اقتصاديات حرب... معركة الموصل تلهب الأسعار بالأسواق العراقية

23 أكتوبر 2016
إقبال كبير على تخزين السلع الغذائية (إيمرا يلماظ/الأناضول)
+ الخط -
شهدت الأسواق العراقية ارتفاعا ملحوظا في أسعار السلع الغذائية، فضلا عن زيادة سعر صرف الدولار مقابل الدينار لمستوى جديد، ما عزاه مراقبون إلى اشتعال المعارك شمال البلاد، حيث تكثّف القوات عملياتها لاستعادة الموصل من سيطرة تنظيم داعش. 

ويُبدي متعاملون مخاوف من أن يرد "داعش" على هجوم الموصل بعمليات انتقامية ينفذها في بغداد ومدن أخرى، ما دفع الموطنين إلى الإقبال على شراء مزيد من السلع التي تفوق حاجتهم، فضلا عن تحويل ما تيسر من المدخرات إلى العملة الأميركية، باعتبارها الأقدر على مواجهة تداعيات الحرب على الأسواق، في بلد يحلق فيه التضخم المالي عند مستويات تاريخية منذ سنين. 

وسعر الدولار هو المحرك الرئيس لأسواق السلع في العراق، حيث تستورد البلاد أغلب احتياجاتها من الخارج. وتداول العراقيون الدولار الأميركي، أمس الأحد، عند 1310 دنانير، مقابل نحو 1129 ديناراً للدولار الواحد قبل اندلاع الحرب في الموصل، الإثنين الماضي.

ضبط سعر الصرف

وقال مصدر مطلع لـ "العربي الجديد" إن البنك المركزي رفع كميات العملة الصعبة التي يضخها عبر مزاد يومي في الأسواق، من 100 مليون دولار إلى 150 مليون دولار، بهدف ضبط سعر صرف العملة الأميركية في السوق المحلية، إلا أن ذلك لم يساهم في إحداث أي تغيير إيجابي على سعر صرف الدينار المستمر في النزول منذ نحو أسبوع.


وأعلن البنك المركزي العراقي، الأسبوع الماضي، رفع حجم مبيعاته للدولار، للحد من تهاوي سعر صرف الدينار، وتغطية حاجة الأسواق المحلية من العملة الأجنبية.

وقرر البنك المركزي اعتبار يوم السبت، الذي يعد عطلة رسمية أسبوعية في العراق، يوم عمل رسميا في المصارف الحكومية، لتلبية طلبات المصارف من العملة الأجنبية.

وانعكس نقص الدولار على المواطنين بشكل مباشر، خاصة الموظفين الذين يتقاضون رواتبهم بالدينار العراقي، بينما أسعار السلع والخدمات ترتبط رأسا بالدولار الأميركي.

وقال مستشار سوق بغداد للأوراق المالية، محمد عمران، لـ "العربي الجديد": إن "سعر الدولار قفز بعد ساعات من انطلاق معركة الموصل إلى حدود 1310 دنانير، ما يمثل دليلا حيا على هشاشة السياسة التي ينتهجها البنك المركزي في هذا الملف تحديدا".

المواطنون في أزمة الأسعار

وأضاف عمران أن مخاوف المواطنين من انفلات الأمور، وتداول الأخبار التي تتحدث عن
هجمات انتقامية لداعش في مدن أخرى، دفعت العراقيين إلى شراء أكثر من 800 مليون دولار خلال أربعة أيام فقط في تسع محافظات، فضلا عن بغداد، وهذه الكميات هي ضعف ما يبيعه البنك المركزي تقريبا.

وقال مصدر في البنك المركزي لـ "العربي الجديد": "نعمل على معالجة الأزمة بشكل عاجل، لكن لا يزال المواطنون هم السبب في ارتفاع صرف الدولار".

وأضاف المسؤول، الذي طلب عدم نشر اسمه، أن البنك المركزي رصد موجة شراء للدولار بما تكون الأكبر منذ سنوات، ما أدى إلى زيادة الطلب من جهة، وعودة ظاهرة الاحتكار من جهة أخرى، خاصة من قبل أصحاب مكاتب التحويلات وشركات الصرافة.

ويرى المسؤول أن انتشار عمليات السرقة والسطو في بغداد مؤخرا، والخوف من تزايدها في ظل الحرب التي يعيشها العراق، حفّزا المواطنين على ضرورة التخلص من الكميات الكبيرة التي بحوزتهم من الدينار العراقي، مقابل الدولار الذي يسهل إخفاؤه.
ويستبدل العراقيون كل مليون دينار بنحو 760 دولاراً.

وقال متعامل في سوق الصرف في بغداد، يدعى عبد الله خالد، إن ارتفاع سعر الدولار يرجع إلى زيادة الإقبال من جانب المواطنين بغرض الادخار، وليس الاتجار، خوفا من ردة فعل تنظيم داعش على هجوم الموصل.

وكثيرا ما نفّذ "داعش" عمليات انتحارية في بغداد، أسفرت عن مقتل العشرات، ما خلّف انطباعا لدى المواطنين أن وصول داعش إليهم عبر عمليات انتقامية، ليس صعبا.
وتوقع خالد، استمرار أسعار صرف الدينار المحلي في الانخفاض ما دامت معارك الموصل قائمة.

نافذون يتلاعبون بالعملة

وقالت عضوة اللجنة الاقتصادية في البرلمان العراقي، نورة البجاري، لـ "العربي الجديد"، إن سوق العملة في العراق لم يشهد استقرارا منذ أشهر، والسبب في ذلك أن ثمة متنفذين يتلاعبون بسوق الصرف بهدف التربح.

وقال أحد التجار المتعاملين في سوق الصرف، محمود القيسي، لـ "العربي الجديد"، إن العمليات العسكرية وتخبط البنك المركزي العراقي، ساهما في عدم ضبط أسعار الصرف، مؤكدا الرواية التي تقول بسيطرة متنفذين على سوق العملة عبر الاستحواذ على الحصة الأكبر من النقد الأجنبي الذي يطرحه البنك المركزي للبيع في مزادات يومية.

واستمرت، أمس، لليوم السابع على التوالي، معركة استعادة الموصل، والتي تشارك فيها القوات العراقية المؤلفة من 32 تشكيلاً، إلى جانب 11 مليشيا مسلحة، وبدعم جوي وبري ولوجستي كبير من التحالف الدولي.

المساهمون