وسجلت العديد من المحافظات الساحلية على غرار "تيزي وزو" "بجاية" و"الطارف" بالإضافة إلى محافظة "جيجل" العشرات من الحرائق، التي التهمت الغابات والمزارع، وحتى منازل المزارعين الذين وجدوا أنفسهم وحدهم في مواجهة السنة النار التي فاقت المترين حسب شهودٍ عيان، وذلك لصعوبة التضاريس الجغرافية (تضاريس جبلية) ما عرقل وصول وحدات الإطفاء في الوقت المناسب.
ويروي عبد الله مزغيش مزارع من ولاية جيجل (400 كم شرق العاصمة) لـ "العربي الجديد" ما عاشه في تلك الدقائق التي قلبت حياته إلى جحيم، قائلا: "منتصف يوم الأربعاء الماضي كنت أراقب النار وهي على بعد حوالي كيلومتر عن مزرعتي، في البداية قلت في نفسي أن القضية هي قضية دقائق ويصل رجال الإطفاء، إلا أن الأمور تطورت وسرعان ما كانت النيران عند مشارف بيتي بعدما ساعدتها الرياح والأعشاب الجافة على أكل الأشجار".
وأضاف نفس المتحدث وعلامة الحسرة بادية على ملامح وجهه: "حاولت أن أطفئ النار مع أولادي لكن قوتها كانت كبيرة فاضطررت إلى إخراج عائلتي من المنزل والهرب إلى الطريق المعبد لأعود ليلا إلى مزرعتي وأجدها رمادا. حوالي 400 رأس غنم احترقت ونحن على بعد أقل من شهر عن عيد الأضحى".
حال عبد الله مزغيش لا تختلف عن حال العشرات من المزارعين الذين التهمت السنة النيران مزارعهم ومحاصيلهم، وحولتها إلى رماد، بعدما كانوا ينتظرون طرح سلعتهم للبيع وجني الأموال.
محمد تاج بن كردو، مزارع من محافظة الطارف يقول، في حديث مع "العربي الجديد"، إن الحرائق أكلت قرابة هكتارين من البطيخ والشمام، كان يُنتظر بيعها في الأيام القليلة القادمة.
وطالب المزارع الجزائري الحكومة بتعويض الخسائر التي تكبدها رفقة شريكه وإلا فإنهما سيفلسان بعدما راهنا على بيع محصول البطيخ والشمام لتعويض الأموال التي أنفقاها في خدمة الأرض.
وكان وزير الداخلية الجزائري، نور الدين بدوي، قد كشف قبل أيام أن الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة أمر بتعويض المتضررين. وربط الوزير الجزائري التعويض بإجراء تحقيقات مع المزارعين لإثبات حجم الخسائر المصرح بها.
وفي السياق كشف المدير العام للغابات عز الدين سكران أنه لا يمكن تعويض الخسائر قبل نهاية شهر أكتوبر/ تشرين الأول، لأن التحقيقات ستمتد عبر العديد من المحافظات.
وأضاف عزالدين سكران في تصريح لـ "العربي الجديد" أن حجم الأراضي التي تضررت بلغت 14310 هكتار، بعدما سجلت مصالح الغابات 1604 حريق.
وتعرف الجزائر منذ سنوات عزوف المزارعين عن تأمين محاصيلهم بسبب ضعف التعويضات، حيث تشير إحصائيات لوزارة الزراعة أن ما يقارب 10% من المزارعين البالغ عددهم أكثر من 900 ألف، فقط من يؤمنون نشاطهم عند شركات التأمين الحكومية والخاصة.