الجزائر: التجارة الحرة مع أوروبا تضيع 7 مليارات دولار

19 يناير 2017
ضعف الصادرات الجزائرية لأوروبا (Getty)
+ الخط -
طفت إلى السطح مجدداً العلاقات الاقتصادية بين الجزائر والاتحاد الأوروبي، بعدما كشفت الأرقام اختلال كفتي الميزان، لصالح الضفة الشمالية من البحر المتوسط، ما يجعل الجزائر في موقع الضحية في العلاقة التي أُريد لها أن تكون استراتيجية تضمن ربحية الجميع. 
وبلغة الأرقام، تكبدت الجزائر منذ دخول اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي حيز التنفيذ في 2005 وحتى نهاية 2015 خسارة قدرت بأكثر من 700 مليار دينار (7 مليارات دولار)، بعدما عجزت عن تنفيذ التزاماتها في مجال التصدير للاتحاد الأوروبي واقتصرت صادراتها على النفط والغاز.
وتتمثل الخسائر التي تقدرها الجزائر من شراكتها مع أوروبا، في المبالغ التي كانت تستحقها هيئة الجمارك الجزائرية نظير السماح بإدخال سلع أوروبية على مدار 10 سنوات، لكنها دخلت دون مقابل بفضل اتفاق التجارة الحرة بين الطرفين.
ويرى القيادي في حزب العمال الجزائري (يساري) جلول جودي، أن "الرقم الذي كشفت عنه الجمارك الجزائرية الذي يتكلم عن 7 مليارات دولار هو رقم خاطئ، فاتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي كلف الجزائر خسارة تفوق ذلك، ربما تصل إلى 8.5 مليارات دولار منذ 2005".
وأضاف لـ"العربي الجديد"، أن هذه الاتفاقات تسير في اتجاه واحد، والجزائر لم تجن أي إيجابيات من ورائها.
ويرى القيادي ورئيس كتلة حزب العمال في البرلمان الجزائري، أن حزب العمال يحفز العلاقات الثنائية بين دولتين وليس بين دولة وتكتل يضم مجموعة من الدول، مضيفا: "هذا ما قادنا إلى التصويت في البرلمان ضد دخول الجزائر في مثل هذا النوع من الشراكات".
ويقضي اتفاق الشراكة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي، الذي جاء في العشرات من الصفحات، بإنشاء منطقة تبادل حرة بين الطرفين يتم فيها إزالة الحواجز الجمركية من خلال إقرار إعفاءات على عدد كبير من السلع ضمن ما يعرف بـ"التنقل الحر للسلع"، منها سلع صناعية وإنتاجية، والسلع الزراعية، بالإضافة إلى السلع المتعلقة بالصيد البحري.
وحسب الخبير الاقتصادي فرحات علي، فإن "هذه الشروط جعلت الجزائر تخسر أموالا طائلة من خلال عدم فرض الرسوم الجمركية على الملايين من الحاويات والسلع الآتية من منطقة الاتحاد الأوروبي".
وقال الخبير الجزائري: "لو نظرنا إلى الميزان التجاري الجزائري، نجد أن 80% من الواردات تأتي من الاتحاد، أي قرابة 40 مليار دولار سنويا، منها قرابة 18 مليار دولار تمر تحت مظلة الإعفاءات الجمركية التي جاءت بها الشراكة، وبالتالي تحولنا من علاقة رابح - رابح، إلى رابح - خاسر".

ولإحداث توازن في العلاقات، فتحت الجزائر رسميا ملف تقييم العلاقة العام الماضي، حيث أمر الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة في منتصف 2016، حكومة رئيس الوزراء عبد المالك سلال، بفتح ورشة تقييم 11 سنة من الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، واتخاذ القرارات المناسبة.
ومن نهاية نوفمبر/ تشرين الثاني وإلى 7 ديسمبر/ كانون الأول، اجتمع الطرفان على طاولة التقييم في العاصمة البلجيكية بروكسل، وانتهت الاجتماعات بكتابة وثيقة مشتركة من 21 توصية سيتم التصديق عليها خلال الأيام القادمة ببروكسل خلال اجتماع مجلس إدارة اتفاق الشراكة بين الاتحاد الأوروبي والجزائر والذي سيترأسه كل من وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة والممثلة السامية للاتحاد الأوروبي للعلاقات الخارجية والسياسة الأمنية فديريكا موغيريني.
وقال المستشار الاقتصادي لدى الحكومة الجزائرية عبد الرحمان مبتول، في حديث مع "العربي الجديد"، إن التقييم يخضع لجملة من الشروط التي تكبل أيادي الجزائر، فعلى سبيل المثال تمنع المادة 37 من الشراكة الطرفين من اتخاذ قرارات من جهة فردية وبطريقة مفاجئة حتى وإن كانت بدافع تفادي خسارة كبيرة.
ويعتقد مبتول أن التقييم لن يغير شيئا في المعادلة، لأن الجزائر لا تملك هامشا كبيرا للتحرك، فاقتصاد الريع لا يسمح لها بدخول المفاوضات من موقع قوة.
وأضاف أن الجزائر أمام حتمية تقييم نفسها وتغيير العقليات البيروقراطية التي تميز الإدارة وتحول دون تحرير الاقتصاد.
يذكر أن الجزائر استوردت سنة 2016 ما يعادل 46.72 مليار دولار، مقابل 51.07 مليار دولار في 2015، منها 4.74 مليارات دولار من فرنسا و4.64 مليارات دولار من إيطاليا.
وسجّل الميزان التجاري للجزائر عجزاً بـ17.74 مليار دولار خلال عام 2016، مقابل عجز بـ13.17 مليار دولار في 2015، أي بزيادة في العجز قدرها 4.8%، حسبما كشفت الجمارك الجزائرية.

المساهمون