ناقشت السعودية مع شركات نفط عالمية فرصا خاصة بمشروعات غاز داخل المملكة وخارجها، في إطار مساعي أكبر بلد مصدر للخام لتنويع الاستثمارات قبل إدراج شركة الطاقة الحكومية العملاقة أرامكو.
وقالت أربعة مصادر في القطاع لوكالة رويترز، إن المسؤولين السعوديين بحثوا فرصا استثمارية مع شركات، من بينها بي.بي وشيفرون، للمساهمة في تطوير احتياطياتها من الغاز، وهي سادس أكبر احتياطيات في العالم، في وقت يزدهر فيه الطلب على الطاقة في الداخل.
وتابعت المصادر أن أرامكو تدرس أيضا الاستثمار في مشروعات غاز في الخارج، منها مشروعات مع ايني الإيطالية.
وتعيد هذه التطورات للأذهان المحادثات بين أرامكو وشركات عالمية كبرى في نهاية التسعينيات وأوائل العقد الماضي والمعروفة باسم مبادرة الغاز السعودية.
وانهارت معظم هذه المحادثات بسبب اختلاف الأطراف المشاركة على عوائد الاستثمار.
لكن هذه المرة تتأهب أرامكو لإدراج أسهمها العام المقبل وتستهدف تقييما يصل إلى تريليوني دولار في الطرح العام الأولي الذي قد يكون الأكبر من نوعه في العالم. وامتنعت شيفرون وبي.بي وأرامكو وإيني عن التعقيب.
وكان جون واتسون، الرئيس التنفيذي لشيفرون، قد قال لرويترز الأسبوع الماضي: "لدينا علاقة قديمة مع السعودية، ومن الطبيعي أن نجري محادثات معها، ونجري محادثات بخصوص تطوير الأعمال باستمرار".
وفي العام الحالي، قال بوب دادلي، الرئيس التنفيذي لشركة بي.بي، الذي زار السعودية في نهاية العام الماضي، إنه لا يستبعد إقامة "شراكات خلاقة" مع أرامكو، لكن من المستبعد أن تضخ بي.بي استثمارا مباشرا في الطرح.
وتبنت المملكة هدفا طويل الأمد يتمثل في زيادة استخدام الغاز في توليد الكهرباء محليا ومن ثم خفض استهلاك النفط في البلاد لإتاحة كميات أكبر من الخام للتصدير.
وقد يسهم ذلك في رفع تقييم أرامكو، إذ إنها تحقق إيرادات من تصدير النفط أكبر من بيعه بالأسعار المحلية المنخفضة.
والسعودية خامس أكبر مستهلك للنفط في العالم رغم أنها تحتل المركز العشرين بين أكبر الاقتصادات في العالم.
وقالت مصادر في القطاع إن تنويع أصول الغاز في الخارج يسمح لأرامكو بالحصول على تقييم أفضل ويجذب المستثمرين، كما تنوي الرياض رفع أسعار الغاز المحلية، وهي خطوة تعتبر حافزا للشركات الأجنبية.
استراتيجية غاز جديدة
ذكرت مصادر مطلعة على المناقشات أن أرامكو تستعد لكشف النقاب عن استراتيجية جديدة للغاز في الأشهر المقبلة تهدف إلى تطوير الموارد لمواكبة زيادة الطلب المحلي.
يأتي ذلك في إطار مساعي المملكة لتنويع مواردها الاقتصادية وتقليص اعتمادها على النفط، وهي استراتيجية أطلق عليها اسم "رؤية السعودية 2030"، وسط جهود عالمية للحد من استخدام الوقود الأحفوري الأكثر تلويثا للبيئة.
وتريد أرامكو زيادة إنتاج الغاز لمثليه تقريبا إلى 23 مليار قدم مكعبة قياسية يوميا في العقد المقبل.
وذكر مصدر آخر في القطاع أن وزير الطاقة السعودي قال في اجتماعات خاصة مع عدد من المسؤولين التنفيذيين الغربيين، إنه يود أن تدخل أرامكو في شراكة مع شركات أخرى في مشروعات لأنشطة المنبع.
وقال مصدران بالقطاع في السعودية على دراية بالمناقشات، إن دادلي أبدى اهتماما بالاستثمار في التنقيب عن الغاز في البحر الأحمر، ولكن لم يجر الجانبان مباحثات بشأن المشروع بعد.
وتسيطر أرامكو على احتياطيات غاز تتجاوز ثمانية تريليونات متر مكعب، بحسب المراجعة السنوية التي تجريها بي.بي لقطاع الطاقة.
وقالت الشركة السعودية إنها تريد التنقيب عن الغاز في المياه الضحلة بالبحر الأحمر، فضلا عن الغاز الصخري.
مباحثات قديمة
لم تسمح السعودية للشركات الكبرى بتطوير نفطها منذ أعادت تأميم القطاع تدريجيا في السبعينيات.
وخلال مبادرة الغاز في 1997-1998 والتي قدرت قيمتها بنحو 25 مليار دولار، أبدى عدد من كبرى شركات النفط في العالم، مثل إكسون وشل، اهتماما، ولكنها وجدت صعوبة في الاتفاق على الشروط.
وفي 2003-2004، دعت الرياض المستثمرين للتنقيب عن الغاز في صحراء الربع الخالي بجنوب شرق المملكة.
وأسست شركات من بينها لوك أويل وشل وسينوبك الصينية، مشروعات مشتركة مع أرامكو ولكنها لم تعثر على مكامن مجدية من الناحية الاقتصادية.
كما شكت الشركات من انخفاض أسعار الغاز المحلية وارتفاع كلفة الاستخراج. وكانت شركة لوك أويل الروسية أحدث شركة أجنبية تتخلى عن التنقيب عن الغاز في السعودية.
(رويترز، العربي الجديد)