أموال العرب في الخارج

17 نوفمبر 2015
هجمات باريس تحيي مطالب استرجاع الاستثمارات العربية بالخارج (Getty)
+ الخط -

هناك مثل شعبي شهير يقول: "ما أسخم من ستي إلا سيدي"، و"أسخم" يعنى أسوأ أو أردأ، والمثل يضرب على تفضيل البعض شيئاً ما على آخر ويكتشف أن هذا الشيء أسوأ من الشيء المفضل لديه، وهو مثل قريب من المثل الشعبي "جيبتك يا عبد المعين تعيني لقيتك يا عبد المعين عايز تتعان".

ومناسبة الحديث عن الأمثال الشعبية هو ما حدث من تفجيرات إرهابية هزت العاصمة الفرنسية باريس يوم الجمعة الماضي وأدت لمقتل وإصابة العشرات من المدنيين، فعقب التفجيرات عاد ملف الأموال والاستثمارات العربية من الخارج للواجهة، وتجددت المطالب بعودة هذه الأموال، وتحديداً المستثمرة في أوروبا وأميركا، والتي تقدر جهات عربية قيمتها بنحو 800 مليار دولار، في حين ترفعها تقديرات أخرى لأكثر من 2400 مليار دولار، وأنا أميل للأرقام الأخيرة خاصة وأن قيمة استثمارات الصناديق السيادية الخليجية في الخارج تتجاوز لوحدها 2066 مليار دولار.

هناك أسباب منطقية تدعو لفتح ملف عودة الاستثمارات العربية من الخارج، خاصة مع حاجة دول المنطقة لهذه الأموال في إقامة مشروعات وتوليد فرص عمل والحد من البطالة وتشغيل ملايين الشباب العاطلين وتحسين البنية التحتية والمرافق.

وآخر هذه الأسباب ما حدث في باريس من تفجيرات يوم الجمعة الماضي والتي أعقبتها زيادة المخاطر السياسية والأمنية التي باتت تحيط بالاستثمارات العربية في المناطق المستثمرة بها، إضافة لزيادة المخاطر الاقتصادية أيضا التي باتت تقلق الاقتصادات الغربية قبل الاقتصادات العربية وهي مخاطر ناجمة عن بطء الاقتصاد العالمي، ووجود بوادر لأزمة مالية عالمية جديدة قد تفوق في حدتها أزمة أغسطس/آب 2008 ، وتداعيات أزمات الديون اليونانية وفضيحة فولكسفاغن وتراجع الصادرات الأوروبية.

قد يقول البعض: ما الفارق مثلا بين اليمن والعراق وسورية من جهة وفرنسا من جهة أخرى في زيادة حدة المخاطر السياسية والأمنية خاصة مع تحذير رئيس وزراء فرنسا مانويل فالس أمس من هجمات جديدة محتملة في بلاده؟

هذا سؤال وجيه لأن المخاطر واحدة ومتشابهة وتتعلق معظمها بالإرهاب، لكن يبقى السؤال المطروح هنا هو: هل البيئة مناسبة داخل دول المنطقة لإعادة الأموال والاستثمارات العربية المهاجرة، وإذا كان الإرهاب قد ضرب فرنسا في مقتل، فإن هناك حروباً واضطرابات أمنية وسياسية تصاحبها حالة قلق شديدة داخل المنطقة قد تفوق تداعياتها ما حدث بباريس الجمعة الماضي.

عودة الأموال العربية من الخارج ليست بالأمر السهل واليسير، وليست في حاجة إلى جرة قلم كما يظن البعض، بل هي في حاجة لاستقرار سياسي وأمنى، وتوافر فرص استثمار جاذبة، وقبلها بيئة مناسبة من ناحية التشريعات واستقرار أسواق الصرف وحرية دخول وخروج الأموال وتوافر الطاقة والمواد الخام والايدي العاملة المدربة، والأهم من ذلك إرادة سياسية لدى الحكومات تؤمن بأن شباب المنطقة في حاجة ملحة لهذه الأموال للحصول على فرصة عمل والإيمان بأن الغد أفضل من اليوم.

اقرأ أيضا: اعتداءات باريس..السياحة الخاسر الأكبر والأسواق تتسابق لكبح الانهيار

المساهمون