وحظرت جماعة الحوثي، التي تسيطر على العاصمة صنعاء، استخدام وحيازة الريال اليمني الجديد، الذي أصدره منافسوها في الحكومة المعترف بها دولياً، والتي تتخذ من مدينة عدن الساحلية الجنوبية مقرا لها، على أن يبدأ سريان القرار اعتباراً من منتصف الليل.
ويقول الحوثيون، إنه ينبغي على اليمنيين استخدام العملة القديمة فحسب، ويدفعون بأن الحظر خطوة لمواجهة التضخم وإفراط الحكومة في إصدار عملات بنكنوت على حد قولهم. أما الحكومة الشرعية، فوصفت الحظر بأنه تخريب اقتصادي.
ويأتي حظر الحوثيين الأوراقَ النقدية الجديدة، بعد أيام من حملات لمصادرة هذه العملات، بينما ردت الحكومة بتعليق صرف رواتب الموظفين المدنيين في خمس جهات حكومية عاملة في مناطق سيطرة الحوثيين.
وكالعادة، وجد اليمنيون أنفسهم ممزقين بين الجانبين. وقال يمنيون من الجانبين، إن الحظر تسبب فعلياً في وجود عملتين بقيمتين مختلفتين مما يزيد الاضطراب في بلد تحكمه قوتان ويعاني ويلات الحرب.
وفي الشهر الذي سبق الحظر، كان الناس يصطفون في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين سعيا لإبدال ما بحوزتهم من ريالات جديدة بعملات قديمة، مما حوّل الأوراق المهترئة البالية إلى سلعة ذات قيمة ونادرة نسبيا.
وكانت قيمة العملة المحلية مستقرة عند حوالي 560 ريالا للدولار في ربوع اليمن، قبل إعلان الحظر في منتصف ديسمبر/كانون الأول الماضي. وانخفضت قيمتها قليلا في المناطق الخاضعة للحوثيين وبلغت حوالي 582 ريالا للدولار، لكنها تراجعت أكثر بكثير ووصلت إلى 642 في الجنوب الذي يزخر الآن بالعملات الجديدة.
وقد تبدو هذه القوة النسبية في صالح سكان المناطق الشمالية إذا استطاعوا الحصول على ما يكفي من العملات القديمة. وقال عبد الله صالح الدحمسي (27 عاما) لـ"رويترز" من شارع في صنعاء قبل دخول الحظر حيز التنفيذ: "نذهب إلى الصرافة ولا يأخذون العملات الجديدة منا، أو يقولون إنهم بحاجة إلى ثلاثة أو أربعة أو خمسة أيام"، مضيفا: "الجديدة غير مقبولة والقديمة مهترئة، عليهم أن يجدوا حلا".
وأصبحت التجارة بين الشمال والجنوب أكثر تكلفة بكثير، إذ يضطر التجار لشراء وبيع نوعين من الريال يمكن التمييز بينهما وفقا لحالة الورق المستخدم واختلاف التصميم والحجم.
وعبر كثيرون في صنعاء عن اعتقادهم بأهمية هذا الحظر من أجل الحد من التضخم، لكنهم قالوا إنهم يواجهون صعابا منذ بدء تطبيقه. وقال عبد الله البشيري (28 عاما)، ويعمل بالقطاع الخاص في صنعاء، "عندما رأى الناس بدء تداول العملة الجديدة تمسكوا بها لأن شكلها نظيف وبراق. لكن حيازتها حاليا تمثل لهم مشكلة".
ويمكن في المدينة استبدال 100 ألف ريال يمني (نحو 172 دولاراً) من الأوراق النقدية الجديدة بعملة إلكترونية تُستخدم في سداد مدفوعات، مثل تعبئة رصيد الهاتف أو دفع فواتير الكهرباء مقابل رسم بسيط يبلغ حوالي 1.5 دولار. لكن الأمور تزداد صعوبة عندما يتعلق الأمر باستخدام الورقة النقدية في أسواق المواد الغذائية.
وقال سكان في صنعاء، إنه في السوق غير الرسمي لتغيير العملات يتم عرض استبدال 100 ألف ريال يمني من الأوراق النقدية الجديدة، بما يتراوح بين 90 و96 ألف ريال من الأوراق القديمة، التي باتت أقل توافرا.
وبعدما اقتحم الحوثيون العاصمة صنعاء في عام 2014، وأخرجوا منها حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي، انقسم البنك المركزي اليمني إلى فرعين، أحدهما في صنعاء تحت سيطرة الحوثيين والآخر معترف به دولياً في عدن حيث تجري طباعة الأوراق النقدية.
ودافعت سلطات عدن عن قرارها زيادة طباعة الأوراق النقدية الجديدة اعتبار من عام 2017، قائلة إنها محاولة للتعامل مع تفاقم الأزمة النقدية ودفع رواتب العاملين في القطاع العام.
وقال يوسف سعيد أحمد، مستشار محافظ البنك المركزي في عدن، لـ"رويترز"، قبل أيام، إن "الحوثيين اتخذوا القرار ولم يحسبوا تكلفته الاقتصادية على المجتمع".
وأضاف: "نأمل أن تكون الإجراءات التي اتُّخذت قصيرة الأجل، ولا يمكن استدامتها فيما يتعلق بالحوثيين، لأن الاقتصاد واحد وعوامل الإنتاج مشتركة والسلع تتدفق من عدن إلى صنعاء والعكس، وبالتالي فإن أي إجراء سيؤثر على النشاط الاقتصادي بشكل عام، ولا يمكن حصره إيجابيا أو سلبيا على منطقة من دون أخرى".
ودافع الحوثيون عن حظرهم قائلين إنه وسيلة للدفاع عن قيمة العملة. وقال سامي السياغي، المسؤول عن العمليات المصرفية الخارجية في البنك المركزي في صنعاء "كان لا بد من اتخاذ هذه الإجراءات" لوقف الممارسات التي ينفذها بنك عدن المركزي من خلال السياسة النقدية والتي وصفها بـ"الخطيرة".
ومنذ بداية الحرب الدائرة في اليمن، تم إفراغ البنك المركزي اليمني من احتياطي النقد الأجنبي المقدر بنحو 5 مليارات دولار، وأكثر من تريليون ونصف من العملة الوطنية، بينما فقدت العملة، وفق تقارير رسمية، 150 في المائة من قيمتها.
وأدى انهيار العملة وأزمة السيولة الحادة إلى ارتفاع التضخّم إلى نحو 40 بالمائة، إضافة إلى ارتفاع كلفة سلة الغذاء 60 بالمائة، وزاد متوسط أسعار المواد الغذائية بنحو 150 في المائة.