تونس: تهديدات متبادلة مع انطلاق مفاوضات عمالية جديدة

28 يونيو 2018
مواقف حازمة تتخذها نقابات عمال تونس لتحصيل حقوقها (Getty)
+ الخط -


بعد أشهر من حرب لم تضع أوزارها إلى الآن بين الحكومة التونسية وأكبر منظمة نقابية متمثلة بالاتحاد العام التونسي للشغل الذي يطالب بإسقاطها، انطلقت جلسة مفاوضات بين الطرفين، اليوم الخميس، بقيادة رئيس الحكومة يوسف الشاهد والأمين العام للاتحاد نور الدين الطبوبي، حول زيادة أجور الوظيفة العمومية والقطاع العام.

لقاء اعتقد البعض أنه قد يسهم في إذابة جليد علاقة الطرفين، لكن الطبوبي استبقه بتأكيد أن "مواصلة التفاوض حول الملفات الاجتماعية لا تتعارض مع تمسك الاتحاد بتغيير الحكومة"، مضيفا أنه من خيارات الاتحاد العام التونسي للشغل "الموازنة بين دوره الاجتماعي والوطني".

وأضاف الطبوبي، على هامش افتتاح المؤتمر العادي الثالث عشر للجامعة العامة للتكوين المهني والتشغيل المنعقد في مدينة الحمامات، أن الجلسة التفاوضية المبرمجة اليوم بين الاتحاد والحكومة بشأن القطاع العام والوظيفة العمومية، لن تكون مجرد صورة إعلامية بل ستحسم عددا من الملفات الاجتماعية الساخنة.

وأوضح أن هذه الجلسة تجمع وفدا عن المكتب التنفيذي للاتحاد مع وفد من الحكومة برئاسة الشاهد، وتنظر في تنفيذ اتفاق 27 نوفمبر/ تشرين الثاني 2017 الماضي بين الطرفين، والذي يتضمن عددا من القضايا الاجتماعية، مبرزا ضرورة المباشرة بالملفات المتعلقة بارتفاع الأسعار وتدهور القدرة الشرائية وتأخر صرف أموال المتقاعدين.

وقال الطبوبي أيضا إن الاتحاد لن يبقى صامتا أمام الوضعية الراهنة وسيواصل النضال السلمي والمدني للضغط على الوضع وتعديل بوصلة الحكومة، لافتا إلى "ضرب مصداقية التفاوض الذي لم يجد طريقه إلى التنفيذ الفعلي".


ويأتي تأكيد الطبوبي على اتفاق العام الماضي، ليلقي مزيدا من الضغط على الحكومة غير القادرة لغاية الآن على تفعيل بنود تلك الاتفاقية بسبب قلة الموارد ومشكلات المالية العمومية.

وعلى هامش المناسبة ذاتها، اعتبر الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل، سامي الطاهري، أنه لا بد من التحرك ضد ما اعتبره "السياسات الخاطئة والمرتجلة للحكومة الحالية".

وأكد الطاهري في تصريحات للصحافيين، أن التحوير الجزئي لا يعتبر حلا، وأن الإصرار على الإبقاء على الحكومة الحالية هو إصرار على الفشل، بحسب تعبيره.

وبيّن أن جلسة اليوم بين الحكومة والاتحاد تندرج في المسار الاجتماعي لا غير، لافتا إلى أن موقف الاتحاد يبقى ثابتا بخصوص تغيير الحكومة، لا سيما أن الشأن السياسي لا يتم النظر فيه مع الحكومة بل مع مختلف أطراف الائتلاف الحاكم والمنظمات، باتجاه التغيير.

هذا الإصرار من الاتحاد على تغيير الحكومة قابلته إشارات قوية من الحكومة، يمكن اعتبارها تهديدات موجهة إلى المنظمة النقابية، بالحد من ثقلها الاجتماعي التاريخي، ووضع حد لسيطرتها على التمثيل النقابي في البلاد.

وزير العلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الإنسان، مهدي بن غربية، قال، اليوم الخميس، إن الحكومة شرعت في إعداد مشروع قانون يفعل حق التعددية النقابية بصفة تشاركية بين المنظمات النقابية.

وتأتي هذه التصريحات الأولى من نوعها لتصبّ الزيت على النار المستعرة بين الطرفين، إذ يدرك الجميع في تونس مدى حساسية اتحاد الشغل من ملف التعددية النقابية، حيث سعت حكومات مختلفة بعد الثورة إلى التقليل من أهمية الاتحاد ومحاولة ضربه، عبر التلويح بالتفاوض مع منظمات نقابية أخرى بشأن ملفات عدة.

وكانت آخر تجربة بين وزارة التعليم العالي ونقابة "إجابة" مثالا واضحا على حساسية هذا الملف، إذ اعتبرت الوزارة هذه النقابة تابعة لاتحاد غير قانوني ورفعت الأمر إلى القضاء.

المساهمون