"أرامكو" تطلق قطار الطروحات الأولية في بورصات الخليج

12 نوفمبر 2019
أرامكو قد تحفز شركات أخرى على الطروحات (Getty)
+ الخط -

أثار إعلان شركة "أرامكو" السعودية، أكبر شركة نفط في العالم، طرح جزء من أسهمها في بورصة الرياض، حالة من التفاؤل في أروقة أسواق المال الخليجية والإقليمية، التي عانت حالة من الركود النسبي للإدراجات الجديدة خلال الأعوام الثلاثة الماضية.

وتراجعت قيمة صفقات الاكتتابات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بنسبة 45.3 في المائة إلى 190 مليون دولار خلال الربع الثالث من العام الحالي الجاري، مقارنة بالربع المماثل من العام الماضي 2018 حيث بلغت آنذاك 347.3 مليون دولار، حسب تقارير رسمية.

وعد محللون وخبراء مختصون في الأسهم الخليجية إعلان السعودية عن طرح "أرامكو" عاملا محفزا للمعنويات في المنطقة، نحو مزيد من الإدراجات في أسواق المال الخليجية خلال العام القادم.

وستبدأ "أرامكو" الاكتتاب في أسهمها 17 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، وحتى 4 ديسمبر/كانون الأول المقبل، وذلك بعد أن تأجل الإدراج منذ 2018. وتهدف الشركة إلى طرح 5 في المائة من أسهمها في السوق المحلية، إضافة إلى بورصة أو اثنتين عالميتين.


وعانت البورصات الخليجية من شح الطروحات الأولية، خلال العامين الحالي والماضي، في ظل التوترات العالمية والمخاوف بشأن الركود الاقتصادي، رغم استعداد العديد من الشركات الخليجية لإدراج حصص من أسهمها، لكنها فضلت تحسن ظروف الأسواق للحصول على تقييمات أعلى لأسهمها.

والطرح العام الأولي (IPO) هو عملية تعرض فيها أسهم شركة ما للبيع على العامة للمرة الأولى في سوق الأوراق المالية؛ بحيث تتحول الشركة إلى مساهمة عامة.

وتستعمل الشركات هذا الأسلوب لرفع رأس مالها الحالي، وقد يكون ذلك لوضع استثمارات مستثمرين سابقين ضمن أطر قانونية، أو لكي تصبح الشركة رائجة في سوق الأسهم.

وارتبكت أسواق الاكتتابات والطروحات في منطقة الخليج خلال السنوات الخمس الماضية؛ بفعل هبوط أسعار النفط الخام منذ منتصف 2014، ما دفع عدة شركات إلى تأجيل إدراج جزء من أسهمها.

وحسب خبراء اقتصاد، سيحفز طرح "أرامكو" الشركات الخليجية الأخرى على أن تحذو حذوها، وتتجه نحو إدراج أسهمها، لكنهم استبعدوا في الوقت ذاته أن تكون هناك اكتتابات أخرى خلال العام الحالي.


وقد يكون اكتتاب "أرامكو" الأكبر في التاريخ؛ إذ تمتلك الشركة احتياطيات نفطية هائلة وإنتاجا يوميا ضخما من الخام، وتحتكر سوق السعودية، التي تعد أكبر دولة مصدرة للنفط الخام في العالم.

وحققت الشركة في الأشهر التسعة الأولى من هذا العام أرباحاً بقيمة 68 مليار دولار، بانخفاض بنسبة 18 في المائة عن الفترة ذاتها من 2018، التي بلغت خلالها الأرباح 111 مليار دولار.


من جانبه، قال محمد الجندي، مدير إدارة البحوث الفنية لدى "أرباح" السعودية لإدارة الأصول: "بدأنا نلمس حالة من التفاؤل في الطروحات المستقبلية للأسواق الخليجية منذ الإعلان عن طرح أرامكو".

وأضاف الجندي للأناضول: "ربما تتجه شركات أخرى نحو الإدراج، بعد أن أجلت خططها خلال السنوات الماضية.. تلك الخطوة ستكون خلال العام القادم وربما خلال النصف الثاني منه؛ حيث ستتجه سيولة الأفراد والمؤسسات خلال الأشهر القادمة نحو اكتتاب أرامكو".

وتابع: "تحتاج الشركات إلى رؤى واضحة للأوضاع الاقتصادية العالمية وأيضا الإقليمية، قبل الإقدام على خطوة الطرح.. نتوقع أن تكون الرؤية أكثر وضوحاً مطلع العام القادم، مع هدوء التطورات الجيوسياسية العالمية، مثل العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والصين والاتحاد الأوروبي".

من جانبه، قال مروان الشرشابي، مدير إدارة البحوث الفنية لدى "الفجر" للاستشارات المالية: "ربما يسهم طرح عملاق النفط السعودي أرامكو في نشاط قوي للاكتتابات والطروحات بمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، خلال الفصول القادمة".


وأضاف الشرشابي للأناضول: "هناك شركات خليجية وعربية كثيرة مستعدة لطرح أسهمها، لكنها تتحين الوقت المناسب خصوصا في ظل الأوضاع العالمية المضطربة، مع استمرار الحرب التجارية والمخاوف بشأن الركود الاقتصادي العالمي".

وتابع الشرشابي: "لكن مع إتمام طرح أرامكو، سيعطي ذلك دفعة كبيرة للمعنويات، وربما نشهد مزيدا من الطروحات في أسواق المنطقة، لكن سيكون ذلك خلال الربع الثاني من العام القادم على أقصى تقدير".

وجاءت توقعات المحللين والخبراء متسقة مع تقديرات شركة "إرنست آند يونغ" للاستشارات المالية والقانونية، التي ترى أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ستشهد انتعاشا ملحوظا في نشاط صفقات الاكتتابات العامة الأولية خلال العام المقبل.

وعزت "إرنست آند يونغ" في تقرير لها، الشهر الماضي، التوقعات الإيجابية لسوق الاكتتابات العامة في المنطقة إلى الإدراج في مؤشر مورغان ستانلي للأسواق الناشئة، ومؤشر الأسهم البريطانية فوتسي وبرامج الخصخصة والمبادرات الحكومية.

وتباطأ نشاط الاكتتابات العالمية أيضا في الربع الثالث من العام الجاري بسبب الرياح العالمية المعاكسة، بما في ذلك الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة والاحتجاجات في هونغ كونغ، وانتظار الخروج المتعثر لبريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

(الأناضول)
المساهمون