هكذا يدمر الاحتلال الإسرائيلي مصانع الأغذية في قطاع غزة

17 يوليو 2019
المنتجات الغذائية لا تجد أسواقاً خارجية (العربي الجديد)
+ الخط -
تخوض مصانع عديدة في قطاع غزة صراعاً من أجل البقاء على خلفية رفض الاحتلال الإسرائيلي منذ العام 2007 السماح لها بإخراج إنتاجها للتسويق إلى الضفة الغربية التي كانت تصدر إليها 85% من بضائعها، ما دفع بعض أصحاب المصانع الى نقل شركاتهم الى الخارج.

ويقول رئيس الغرفة الصناعية في غزة علي الحايك لوكالة فرانس برس، "تمنع إسرائيل الصادرات من غزة الى الضفة الغربية، وتمنع تصدير المواد الغذائية الى الضفة الغربية والعالم العربي بحجج أمنية، وهي تستورد من غزة خردة النحاس والحديد، ما يتنافى مع الحجج الأمنية".

ويضيف "أنا أفهم أن ترفض أن نصدّر منتوجاتنا الى إسرائيل خشية المنافسة، ولكن أن تمنعنا من التصدير الى الضفة أو العالم العربي، فهذا لا يعقل!".

وحسب وكالة فرانس برس، فإن المنطقة الصناعية "بديكو" الواقعة شرق مدينة غزة والمحاذية للحدود بين القطاع وإسرائيل، بقايا مباني مدمرة في الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة في 2006. ويقع مصنع "سرايو الوادية" الذي ينتج مواد غذائية، بطبقتيه البيضاوين، في وسط المنطقة.

ويقول صاحب المصنع وائل الوادية لفرانس برس، "تردى وضع مصنعي وصرنا ننتج ثلث ما كنا ننتجه قبل الإغلاق قبل 12 عاماً، نحن نعمل يومين في الأسبوع. إذا سمحوا لنا بإخراج بضائعنا، بإمكاننا أن نعمل على مدار الساعة". ويضيف "كان يعمل لدي 250 عاملاً قبل الإغلاق، والآن هناك نحو مئة عامل".

وأغلق الاحتلال قطاع غزة وفرض عليه حصاراً برياً وبحرياً وجوياً بعدما سيطرت عليه حركة حماس عام 2007.

ومنذ نهاية العام 2014، بدأت إسرائيل بإتاحة تسويق محدود من حيث الكم والنوع لبضائع من غزة مثل منتوجات الحياكة والأثاث الى أسواق الضفة وإسرائيل. لكن القسم الأكبر من الإنتاج لا يزال ممنوعاً من التسويق.

وفي داخل المصنع، ارتدى العمال بزة زرقاء، وغطوا رؤوسهم بطواقي بيضاء، وكانوا منشغلين في العمل في أقسام صنع البسكويت بكل أنواعه، المحشو والمطلي بالشكولاتة، أو البطاطا المقرقشة.

وأنشأ الوادية مصنعه للأغذية المغلفة عام 1985، وينتج حوالى مئة صنف. ويقول إن نحو 80% من منتجات مصنعه كانت تصدر إلى الضفة الغربية.

التوجه للمحكمة العليا 
وفي محاولة لإيجاد حل لمشكلتهم، توجه وائل الوادية ومركز "غيشاه -مسلك" (جمعية إسرائيلية حقوقية)، بالتماس الى المحكمة العليا الإسرائيلية ضد السلطات الإسرائيلية. وطالبوا بالسماح لأصحاب الصناعات الغذائية بتصدير منتوجاتهم الى الضفة الغربية.

وتأسست جمعية "غيشاه – مسلك" في العام 2005 بهدف الدفاع عن حرية الفلسطينيين في التنقل، وخصوصاً سكان قطاع غزّة، بالاستناد الى القانونين الدولي والإسرائيلي، وينشط فيها إسرائيليون وعرب.

وأعلن مركز غيشاه في أيار/مايو أن المحكمة العليا الإسرائيلية "رفضت في الجلسة التي عقدت في 15 أيار/مايو الماضي إجراء نقاش مبدئي حول منع اسرائيل تسويق وتصدير الأغذية المصنعة في غزة إلى خارج القطاع، وذلك تمشياً مع ميل المحكمة إلى الامتناع عن التدخل في سياسات إسرائيل الضارة تجاه الفلسطينيين، ومسحت الالتماس".

ويفيد محضر الجلسة أن إسرائيل ردت على الالتماس بأنها "لا تحظر تصدير البضائع". وأوضح مكتب منسق أعمال الحكومة الإسرائيلية في المناطق الفلسطينية التابع لوزارة الدفاع الإسرائيلية رداً على سؤال لوكالة فرانس برس، أن إسرائيل على العكس "تشجع الصادرات من قطاع غزة من أجل المساعدة في تطوير الاقتصاد".

وأضاف "قمنا بتوسيع قدرات التصدير من غزة عبر معبر كيرم شالوم (كرم أبو سالم) لمرور 100 شاحنة في اليوم، لكنهم (الفلسطينيين) لا يستغلون هذه الإمكانية، وتمر ثلاثون شاحنة تصدير إلى إسرائيل والضفة الغربية والخارج".

وأشار الى أن هناك تشجيعاً على "تنفيذ برامج تجريبية لإنتاج المناديل المبللة والمقالي والألمنيوم والأبواب الحديدية ولعب الأطفال والألواح الخشبية، بالإضافة إلى منتوجات من قطاعات الزراعة والنسيج والأثاث التي تصدر بشكل منتظم"، مؤكداً ضمناً عدم السماح بالصادرات الغذائية.

وتابع "التصدير في النصف الأول من عام 2019 من قطاع غزة وصل الى حوالى 300 طن من الأثاث و500 طن من المنسوجات".

تدمير الاقتصاد في غزة 

لكن القطاع الصناعي في غزة يحتاج الى أكثر من ذلك للانتعاش. ويقول رئيس الغرفة الصناعية في قطاع غزة علي الحايك في اتصال هاتفي مع وكالة فرانس برس "قبل إغلاق القطاع، كان يعمل 35 ألف عامل في الصناعات المحلية.

وهبط عدد العمال الى نحو عشرة آلاف، من بينهم خمسة آلاف عامل وعاملة في 600 مشغل ومصنع نصفها من المخابز، وآخرون في مصانع إنتاج المخللات والمشروبات الغازية والعصائر والنقارش والحلويات وغيرها".

ويضيف "لو تطور الوضع الاقتصادي بشكل طبيعي، لوصل عدد العمال الآن الى نحو 50 ألفاً". ويصل معدل البطالة في القطاع الى أكثر من خمسين في المئة، بحسب البنك الدولي.

وتحدث الحايك عن مصانع انتقلت الى خارج غزة، مشيراً بشكل خاص الى مصنع للمعلبات الغذائية يملكه أيمن حمادة انتقل الى مصر، "وبات يصدر ويسوق منتوجاته الى الضفة ومصر وإسرائيل".

كما أشار إلى أن رجل الأعمال فتحي بريكه "فتح مصنعاً ضخماً للحلويات في مصر يحتوي على نحو مئة صنف"، بينما "فتح إياد اليازجي مصنعاً للمشروبات الغازية في مدينة أريحا بالضفة الغربية". 

(العربي الجديد، فرانس برس)

المساهمون