تتجه الحكومة الكويتية إلى تغيير سياسة جلب العمالة الوافدة من بعض الدول التي رفضت استقبال رعاياها المخالفين خلال فترة أزمة تفشي فيروس كورونا المستجد "كوفيد 19" التي فجرت موجة غضب بين أوساط المجتمع الكويتي وتفاعل معها نواب مجلس الأمة الذين دعوا إلى وقف إصدار أذونات العمل للجنسيات المصرية والهندية والبنغلاديشية.
وأكد مصدر حكومي كويتي لـ "العربي الجديد" أن هناك تعليمات جديدة صدرت للهيئة العامة للقوى العاملة الكويتية بوقف إصدار أذونات العمل لرعايا الدول التي رفضت استقبال مواطنيها المخالفين وتقليل مستوى التعاون بشأن استقدام العمالة من تلك الدول.
وأوضح المصدر أن هناك قرارات لاحقة ستصدر بعد عيد الفطر بهدف تقليل أعداد الوافدين بشكل عام وخصوصا من الجنسيات التي تسببت في مشكلات كبيرة وأثارت غضب الرأي العام خلال الفترة السابقة.
واطلعت "العربي الجديد" على وثيقة حكومية تكشف عن دراسة مجلس الوزراء مقترحا لترحيل نحو 900 ألف وافد خلال سنة بعد انتهاء أزمة تفشي فيروس كورونا، فضلا عن قرارات جديدة لتشديد إجراءات استقدام العاملين والتقيد في تجديد أذونات العمل لكبار السن وبعض المهن الهامشية.
وأثارت حادثة تجمهر العمالة المصرية المخالفة في مراكز الإيواء والاعتداء على ضابط كويتي غضب الرأي العام، فيما ظهر وزير الداخلية الكويتي أنس الصالح خلال مقطع مصور يقوم بتوجيه توبيخ وتحذيرات شديدة اللهجة لمسؤولي السفارة المصرية مهددا باستخدام القوة لفرض الأمن ومواجهة أي أعمال شغب.
ودخل نواب مجلس الأمة الكويتي على خط الأزمة وطالبوا الحكومة بضرورة اتخاذ إجراءات واضحة ضد الدول التي ترفض استقبال رعاياها، فيما قدَّم النائب محمد هايف اقتراحاً يتضمن وقف إصدار أذونات العمل لرعايا الدول الممتنعة بعد مخاطبة الكويت لها، فضلاً عن وقف المنح والمساعدات والقروض من صندوق التنمية الاقتصادية العربية للدول ذاتها.
وقال هايف إن التعنت والمماطلة اللتين أظهرتهما بعض الدول والمساومة في استقبال رعاياها العالقين الذين يرغبون بالعودة إلى ديارهم وتحريضهم على نشر الفوضى والشغب ضد السلطات وعدم تحملهم لمسؤولياتهم تجاه رعاياهم... كل هذا يدفع الكويت إلى إعادة النظر في العلاقات المميزة مع هذه الدول لا سيما بعد أن أظهرت هذه المحنة سلبية تلك الدول المخالفة لمبادئ حقوق الإنسان والأعراف الدبلوماسية، لذا يجب اتخاذ الإجراءات اللازمة نحوها للتأكيد على عدم تكرار مثل هذه الأحداث.
وهاجم النائب الكويتي أحمد الفضل، الحكومة المصرية بعد تداول أنباء بشأن تحمل الكويت نفقات إجلاء العالقين المصريين لديهم، واتهمها بابتزاز الكويت، ووصف تصرفها بـ”الدنيء."، بينما حمل وزارة الخارجية الكويتية مسؤولية الرد على الحكومة المصرية.
وقال الفضل إن نواب مجلس الأمة سيردون على الدول التي حاولت ابتزاز الكويت ولم تراع العلاقات التاريخية وأساءت لمواطنيها ورعاياها قبل أن تسيء للكويت، داعيا نواب مجلس الأمة لتفعيل أدواتهم الدستورية تجاه تلك الدول.
من جانبه، أكد أستاذ الاقتصاد في جامعة الكويت عبدالله الكندري لـ "العربي الجديد" أن "المشكلات الكبيرة التي تسببت فيها العمالة الوافدة خلال فترة تواجدهم في أماكن الإيواء فجرت الخلافات بين الحكومة الكويتية والدول التي كنا نعتبرها صديقة"، داعيا الحكومة إلى استغلال حالة الغضب الشعبي والنيابي وفرض إجراءات صارمة تجاه الوافدين.
وطالب الكندري الحكومة بضرورة محاسبة تجار الإقامات ومعالجة ملف التركيبة السكانية والعمل على "تكويت" الوظائف في المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص الكويتي، لافتا إلى أن المرحلة المقبلة لن تقبل التهاون بشأن مستقبل البلاد الاقتصادي.
وعبر رواد مواقع التواصل الاجتماعي عن استيائهم الشديد جراء الأحداث التي شهدتها مراكز الإيواء ومماطلة الدول التي ترفض استقبال رعاياها المخالفين لقانون الإقامة، ودعوا الحكومة إلى ترحيل كل العمالة الهامشية التي كانت سببا رئيسا في تصاعد انتشار فيروس كورونا في الكويت.
وتداول النشطاء مقاطع مصورة تظهر أحداث الشغب والاعتداء على عناصر الشرطة الكويتية في مراكز الإيواء التي تقطنها العمالة المصرية المخالفة، كما أوضحت تجمعات للجالية المصرية تردد هتافات تطالب بعودتهم إلى بلدهم.
بدوره، قال الباحث السياسي عمر الرشيدي لـ "العربي الجديد" أن هناك أبعاداً كثيرة لقضية تكدس العمالة الهامشية في بعض المناطق، مؤكدا أن أحداث الشغب وتعنت بعض الدول بشأن استقبال رعاياها المخالفين عرض البلاد لأخطار أمنية واجتماعية وصحية واقتصادية.
وقال الرشيدي إنه يجب وضع حلول حاسمة لأزمة العمالة السائبة وتجارة الإقامات بالإضافة إلى إقرار كوتة لكل جنسية بحيث لا يتعدى عدد أي جنسية أكثر من 100 ألف، وطالب الحكومة بوقف سياسة المجاملات لبعض الدول وخصوصا مصر والهند.
إلى ذلك طالب محافظ الفروانية السابق الشيخ فيصل الحمود الصباح بخروج عدد من الجاليات وعودتهم إلى بلدانهم من أجل الحفاظ على الأمن بأنواعه الصحي والغذائي والسكاني والأمني، كما طالب دول مجلس التعاون الخليجي باتخاذ نفس الخطوة.
وبحسب إحصائية حديثة للهيئة العامة للمعلومات المدنية في الكويت، يبلغ عدد السكان في الكويت نحو 4.9 ملايين نسمة بينهم 1.420 مليون مواطن و3.470 ملايين من الوافدين.