومية في شوارع المدينة، على ما أفاد الناطق الرسمي باسم وزارة الدفاع، محمد زكري، وكالة فرانس برس.
من جانبه، دعا فرع الاتحاد العام التونسي للشغل بتطاوين، في بيان الأحد، إلى إضراب عام في الولاية الاثنين، معبرا عن "رفضه لاستعمال العنف المفرط وغير المبرر" بحق المحتجين.
وأغلقت المؤسسات الحكومية أبوابها تبعا لذلك، بينما واصلت المحلات التجارية نشاطها بصفة عادية، بحسب مراسل فرانس برس.
دعوة للحوار
وأكد وزير التشغيل فتحي بالحاج، في تصريح لإذاعة خاصة "نحن ملتزمون بجملة الاتفاقيات السابقة والملف يفتح عن طريق الحوار". وأضاف أن الاحتجاجات "مشروعة شرط عدم عرقلة مؤسسات الدولة".
من جهته، اعتبر خليفة بوحوّاش عضو تنسيقية الاعتصام، في تصريح لوكالة فرانس برس، "ليس للحكومة رغبة في الالتزام بتعهداتها وتريد أن تدوس علينا". وتابع "راسلنا الحكومة مرات عدة ولم نحصل على رد... يبيعون الأوهامّ".
وتأتي هذه الاحتجاجات فيما لا تزال البلاد تواجه وباء كوفيد-19 وتداعياته على الاقتصاد الذي يواجه أزمات منذ ثورة 2011.
وحذر رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ، في تصريحات صحافية، من تداعيات الجائحة وقدّر تراجعا في النمو الاقتصادي بسبع نقاط، وذلك بسبب تراجع مداخيل قطاع السياحة الذي يعتبر أحد أهم مرتكزات الاقتصاد في البلاد.
(فرانس برس)