سحب قاتمة في سماء صناعة السيارات الألمانية ... تراجع المبيعات وإلغاء الوظائف

01 ديسمبر 2019
أنغيلا ميركل في معرض فرانكفورت للسيارات (فرانس برس)
+ الخط -
سحب قاتمة تغطي مستقبل صناعة السيارات الألمانية بعد الازدهار الكبير الذي شهدته خلال أكثر من ستة عقود منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.

وتشهد الصناعة التي يعتمد عليها الاقتصاد الألماني بدرجة كبيرة في النمو، مرحلة تراجع واضحة بسبب الفضائح الخاصة بغش العوادم والرسوم الأميركية والتخلف عن ركب تصنيع السيارات الصديقة للبيئة.  

وقالت شركة دايملر الألمانية لصناعة السيارات التي تملك "مرسيدس بنز"، يوم الجمعة الماضي، إنها ستستغني عما لا يقل عن 10 آلاف موظف في جميع أنحاء العالم، لأنها تسعى لتمويل مشاريع مخصصة للسيارات الكهربائية.

وتأتي هذه الخطوة بعد أيام فقط من إعلان شركة أودي المنافسة أنها ستخفض 9500 وظيفة من أصل 61 ألف وظيفة في ألمانيا لأسباب مشابهة.

وكانت السلطات الألمانية قد غرمت شكة ديملر بنز 960 مليون دولار في نهاية سبتمبر/ أيلول الماضي، بسبب ما اعتبره المدّعي العام إهمالاً أدى إلى بيع سيارات ديزل مغشوشة المواصفات.

وبحسب تقرير لوكالة بلومبيرغ في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، انخفض إنتاج صناعة السيارات الألمانية مجتمعة بنسبة 12% هذا العام، كما انخفضت صادراتها بنسبة 14%، في حين تراجعت مبيعات السيارات الأوروبية بنسبة 3% خلال الأشهر الثمانية الأولى من عام 2019، وهو ما يعني أنها كانت الأكثر تراجعاً بين السيارات الأوروبية.

وتوفر صناعة السيارات الألمانية أكثر من 800 ألف وظيفة داخل البلاد، وتمثل جزءاً كبيراً من إنتاج وصادرات ألمانيا، لذلك سعت الحكومات السابقة جاهدة لحمايتها من اللوائح التنظيمية المزعجة، التي قد تعرقل توسعها أو تهدد الوظائف.

ولاحظ محللون غياب عدد من شركات السيارات الألمانية عن منصات المركبات الكهربائية بمعرض فرانكفورت لصناعة السيارات الألمانية في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، ولم تقدم الشركات جديدها في صناعة المركبات الكهربائية.

ويرى محللون في قطاع السيارات، أن غياب بعض الشركات ربما يكون بسبب رغبة الإدارات في توفير المال، وأحيطت تحركات مسؤولي شركات محلية رئيسية مثل مرسيدس و"بي إم دبليو" وفولكسفاغن باحتجاجات النشطاء البيئيين، بسبب تمسك الصناع بمحركات الديزل والبنزين.

وتكافح صناعة السيارات في ألمانيا في الوقت الراهن من أجل مواكبة التطورات، وتبدو مترددة في تبني النماذج الكهربائية، وذلك في الوقت الذي ينتشر استخدامها حول العالم.

وعلى سبيل المثال، في النرويج، تشكل النماذج الكهربائية أو الهجينة 65% من جميع المركبات المباعة في البلاد، في حين لم تتجاوز النسبة في ألمانيا 7%.

وبينما تعرضت مجلة دير شبيغل لانتقادات حادة، لتصدر إحدى سيارات بورشه الرياضية لغلافها خلال الشهر الماضي، تساءل تقرير بموقع دويتشه فيله، قائلاً: لماذا لا تفعل ألمانيا المزيد لمواكبة المنافسة في قطاع السيارات الصديقة للبيئة، ما دام يبدو فجر حقبة جديدة لصناعة السيارات قد حان، مشيراً إلى خطط بكين في جعل 20% من مبيعات المركبات من نصيب النماذج الكهربائية بحلول 2025.

وكانت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل قد أعربت عن شعورها بالأسف تجاه تخلف الصناعة عن هدف النماذج الكهربائية، ويُلقي محللون جزءاً من اللوم على الحكومات المتعاقبة في برلين، والتي شجعت صناعة السيارات على مواصلة طريقها وقاومت التغيير.

وبجانب المخاوف المناخية، فإن أكثر ما يشغل الرأي العام الألماني هو مصير العاملين في صناعة السيارات حال استمر الانكماش أو تخلف الصناع المحليون عن الركب العالمي للتحول نحو الأنماط الكهربائية الصديقة للبيئة.

ومنذ فضائح غش التلوث البيئي التي تفجرت في أميركا قبل عامين بعد أن ضبطت شركة فولكسفاغن متلبسة بغش العوادم أصبحت يد برلين مغلولة ولا تستطيع الدفاع عن درة التاج الصناعي الألماني، فولكس فاغن.

وتتخوف الحكومة الألمانية من الانكماش الحالي في صناعة السيارات وتواصل التخلف المحتمل في المستقبل عن الاتجاهات العالمية التي تتبنى السيارات الصديقة للبيئة.

المساهمون