الأسواق المالية تراهن على تخفيف آثار الضربة الإقتصادية لفيروس كورونا

02 مارس 2020
ارتفع مؤشر فوتسي 100 للأسهم البريطانية 2.87% (Getty)
+ الخط -

انتعشت أسواق الأسهم العالمية هذا الصباح بعد عمليات البيع التي حدثت في الأسبوع الماضي. وراهنت الأسواق المالية على استجابة منسّقة من قبل أكبر البنوك المركزية العالمية لتخفيف الضربة الاقتصادية التي نتجت عن تفشي فيروس كورونا.

وفي المقابل، أظهرت استطلاعات الرأي الرسمية والخاصة، التي نشرت يوم السبت واليوم، أن نشاط المصانع في الصين قد انهار إلى أسوأ مستوياته المسجلة في فبراير/شباط، حيث أصاب الفيروس مناطق واسعة من الاقتصاد.

وارتفع مؤشر فوتسي 100 للأسهم البريطانية بمقدار 188 نقطة، أو 2.87 في المائة، إلى 67732.33 في التعاملات المبكرة. وكانت الأسواق الرئيسية الأخرى في أوروبا مرتفعة أيضًا، بالتوازي مع المكاسب في آسيا.

والتقط المستثمرون أنفاسهم عقب تكبدهم خسائر فادحة، حيث أظهرت بيانات أولية لمعهد التمويل الدولي، اليوم الاثنين، أن مديري المحافظ سحبوا 9.7 مليارات دولار من أسهم الأسواق الناشئة في فبراير/ شباط، في ظل مخاوف من انتشار فيروس كورونا أوقدت شرارة عمليات بيع في الأصول عالية المخاطر.

وكشفت المؤسسة أن الخسائر، التي تجلت في آسيا وأمريكا اللاتينية في فبراير، وصلت بإجمالي التدفقات الخارجة من أسواق الأسهم والسندات في الاقتصادات النامية إلى 11.9 مليار دولار منذ بداية العام، مقارنة بتدفقات داخلة بقيمة 35.7 مليار دولار للفترة نفسها من 2019.

وخسرت أسواق الأسهم الآسيوية 4.5 مليارات دولار، بينما خسرت صناديق أمريكا اللاتينية 3.8 مليارات دولار، في فبراير شباط.

وأضاف المعهد أنه في الوقت نفسه جذبت ديون الأسواق الناشئة 13.2 مليار دولار في فبراير شباط، لتصل تدفقاتها منذ بداية العام إلى 44.8 مليار دولار، مقارنة مع 50.7 مليار دولار في الفترة نفسها من العام الماضي. وجمعت صناديق الدين الآسيوية 5.1 مليارات دولار في فبراير شباط، بينما استقطبت صناديق سندات أمريكا اللاتينية 4.3 مليارات دولار.



وكان انتشار الفيروس خارج الصين قد تسبّب بانخفاض مؤشر الأسهم الرائدة في لندن بنسبة 11.1 في المائة الأسبوع الماضي، كما عانت أسواق الأسهم العالمية من أسوأ أسبوع لها منذ الأزمة المالية في عام 2008، مع ضياع حوالي 6 تريليونات دولار من الأسهم.

استقرار الأسواق

وارتفعت الأسهم الأوروبية في مستهل تعاملات اليوم الاثنين، بعد أسوأ أداء أسبوعي لها منذ الأزمة المالية في 2008، بفضل الآمال في أن تتدخل البنوك المركزية الرئيسية للتصدي لتداعيات وباء فيروس كورونا على النمو العالمي.

وارتفع المؤشر ستوكس 600 الأوروبي 1.8 بالمئة بحلول الساعة 08.18 بتوقيت غرينتش، بعد تهاويه 12 بالمائة الأسبوع الماضي، في مكاسب قادتها شركات التعدين والنفط والغاز، وأغلق مؤشر نيكي الياباني مرتفعا بنسبة 0.95 في المائة، ومؤشر شنغهاي المركب 3.15 في المائة.

ويراهن المستثمرون على أن مجلس الاحتياطي الاتحادي سيقلص أسعار الفائدة 50 نقطة أساس في مارس/ آذار، في حين من المتوقع أن يخفض البنك المركزي الأوروبي عشر نقاط أساس خلال اجتماع إبريل/ نيسان.

البنوك المركزية تحفز

في السياق، أعلن متحدّث باسم بنك إنكلترا المركزي أنّ البنك يواصل مراقبة التطورات وتقييم الآثار المحتملة على الاقتصاد العالمي والمملكة المتحدة والأنظمة المالية.

كما يعمل البنك مع وزارة الخزانة والشركاء الدوليين لضمان اتخاذ جميع الخطوات اللازمة لحماية الاستقرار المالي والنقدي، وسط تفشي فيروس كورونا عالميًا.

وقال المتحدث إنّ البنك المركزي يعمل على حماية النظام المصرفي للبلاد واقتصاده من تأثير انتشار فيروس كورونا، مضيفاً أن "البنك يعمل عن كثب مع وزارة الخزانة البريطانية وهيئة السلوك المالي، وكذلك مع شركائنا الدوليين لضمان اتخاذ جميع الخطوات اللازمة لحماية الاستقرار المالي والنقدي"، وذلك حسب ما أوردت صحيفة "ذا تايمز" اليوم.

من جهته، قال هاروهيكو كورودا، محافظ بنك اليابان، وفقا للصحيفة ذاتها، إن البنك المركزي سيتخذ الخطوات اللازمة لتحقيق الاستقرار في الأسواق المالية، وجاءت تعليقاته بعد تعهد جيروم باول، رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، بالعمل "حسب الاقتضاء لدعم الاقتصاد".

وارتفع احتمال قيام بنك إنكلترا بخفض سعر الفائدة بمقدار ربع نقطة إلى 85 في المائة هذا الصباح، أمّا العقود الآجلة فتنطوي الآن على خفض 50 نقطة أساس من قبل مجلس الاحتياطي الفيدرالي في مارس/آذار الجاري، في حين أن الأسواق الأسترالية تخفّض أسعار الفائدة يوم غد، عندما يجتمع البنك المركزي في البلاد.

وفي هذا الشأن يقول روب كارنيل، رئيس قسم الأبحاث في منطقة آسيا والمحيط الهادئ لشركة "ING"، إن وضع الأسواق الحالي يجعلها عادة تستجيب لآفاق التسوية النقدية، ولكنه يتساءل: "إلى متى يستمر هذا وما حجم الدفعة التي تقدّمها لنا؟"

تأثير على النمو

وفي الأسبوع الماضي، صرّح مارك كارني، محافظ بنك إنكلترا، في حديثه لقناة سكاي نيوز، أنّهم يتوقّعون أن النمو العالمي سيكون أقل مما ينبغي أن يكون عليه الأمر، وسيكون لذلك تأثير سلبي على المملكة المتحدة.

وحذرت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، اليوم الاثنين، من أن تفشي فيروس كورونا يدفع الاقتصاد العالمي نحو أسوأ تباطؤ منذ الأزمة المالية العالمية، مناشدة الحكومات والبنوك المركزية مكافحة ذلك تجنباً لهبوط أشد حدة.

وقالت المنظمة في تحديث لتوقعاتها إن الاقتصاد العالمي مقبل على نمو نسبته 2.4 بالمائة هذا العام، هو الأدنى منذ 2009، وبانخفاض من توقعات عند 2.9 بالمائة صدرت في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.

وكان للإضطراب في الصين أثر سلبي على سلاسل التوريد في جميع أنحاء العالم وكذلك على الطلب. ومن المتوقع أن يجبر تأثير فيروس كورونا على الاقتصاد وزير المالية الجديد، ريشي سوناك، على إعادة تقييم خطط ميزانيته، كما ستضطر الوكالة الاقتصادية الحكومية ومكتب مسؤولية الميزانية، إلى مراجعة توقعاتهما الاقتصادية.

ومن المعلوم أنّ بوريس جونسون، رئيس الوزراء البريطاني، سيجتمع مع لجنة الطوارئ التابعة للحكومة لوضع اللمسات الأخيرة على خطتها للتصدي لتفشي المرض.

في وقت حذر فيه مركز البحوث الاقتصادية والتجارية من أن الاقتصاد البريطاني سيتكبد 10 مليارات جنيه إسترليني، في حال فرضت الحكومة إغلاقاً كاملاً على لندن، وطالب الشركات بإرسال الموظفين إلى بلادهم لمدة شهر للسيطرة على وباء فيروس كورونا.

المساهمون