قال رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد في تونس، شوقي الطبيب، إن خسائر بلاده سنوياً من الفساد تبلغ نحو 3 مليارات دولار، مشيرا إلى أن تراكم الخسائر في العديد من المؤسسات يضعها على مشارف الإفلاس.
وأضاف الطبيب، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن مؤسسات القطاع الحكومي التي تساهم بنحو 15 في المائة من الناتج المحلي للبلاد، تعاني من سوء تصرف مالي وإداري.
وتصاعدت وتيرة توقيف مسؤولين وموظفين في شركات حكومية وإدارات جمركية خلال الأيام الأخيرة بتهم فساد ورشوة، الأمر الذي اعتبره خبراء اقتصاد ضرورياً لتحقيق الاستقرار المالي للكثير من المؤسسات.
وقال رئيس جمعية المراقبين العموميين والخبير في الحوكمة، شرف الدين اليعقوبي، إن مساراً جديداً لمكافحة الفساد في تونس بصدد التشكل، مشيرا إلى أن هناك مؤشرات إيجابية لمرحلة حوكمة جديدة في البلاد من خلال تعقّب الفساد الإداري والإذن بمهمات تدقيق في قطاعات مهمة، منها رخص استكشاف واستخراج النفط.
وأضاف اليعقوبي لـ"العربي الجديد" أن إطلاق حملة جديدة لمكافحة الفساد الإداري يجب أن يواكبها إسراع في البت القضائي في الملفات المحالة إلى المحاكم، لإثبات نجاعة مكافحة الفساد ومحاسبة الفاسدين.
وأشار إلى أن مسار مكافحة الفساد في تونس لا يزال طويلا بسبب تعقيدات إدارية وقضائية تشعب المصالح وتداخلها، معتبرا أن هذا التداخل يضع الدولة التونسية في موضع الدولة الرخوة أو اللينة.
وبالتوازي مع إيقاف ومحاكمة موظفين بتهم الفساد، أعلنت وزارة الوظيفة العمومية والحوكمة نهاية مايو/أيار الماضي أنه تم الإذن بمهمة تدقيق معمّق في رخص وامتيازات الاستغلال في مجال المحروقات.
وقطاع الطاقة من بين أكبر القطاعات التي تحوم حوله شبهات الفساد وسوء الحوكمة، وفق رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد. ومنذ عام 2017، يتراوح ترتيب تونس في التصنيف العالمي لمكافحة الفساد بين المرتبة 73 و74 دوليا، رغم إعلان حكومة يوسف الشاهد السابقة عن حملات للتصدي للفساد الإداري والمالي ومحاربة الأنشطة الموازية والتدفقات المالية المشبوهة.
وكانت حكومة الشاهد قد أقالت وزير الطاقة خالد قدور عام 2018، بينما تم سجن كاتب الدولة في ذات الوزارة بتهم فساد.
وقال الخبير الاقتصادي محمد منصف الشريف لـ"العربي الجديد"، إن الفساد عامل منفّر للمستثمرين المحليين والأجانب الذين يعانون من رداءة الخدمات الإدارية وصعوبة تحصيل حقوقهم من دون دفع رشاوى، معتبرا أن حوكمة القطاع العام يجب أن تتم في إطار سياسة حكومية شاملة يكون فيها القضاء طرفاً فاعلاً عبر الإسراع في البت في القضايا.
وفي نهاية يونيو/حزيران 2017، أشارت دائرة المحاسبات (هيئة رقابة حكومية)، إلى أن 27 مؤسسة حكومية، من بينها الشركة الوطنية للنقل بين المدن، أساءت التصرف في المال، وتواجه شبهات فساد مالي، وفق تقرير رقابي عن أعمالها لمدة أربع سنوات بين 2010 و2014.
وفق رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، فإن نحو 1500 ملف فساد جرى إحالتها إلى القضاء منذ عام 2016، لكن نسب الفصل فيها ما تزال ضعيفة وتتراوح بين 10 و15 في المائة. وتأسست الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد في تونس نهاية 2011 بدلا عن لجنة تقصي الحقائق عن الفساد والرشوة، التي أنشئت مباشرة بعد الثورة.
وفي وقت سابق من العام الجاري، قالت منظمة "أنا يقظ" وهي منظمة رقابية مستقلة، إن السلطات التونسية مطالبة بإدراج مكافحة الفساد كأولوية في برنامجها، مشيرة إلى ضرورة التعامل بجدية مع ملف استرجاع الأموال المنهوبة والممتلكات المصادرة.