الحوثيون يستهلكون موارد اليمن في صناعة الأسلحة

20 نوفمبر 2016
يستنزف الحوثيون إيرادات الخزانة العامة (فرانس برس)
+ الخط -


في اليمن أفقر بلد عربي، حيث يعيش أربعة أخماس السكان تحت خط الفقر والمجاعة التي تجتاح معظم مناطق البلاد، تستهلك جماعة الحوثي موارد البلاد في محاولات لتصنيع الصواريخ والآليات العسكرية، على حد مزاعمها، لتعزيز انقلابها على السلطة الشرعية.
وبينما يستورد اليمن قرابة 90% من غذائه، وتتواتر التقارير الدولية والمحلية التي تحذر من مخاطر مجاعة محتملة في ظل تعطل الإنتاج منذ نحو عامين في بلد يسكنه نحو 25 مليون نسمة، يقول الحوثيون إنهم باتوا يصنّعون الأسلحة والصواريخ الباليستية بعيدة المدى، ما يثير استنكار مئات آلاف الموظفين الذين جمّدت الجماعة رواتبهم منذ أشهر، فيما يصارع عشرات ملايين اليمنيين الفقر.

مزاعم التصنيع الحربي

يقول مراقبون إن مزاعم التصنيع الحربي محلياً هدفها استنزاف ما تبقى من موارد محدودة لصالح الحرب، وإن الصواريخ المعلن عن صناعتها محليا هي بالأصل روسية وإيرانية.
ومنذ بدء الحرب في اليمن نهاية مارس/آذار 2015، أعلن المتمردون الحوثيون عن تصنيع عدد من الصواريخ الباليستية محليا، يطلقون عليها أسماء مختلفة من قبيل: النجم الثاقب، قاهر1، الزلزال والحسين.
ولا يكاد يمر شهر دون إطلاق الحوثيين صاروخا جديدا يزعمون تصنيعه محليا.
وفي سبتمبر/أيلول الماضي، تم الإعلان مرتين عن تصنيع صواريخ بعيدة المدى، في الوقت نفسه أعلنت سلطاتهم المالية عجزها عن دفع الرواتب.

وقالت قناة المسيرة، التابعة للحوثيين، في سبتمبر إن قسم التصنيع الحربي، الخاضع لسيطرتهم في العاصمة صنعاء، أزاح الستار عن صاروخ بركان 1 من طراز سكود روسية الصنع، تم تعديله وتطويره محليا. 
وذكرت أن الصاروخ الجديد المطور يصل مداه إلى أبعد من 800 كم.


وفي 29 سبتمبر، أعلنت وحدة القوة الصاروخية التابعة للحوثيين إطلاق صاروخ "صمود"، وقالت إنه "منظومة صاروخية جديدة ذات فاعلية تدميرية كبيرة ومن صناعة محلية وطنية كاملة".
وأعلن الحوثيون في يوليو/تموز عن إطلاق صاروخ جديد يحمل اسم "زلزال 3 ". وأكدوا أنه "صناعة محلية 100%"، وأنه يمثل الجيل الثالث من منظومة صواريخ تحمل نفس الاسم، حيث أطلقوا سابقاً " زلزال1" و" زلزال2".

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ نظم الحوثيون في يونيو/حزيران معرضاً للمنتجات والصناعات الحربية، بعد أيام من صدور تحذير أممي من تفاقم انعدام الأمن الغذائي في جميع أنحاء اليمن.
حيث حذرت وكالتا الأمم المتحدة المكلفتان بشؤون الغذاء، من تفاقم انعدام الأمن الغذائي في جميع أنحاء اليمن تقريبا فيما يعاني أكثر من نصف السكان صعوبات في الحصول على الغذاء.
في السياق، أعلنت القوات الحكومية الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي في نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، عن تصنيع أول كاسحة ألغام محلية الصنع في محافظة مأرب (شرق البلاد).

وبحسب وكالة الأنباء اليمنية الرسمية (سبأ) حضر رئيس هيئة الأركان اللواء الركن محمد المقدشي، عمل أول كاسحة ألغام محلية الصنع والتي قام أحد عناصر المقاومة الشعبية بتصنيعها وتطويرها.

الإنفاق على الغذاء

ويعيش اليمنيون أوضاعاً اقتصادية وإنسانية سيئة بعد مرور أكثر من عام ونصف العام على القتال بين الحكومة الشرعية المدعومة من تحالف عربي بقيادة السعودية، والمتمردين الحوثيين الموالين لإيران.
ووفقاً لتقرير التغذية العالمي الصادر عن المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية (IFPRI) لعام 2016، يصنف اليمن ضمن أسوأ سبع دول من أصل 132 دولة في العالم في مؤشر سوء التغذية المزمن (التقزم) بين الأطفال تحت سن الخامسة. وأيضاً، صُنف اليمن ضمن أسوأ ست دول من أصل 130 دولة في العالم في مؤشر سوء التغذية الحاد الشديد (الهزال).

وقال تقرير صدر عن وزارة التخطيط اليمنية قبل يومين، إن الموازنة العامة في اليمن لا تخصص موارد مباشرة لصالح التغذية على عكس كثير من دول العالم. مما انعكس سلباً على وضع التغذية في البلاد.
ومع ذلك، فإن الموازنة العامة تخصص نفقات للقطاعات المرتبطة بالتغذية مثل المياه والحماية الاجتماعية والصحة لكنها غير كافية.
وأكد رئيس قطاع الدراسات والتوقعات الاقتصادية بوزارة التخطيط اليمنية عبد المجيد البطلي، أن الإنفاق العام يعتبر الأداة العملية التي تترجم جدية الحكومات في تحقيق أهداف خطط واستراتيجيات التنمية الوطنية.

وقال البطلي لـ "العربي الجديد": "في ظل الحرب تم تعليق نفقات الموازنة العامة بما في ذلك مرتبات الموظفين، لكن الإنفاق على التغذية لم يكن موجودا ضمن أولويات الحكومات المتعاقبة".
وأشار إلى وجود برنامج للتغذية الصحية في الموازنة العامة بهدف خفض انتشار سوء التغذية وبتمويل خارجي كليا، إلا أن النفقات السنوية ضئيلة حيث بلغت 1.3 مليار ريال (5.3 ملايين دولار) في المتوسط خلال الفترة بين 2015-2009.
وأوضح أن النفقات الصحية كمثال أقل من 2% من الناتج المحلي الإجمالي في المتوسط خلال الفترة الماضية، بينما يتطلب تحقيق هدف توفير الصحة للجميع إنفاق 5% من الناتج المحلي الإجمالي.

الإنفاق العسكري

واعتمد الرئيس اليمني المعزول، علي عبد الله صالح خلال سنوات حكمه الـ 33، سياسة مالية تقوم على تسخير معظم موارد الدولة لصالح الإنفاق العسكري، وزيادة أعداد القوات المنتسبة للجيش إلى أن تجاوز عددها 600 ألف شخص.
وبحسب تقارير دولية متخصصة، شهدت سنوات الألفية ارتفاعا ملحوظا في الإنفاق العسكري باليمن من 482 مليون دولار عام 2001 إلى 809 ملايين دولار عام 2003، و942 مليون دولار عام 2005.

ويقول معهد واشنطن للدراسات، إن مثل هذا الإنفاق العالي يمثل عبئا كبيرا على الاقتصاد اليمني، باعتبار أن الإنفاق العسكري في عهد التسعينيات لم يتجاوز 539 مليون دولار.
وأدى استنزاف الحوثيين موارد البلاد وتسخيرها للمجهود الحربي، إلى تهاوي احتياطي النقد الأجنبي للبلاد لنحو 987 مليون دولار (شاملة ودائع البنوك) في سبتمبر/أيلول 2016، مقابل 4.7 مليارات دولار في ديسمبر/كانون الأول 2014.
وتوقف المصرف المركزي منذ مايو/أيار الماضي عن تغطية واردات البلاد من القمح والأرز والسكر والوقود نتيجة تهاوي الاحتياطي النقدي بالخارج.

وتعاني اليمن أزمة في السيولة النقدية ساهمت في تفاقم انعدام الغذاء على نحو غير مسبوق، مع ظهور مجاعة في مناطق الساحل الغربي للبلاد التي تشهد حرباً مستمرة منذ مارس/آذار 2015 بين الحكومة المدعومة من تحالف عربي بقيادة السعودية وجماعة الحوثيين المسلحة الموالين لإيران.



المساهمون