تبدلت أخبار فيروس كورونا، بعد تفشيه في 185 بلداً حول العالم، من هل هو سلاح بيولوجي استخدمته الولايات المتحدة للنيل من الاقتصاد الصيني، إلى مؤامرة حاكتها الصين للعالم، إثر انتشاره وعدم تسجيل ولاية ووهان، موطنه الأول قبل أيام، أي إصابة، لينتقل الطرح إلى أثر هذا الفيروس على الاقتصاد العالمي، بعد شلل السياحة وتوقف الطيران وتعطل معظم المنشآت الإنتاجية، قبل أن يصل اليوم إلى هلع عالمي، يصل إلى حدود الخوف من الإبادة والفناء، إن لم تصل الدول المتطورة إلى علاج عاجل ولقاح بغضون أشهر.
وخلصت الحكومات، في معظم دول العالم، إلى أن الحجر الاختياري للشعوب، هو الطريقة المثلى التي أثبتت جدواها في الصين، بعد الشرح والإرشادات وضرورة تضافر التزام الشعب مع جهود الحكومات، وإلا، فثمة حجر إجباري ومنع للتجوال، خاصة للمسنين والمرضى، كما اعتمدت دول أوروبية وعربية وآسيوية.
إذاً، حتى اليوم، وبعد تعدي عدد المصابين بهذا الفيروس 290 ألفاً حول العالم وتجاوز الوفيات 11500 إنسان، يبدو أن "خليك بالبيت" هي الطريقة الأنجع والأقل كلفة وخسارة للأرواح، التي رست عليها دول العالم، سواء المتخلفة أو حتى المتحضرة منه، وبلغ عدد المحجورين إجبارياً نحو 600 مليون في 22 دولة، في حين يخضع نحو 400 مليون لحظر التجول أو الدعوات إلى عدم الخروج من المنازل.
في حين آثرت بعض الدول إنكار وصول الوباء إلى داخل حدودها، كما فعل نظام الأسد بسورية حتى يوم أمس، رغم أن حدودها مفتوحة على دول الجوار المصابة، كالعراق أو لبنان، أو مع بؤرة الإصابة في الشرق الأوسط، الحليفة إيران.
وليكمل نظام الأسد ملامح المقاومة والممانعة، حتى للفيروسات، أبقى على كل عوامل سرعة الانتشار، من اختلاط وأسواق وتجمعات، بل وزادها بالآونة الأخيرة، عبر شح الخبز والمشتقات النفطية، فرأينا الطوابير بالآلاف حتى اليوم، ما ينذر بكارثة كما حذرت منظمة الصحة العالمية، خاصة بعد الاعتراف أمس بأول إصابة لشابة عشرينية قادمة من لبنان.
لينتبه "النظام المقاوم"، بعد أن "ضرب الذي ضرب وهرب من هرب" ويبدأ بإغلاق المطاعم ويقلص ساعات العمل ويدعو السوريين لالتزام منازلهم.
نهاية القول: بعيداً عن نكء الأخطاء وجرائم نظام الأسد، أو الوقوف على مراكز الحجر العامة الأقرب إلى "المزابل" التي اعتمدها نظام الأسد، إن بالدوير أو الزبداني بريف دمشق، لننطلق من الدعوة للحجر الاختياري وعدم خروج السوريين من منازلهم، لتقليل عدد الإصابات والمساعدة بالتحويط والعلاج، ونسأل: هل السوريون الذين تزيد نسبة البطالة بصفوفهم عن 80% والفقر عن 90% قادرون على التزام البيوت؟!
وكيف لحياة المحجورين أن تستوي، إن كان السوريون يعانون انقطاع التيار الكهربائي وقلة المشتقات النفطية، بل وحتى انقطاع المياه الصالحة للشرب؟!
وأما إن تنازلنا عن جميع تلك الاحتياجات واستبعدنا الموت جوعاً لمن تسول له نفسه الالتزام بالبيت، على اعتبار خطورة الظرف وتهديد الحياة، لنسأل عمن لا يمتلكون منازل في سورية، بعد أن هدم نظام الأسد 27% من مساكن السوريين، وأجبر نيف وخمسة ملايين سوري على النزوح والتشرد.
ولعل الفجيعة الكبرى فيمن يأخذ من الأرض فراشاً والسماء غطاء على الحدود السورية التركية، بعد حملة الإبادة والتهجير التي قادها الأسد وبوتين خلال الشهر الفائت بريفي إدلب وحلب، فأجبرت أكثر من مليون سوري على ترك بيوتهم واللجوء للخيم والبراري والطرقات، فنسبة الكثافة السكانية هناك، تفوق كثافة هونغ كونغ ربما، مع انعدام تام لأبسط شروط الصحة والوقاية، سواء من ماء وكهرباء أو مراكز طبية ودواء.
ربما، حتى الحجر والتزام المنازل، باتا أمنية للسوريين اليوم، فهم أتعس البشرية بزمن كورونا وعصابة الأسد.