لبنان والأردن.. اقتصادان يدفعان ثمن الثورة السوريّة

29 يونيو 2014
تدفق النازحون إلى الأردن(خليل مزراعي/فرانس برس/getty)
+ الخط -


يتقاسم كل من لبنان والأردن المعاناة نفسها، الحرب الدرائرة في سورية، هذه الحرب التي أنتجت معاناة اكثرمن مليوني نازح سوري، شاء القدر بهم أن يتوزعوا داخل الأراضي اللبنانية والأردنية، بالإضافة إلى دول أخرى في المنطقة.

إلا أن خصوصية الوضع اللبناني والأردني، ومحدودية اقتصادهما، جعلت من المعاناة الإنسانية للسوريين، عامل ضغطاً على موارد الدولتين، حيث ارتفعت مديونية كل من البلدين، وانخفضت نسب النمو، وظهرت مشاكل اقتصادية واجتماعية أبرزها ارتفاع نسب البطالة في صفوف الشعب الأردني واللبناني.

أزمة خانقة

أصبحت الأرقام كفيلة في لبنان لرسم ملامح الاقتصاد، فالتقارير الدولية والمحلية رصدت عجز الموازنة اللبنانية جراء ارتفاع النفقات لتلبية حاجات النازحين، بالإضافة إلى ذلك، تكبّد الاقتصاد خسائر ناهزت نحو 7.5 مليار دولار.

وأشار وزير الاقتصاد والتجارة اللبناني الان حكيم إلى أن تكاليف النزوح السوري على الواقع الاقتصاد اللبناني وصلت إلى ما يقارب 2 مليار دولار سنوياً.

وقال لـ "العربي الجديد": مأساة النازحين في لبنان لم تعد تتعلق بالواقع الاقتصادي وحسب، بل تتعلق بوضع المالية العامة، حيث انخفض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 2.9% سنوياً، وانخفضت نسب النمو إلى ما يقارب 1% خلال العامين الماضيين بعدما وصلت نسب النمو قبل الأزمة إلى 5%، مضيفاً أن لبنان لم يعد قادراً على تحمل هذه التداعيات بمفرده.

وكان وزير العمل اللبناني قد أوضح في حديث سابق لـ "العربي الجديد" أن أزمة النازحين في لبنان بدأت تدق ناقوس الخطر، مشيراً الى تداعيات النزوح على الوضع العمالي اللبناني، حيث ارتفعت نسب البطالة بين الشباب الى 21% وبلغ عدد الشباب العاطل عن العمل ما نسبته 35%، بسبب مزاحمة اليد العاملة السورية التي تشكل 47% من مجموع النازحين السوريين.

ضغط هائل في الأردن


لا يقل الوضع في الأردن سوءاً عن الوضع اللبناني، فقد أشار الخبير الاقتصادي الاردني مازن أرشيد إلى أن تدفق اللاجئيـن السوريين بات يشكل تحدياً كبيراً على الاقتصاد الأردني جراء الضغط الهائل الذي فرضه تدفقهم على موارد الدولة الأردنية المحدودة أصلاً، وعلى البنية التحتية.

وقال أرشيد لـ "العربي الجديد": ولّد تدفق اللاجئين السوريين ضغطاً كبيراً على الموارد الاقتصادية الاردنية المحدودة، حيث ارتفع الإنفاق العام في الأردن خلال السنوات الماضية، مما اثر سلباً على نسب النمو، حيث انخفض معدل النمو إلى 2%."
 
وتابع:"إذا أردنا الحديث عن التأثيرات المباشرة لللاجئين على وضع المالية العامة، نلاحظ ارتفاع الإنفاق الوطني خلال العامين السابقين الذي بلغ نحو 590 مليون دينار، أي ما يشكل 3% من الناتج المحلي الإجمالي، كما ارتفاع الديْن العام من 60% من إجمالي الناتج المحلي الاجمالي إلى 80% في السنوات الماضية."

من جهة أخرى لفت الخبير إلى أنّ هذه الأرقام تشمل أعداد السوريين داخل المخيمات، فيما هناك أعداد هائلة من النازحين خارج المخيمات، لم يتم احتساب أثرهم المباشر على الاقتصاد الأردني، علماً أنّ تكلفة استضافة اللاجئ الواحد تبلغ  3.300 آلاف دولار سنويا أو 1.7 مليار سنوي.

سوق العمل

يشكل اللاجئون ضغطاً على فرص العمل في القطاعات غير الرسمية الأردنية، مع اشتداد المنافسة بين العمالة السورية والعمالة الأردنية. وبحسب أرشيد، فإن اللاجئين يشكلون قوة منافسة في سوق العمل الأردني، إذ أن العامل السوري يرضى بأجر متدن وبساعات دوام أطول من العامل الاردني.

وقال": إن العديد من المحال التجارية في الأردن لجأت إلى العمالة السورية نظراً لتدني اجورهم، مما ساهم في ارتفاع نسب البطالة بين الأردنين حيث تفيد دائرة الإحصاءات الأردنية ارتفع معدل البطالة في المملكة للربع الثاتي من العام الحالي إلى 14% مقابل 13.1 % للربع نفسه من العام 2013".

انخفاض التصنيف

من جهتها أشارت مؤسسة التصنيف الدولية موديز إلى ارتفاع مستوى الديْن السيادي للأردن إلى 90% من الناتج المحلي الإجمالي في 2014، واشارت في أحد تقاريرها ارتفاع معدل التضخم من 3% في عام 2011 إلى 8% في عام 2013، مما ساعد في هبوط القيمة المضافة في قطاعي الزراعة والتعدين  في الأردن نتيجة لانقطاع أنشطة النقل عبر سورية.

وخفّضت مؤسسة التصنيف الائتماني "ستاندرد اند بورز" التصنيف الائتماني للأردن من قبل من "بي بي" الى "بي بي" سالب نتيجة انعكاسات الأزمة السورية على الاقتصاد الأردني مع رؤية سلبية للاقتصاد في المستقبل. 

المساهمون