في الوقت الذي تتصاعد فيه حملة مقاطعة السلع الصينية على مواقع التواصل الاجتماعي، تنديدا بالانتهاكات التي ترتكبها الصين بحق مسلمي الإيغور، دعا رئيس النظام السوري بشار الأسد، الشركات الصينية، عبر مقابلة مع قناة "فينيكس" الصينية نشرت الأسبوع الماضي، للاستثمار في سورية، معتبراً أن إعادة الإعمار مجال استثماري رابح جدا، وأنه تم إيجاد صيغ محددة سيعلن عنها لاحقا لدخول المستثمرين إلى السوق بأمان.
ويتقرب نظام بشار الأسد بحسب مراقبين، من الصين على نحو خاص، ويقدم لها إغراءات وتسهيلات، إذ يؤكد رئيس النظام السوري خلال حديثه مع "فينيكس" تقديم ستة مشاريع للحكومة الصينية تتناسب مع منهجية "طريق الحرير"، لتختار الحكومة الصينية مشروعاً أو أكثر يتناسب مع طريقة التفكير الصينية.
وسبق للنظام السوري أن شارك في إبريل/نيسان الماضي، عبر مستشارة رئيس النظام، بثينة شعبان، في مؤتمر "حزام واحد.. طريق واحد"، في العاصمة الصينية بكين.
وقالت شعبان إثر مشاركتها "إن الدول التي وقفت بجانب سورية خلال سنوات الحرب، هي فقط من سيسمح لها بالمشاركة في إعادة إعمار البلاد"، معربة خلال حديث لوكالة "سبوتنيك" الروسية، عن أملها في أن تكون الصين وإيران وروسيا بين الدول المشاركة في الإعمار.
ويرى الاقتصادي السوري حسين جميل، في حديث مع "العربي الجديد"، أن النظام السوري يركز بإعادة الإعمار، على الصين إلى جانب روسيا وإيران، مستغلاً بعض الخلافات التجارية والاقتصادية الناشئة بين بكين وواشنطن، مرجحاً دخول الصين السوق السورية بقوة "على الأقل ضمن ما يسمى البناء الإنساني أو ما يقال إن التنظيمات الإرهابية دمرته".
ويؤكد سوريون تزايد انتشار السلع الصينية في الأسواق السورية وانتشار محال بمدن الساحل السوري التي يسيطر عليها نظام الأسد، تحمل لافتات "شنغهاي" و"سوق الصين العظيم" وهي محال متخصصة بالسلع والمنتجات الصينية، غذائية كانت أم صناعية وكهربائية.
وتشير مصادر من دمشق إلى أن سلسلة "سوق الصين العظيم" باتت تمتلك 32 فرعاً بسورية، من أكثر المتاجر مبيعاً نظراً لرخص ثمن المنتجات الصينية، حيث تحوي بجانب الأدوات المنزلية والتحف والهدايا والألعاب مضخات للمياه ومحولات كهرباء وبعض السلع الغذائية.
وبحسب المصادر، تنافس المنتجات الصينية، خاصة القطنيات والألبسة والبطاريات الجافة، الإنتاج السوري، نظراً لرخص ثمنها، حيث لم يعد السوريون ينظرون إلى الجودة، بقدر ما يسعون للمواد المتوفرة ورخص ثمنها.
واتخذت حكومة بشار الأسد سياسة التوجه شرقاً، منذ منتصف عام 2011، وقت فرضت دول الاتحاد الأوروبي والجامعة العربية عقوبات وحصاراً على نظام الأسد.
وسبق للصين أن شاركت في معرض دمشق الدولي بدروته الأخيرة، في مجالات الطاقة والكهرباء ومواد البناء والأجهزة الطبية، إضافة إلى البدء بخطوط إنتاج سيارات صينية في سورية، والذي يعد مؤشرا مهما على التعاون التجاري والاقتصادي.
وبحسب اقتصاديين، تنظر الصين إلى سورية على أنها من المناطق الأكثر ضعفا للنفوذ الغربي في منطقة الشرق الأوسط، حيث التقت عام 2002 أهداف السياسة الخارجية السورية مع المساعي الصينية الهادفة إلى زيادة نشاطها الاقتصادي، عندما طرح بشار الأسد استراتيجية تحويل سورية إلى قاعدة لنقل الغاز، ومنطقة تجارة حرة تصل الشرق بالغرب عبر ربط البحار الخمسة، وهذا ما رأت فيه الصين إحياء لطريق الحرير لتشكيل أطول ممر اقتصادي رئيسي في العالم، عبر عنه في وقت لاحق عبر مشروع "حزام واحد طريق واحد".