أوروبا تترقب نتائج لقاء ميركل وترامب

17 مارس 2017
المستشارة الألمانية والرئيس الأميركي (Getty)
+ الخط -
قبيل اجتماع المستشارة أنجيلا ميركل مع الرئيس دونالد ترامب في واشنطن، الذي يحظى بأهمية قصوى في أوروبا وأميركا، أدلى وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين الذي اجتمع مع نظيره الألماني فولفغانغ شويبله على هامش اجتماعات قمة العشرين بتصريحات إيجابية تجاه التعاون التجاري بين بلاده ودول العالم.

ووسط التوتر الجاري منذ انتخاب ترامب مع ميركل تحبس أوروبا أنفاسها ترقباً للنتائج التي ستحدد توجهات أوروبا خلال الفترة المقبلة. 

وكان يفترض أن تكون زيارة المستشارة ميركل لواشنطن يوم الثلاثاء الماضي، ولكنها أجلت بسبب سوء الأحوال الجوية، حسب ما ذكرت وكالة الأنباء الألمانية.

وقال وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين أمس الخميس، إن إدارة الرئيس دونالد ترامب لا ترغب بالدخول في حروب تجارية، لكن من الضروري إعادة النظر في علاقات تجارية معينة لكي تصبح أكثر عدلاً. وقال منوتشين خلال مؤتمر صحافي مع وزير المالية الألماني فولفغانغ شويبله في ألمانيا، إن ترامب يدرك أهمية التجارة للنمو الاقتصادي. وحسب رويترز قال الوزير الأميركي "لا نريد الدخول في حروب تجارية... الرئيس يؤمن بحرية التجارة ويريد تجارة حرة وعادلة".

وحسب تقارير ألمانية من المرجح أن تضغط ميركل على ترامب في أول لقاء لهما، من أجل الحصول على ضمانات حول دعم أميركي قوي للاتحاد الأوروبي والالتزام باتفاقية تغير المناخ. وتتخوف ألمانيا من أن يتسبب دونالد ترامب في حرب تجارية دولية نتيجة سياسته في التجارة الخارجية، وهو أمر يتخوف منه العديد من الاقتصاديين منذ تولي ترامب منصب الرئاسة.

ولكن حتى الآن لم يحصل شيء ملموس في هذا الشأن، لكن التصريحات الكثيرة للرئيس ترامب تمضي في اتجاه واضح يشير إلى الانغلاق عن الاقتصاد العالمي.
ويعتزم ترامب خفض حجم السلع المستوردة لتقوية الإنتاج داخل الولايات المتحدة. وقال المتحدث باسم البيت الأبيض سيان سبايسر في هذا الصدد: "نريد فرض ضرائب على واردات من بلدان لنا معها عجز في التجارة الخارجية".

وهذه الضريبة التي ستصل قيمتها حسب تصريحات ترامب مستوى 20% سيكون لها في نهاية المطاف مفعول إجراءات جمركية مؤثرة على المنتجات الأجنبية. وذلك حسب ما نقل موقع" دويتشه فيله" الألماني.

وفي ذات الصدد أفادت أرقام مكتب الإحصاءات الألماني أن الشركات الألمانية باعت في السنة الماضية منتجات بقيمة 107 مليارات يورو للولايات المتحدة. وهذا يشكل تقريباً ضعف ما تم استيراده من الولايات المتحدة. ويبدو أن الطلقات التحذيرية الحمائية من واشنطن هي موجهة إلى ألمانيا، وهي عقبات تجارية مضرة بالاقتصاد الألماني الذي بلغت فيه مردودية صادراته مستوى 40% في العام الماضي.

كما تشكل الولايات المتحدة أقوى سوق لصادرات الشركات الألمانية بنسبة عشرة في المائة من مجموع الصادرات الألمانية. وقالت وزيرة الاقتصاد الألمانية، بريجيت تسيبريس، في تصريحات لراديو "دويتشلاند فونك" الألماني، ونقلتها وكالة "رويترز"، إن برلين تدرس رفع دعوى قضائية ضد ترامب بسبب ضريبة الحدود المقترحة من إدارته.

وقالت الوزيرة الألمانية: "هناك إجراءات منصوص عليها في كافة اتفاقيات منظمة التجارة العالمية، والتي أوضحت بشكل جلي بأنه لا يسمح بفرض ضرائب بنسب أكبر من 2.5% على واردات السيارات". وفي ذات الصدد، قال يورغن ماتيس من معهد كولونيا للاقتصاد الألماني في تعليقات لموقع القناة التلفزيونية الألمانية: "دويتشه فيله"، نأمل أن تظل تلك التهديدات العنيفة أسلوباً خطابياً وألا تليها أفعال في نهاية الأمر".

وحسب الأرقام التجارية فإنه وفي أسوأ الأحوال، وفي حال صحت تلك التهديدات، فستصبح 1.6 مليون فرصة عمل في ألمانيا في وضع خطير. ولا يخفى على الرئيس الأميركي أن 600.000 فرصة عمل تعود لشركات أميركية في ألمانيا، وبالتالي فإن كل تحرك موجه ضد ألمانيا سيعود بالضرر على الاقتصاد الأميركي.

وتقول مصادر ألمانية، تبدو مخططات ترامب كسكين ذي حدين. فمواقع الإنتاج للعديد من الشركات لم تعد تقتصر على بلد واحد. كما إن الاقتصاد الأميركي يعول على منتجات أولية من بلدان مختلفة. وفي حال فرض ضرائب على واردات تلك البلدان فستصبح كلفة عمليات الإنتاج والمنتوج النهائي مرتفعة. ويعارض اقتصاديون أميركيون خطط ترامب التجارية ويرون أن سياسات ترامب ستعمل على الإضرار بنفسه على الأمد الطويل، لأن ذلك يهدد فرص العمل في الولايات المتحدة الأميركية.

وأكثر المخاوف الألمانية تأتي من قبل صناعة السيارات الألمانية التي قام ترامب بتوجيه تهديدات إليها بشكل خاص، إذ قالت صحيفة بيلد الألمانية "يجب على بي إم دبليو مثلاً أن تدفع مستقبلاً ضريبة استيراد بقيمة 35% على كل سيارة مصدرة إلى الولايات المتحدة".

وقد أقلقت هذه التصريحات والتهديدات بعض الشركات الألمانية، خاصة أن الولايات المتحدة الأميركية هي ثاني أكبر سوق لصناعة السيارات الألمانية المصدرة، حسب أرقام اتحاد صناعة السيارات. فهي تشكل نسبة 1% من مجموع عدد السيارات المصدرة من ألمانيا عبر الأطلسي ـ نسبة الاستيراد في بريطانيا أعلى بقليل. لكن الخبراء الاقتصاديين يعتبرون أن سوق السيارات الأميركية ستكون هي الأخرى خاسرة في حال تطبيق هذه السياسة الانعزالية، وستتجلى النتيجة الأولى في فقدان العديد من مواطن العمل في السوق الأميركية.
المساهمون