ترأس رئيس مجلس الوزراء اللبناني حسان دياب، اليوم الاثنين، في السراي الحكومي الاجتماع الأول لمؤتمر سيدر حضره عدد من الوزراء والمعنيين عن الوفد اللبناني وسفراء الدول الغربية والعربية وممثلون عن المنظمات الدولية والأمم المتحدة والبنك الدولي والجمعيات الأهلية اللبنانية، وغيرهم، كما شارك عبر سكايب السفير المكلف مواكبة تنفيذ قرارات مؤتمر "سيدر" السفير بيار دوكان.
وقال دياب إنها "ليست المرة الأولى التي نجتمع فيها ولن تكون المرة الأخيرة بالتأكيد. فقد ناقشنا معاً لغاية الآن خطة الحكومة الإصلاحية ومساعدة صندوق النقد الدولي وأولويات الحكومة الإنمائية على مدى ثلاث سنوات. واليوم، نجتمع مرة أخرى بعد وضع آلية المتابعة والتوصل إلى اتفاق بين حكومتنا والجهات المانحة، ما يعكس التزام حكومتنا تجاه مؤتمر سيدر".
وأضاف: "في بياننا الوزاري وفي كل مناسبة، شددنا على أهمية مكافحة الفساد وعلى إصرارنا على تنفيذ الإصلاحات الضرورية لإعادة الثقة المحلية والدولية ببلدنا. فقد وضعنا معًا خطة للإنقاذ المالي التي تتضمن مسارات تمويل وإصلاحات مؤتمر سيدر بتوقعاته المالية وافتراضاته الاقتصادية الكلية. وبناءً على ذلك، حددنا رؤيتنا لاقتصاد متعافٍ واستراتيجيتنا للتنمية المستدامة. وفي كل خطوة من الطريق، نبقى مدركين لأهمية الإصلاحات لدفع حوافظ مؤتمر سيدر المالية قدماَ ولدعم المجتمع الدولي المستمر والسخي، لا سيما في خلال خوض معركتنا ضد فيروس كورونا".
وتطرق دياب إلى ما قاله وزير أوروبا والشؤون الخارجية جان إيف لو دريان في خطابه الافتتاحي لمؤتمر "سيدر"، أن لبنان يحتاج إلى استثمارات كبيرة لتحديث البنية التحتية الأساسية التي لم تعد قادرة على توفير الخدمات العامة الأساسية لكل المواطنين في الظروف المناسبة. كما يحتاج اقتصاد لبنان بصورة عاجلة إلى إصلاحات هيكلية وقطاعية بعيدة المدى. وبالتالي، يستند استقرار لبنان من وجهة نظر اقتصادية على العمل المشترك بين الجانب اللبناني من ناحية تنفيذ الإصلاحات والدولي من ناحية تقديم الدعم. وبعد أكثر من عامين، يحرص لبنان أكثر من أي وقت مضى على إعادة تعريف اقتصاده وتعزيز التزامه تجاه المجتمع الدولي.
ولفت دياب إلى "أننا مصممون على التغلب على التحديات بهدف تحقيق السيادة والازدهار بدعمكم الذي يُعتبر ركيزة أساسية لتعافي اقتصادنا".
من جهته، أكد السفير الفرنسي برونو فوشيه أن مؤتمر سيدر الذي عُقد عام 2018 لمساعدة لبنان على تخطي أزمته الاقتصادية ما زال يشهد أشد المراحل تفاقماً مع تسارع في انهيار الليرة اللبنانية، و"حكومتكم تتطلع إلى مواجهة الأزمة عبر وضع خطة اقتصادية شخصت من خلالها واقع الأزمة، من أجل التفاوض مع صندوق النقد الدولي وهي خطة جيدة إنما يبقى الأمل بالتنفيذ".
وأشار السفير المكلف بمواكبة تنفيذ إجراءات مؤتمر سيدر، بيار دوكان، إلى أن مؤتمر سيدر يهدف إلى تطوير الاقتصاد من خلال الإصلاحات من ضمن المؤسسات في إطار وعي اقتصادي وعبر المساهمة والتعاون مع القطاع الخاص والمجتمع المدني، وشرح أهمية ورمزية الأحرف المكونة لكلمة "سيدر"، خصوصاً أن لبنان بأمسّ الحاجة إلى تطبيق مضمونه، مضيفا أن كل تأخير في الإصلاحات ستكون له انعكاسات سلبية جداً على الواقع اللبناني، إذ إن لتنفيذ "سيدر" منافع عديدة على صعيد الاستثمارات والتمويل.
وركّز دوكان على ثلاث نقاط أساسية، وهي المطالبة بدقة أكثر بالجداول الزمنية لتنفيذ الإصلاحات وأوّلها في قطاع الكهرباء، الشفافية والمباشرة بالعمل على صعيد مكافحة الفساد والإثراء غير المشروع، وضرورة الاستثمار في لبنان وقيام الأطراف الدولية بالمساعدة من خلال توفير التمويل وإظهار الشفافية المطلقة في الأداء.
ثم قدم وزير الطاقة والمياه ريمون غجر عرضاً تقنياً عن واقع قطاع الكهرباء في لبنان والخطة المعدة لاحقاً، والخسائر الكبيرة التي تكبدها البلد، مشيراً الى أن المشكلة تكمن بشكل كبير في انخفاض التعرفة الموضوعة في عام 1994. وشدد على ضرورة إيصال نفط رخيص ونظيف وعلى رفع التعرفة بما يتناسب مع واقع الحال لسد العجز في الطاقة.
وتحدثت ديانا نعمة باسم المنسق المقيم للأمم المتحدة، وقالت إن هذا الاجتماع هو في إطار خطوات شاملة من ضمن عمل مؤتمر سيدر، الذي يشمل خطط استثمار وإصلاحات، وكذلك آلية متابعة عبر إنشاء لجنة وزارية.
وأكّد السفير البريطاني كريس رامبلينغ دعم مؤتمر سيدر، وأن يتم بذل جميع الجهود في إطار تحقيق متطلبات نجاح المؤتمر.
أمّا السفيرة الإيطالية نيكوليتا بومبارديه فقالت إننا بحاجة إلى المحافظة على الزخم وإظهار الشفافية خلال هذه العملية، وركزت على أهمية استراتيجية العرض الذي تم تقديمه عن ملف الكهرباء.
بدورها، شددت السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيه على أن موضوع الشفافية مهم جداً لتنفيذ كل هذه الإصلاحات.
وأكد المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش، الدعم الكامل للإصلاحات في لبنان الكفيلة بتمهيد الطريق أمام تنفيذ مقررات مؤتمر سيدر.
وأثنى سفير هولندا، يان والتمانس على أهمية الاستماع إلى الشباب وإقناعهم بالإجراءات التي ستقوم بها الحكومة "لأن الثورة في أوروبا انبثقت من الشباب".
وكانت أيضًا مداخلات لممثلين عن المنظمات الدولية والجمعيات الأهلية اللبنانية شدّدت على ضرورة انتهاج الشفافية في كل ما سيقدّم من مشاريع والاستماع إلى المطالب التي أطلقت في انتفاضة 17 أكتوبر ( التي نزل فيها اللبنانيون الى الساحات رفضاً لزيادة الضرائب والغلاء وتردي الأوضاع المعيشية والاقتصادية والاجتماعية واستمرار الفساد السياسي والمالي، وطالبوا باسترداد الأموال المنهوبة، ومحاسبة المسؤولين عن السياسات التي أوصلت لبنان الى الانهيار الكامل).
وبالتزامن، تستكمل الحكومة اللبنانية جلسات التفاوض مع صندوق النقد الدولي بهدف الحصول على دعم مالي ملحّ للخروج من دوامة انهيار اقتصادي متسارع.
وطلبت الحكومة مطلع الشهر الحالي مساعدة رسمية من صندوق النقد، غداة إقرارها خطة إصلاحية تأمل عبرها الحصول على دعم خارجي بأكثر من 20 مليار دولار. ويضع صندوق النقد الدولي بدوره جملة من الشروط المرتبطة بالإصلاحات وخصوصاً في ملف الكهرباء، واستقلالية القضاء ومكافحة الفساد واسترداد المال المنهوب وغيرها من الإجراءات الجدية التي على الحكومة اتخاذها للحصول على مساعدات الصندوق تماماً كما هي حال مؤتمر سيدر.