خبراء يقيمون قرارات القضاء اللبناني بحق المصارف: إذلال

06 مارس 2020
أوضاع مصرفية ومالية مضطربة في لبنان (حسين بيضون/العربي الجديد)
+ الخط -
لا يزال القرار غير المسبوق الذي أصدره المدعي العام المالي القاضي علي إبراهيم الخميس بوضع إشارة منع تصرف على أصول 21 مصرفاً لبنانياً يتفاعل في الأوساط السياسية والمصرفية والاقتصادية ولاسيما بعدما عمد المدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات الى تجميده ليل أمس فور انتهاء اجتماعه مع هيئة مكتب جمعية المصارف ولقائه رئيس الحكومة حسان دياب.

إجراءات القاضي إبراهيم التي شملت أملاك أصحاب ورؤساء إدارة هذه المصارف لم يمرّ على صدور القرار بشأنها أكثر من 24 ساعة حتى جُمّدت الى حين دراسة تأثير هذه الخطوة على النقد الوطني وعلى المعاملات المصرفية وأموال المودعين وعلى الأمن الاقتصادي خصوصاً أنّها تسبق موعد استحقاق السندات الدولارية الدولية في التاسع من مارس/آذار الحالي.

وعن قرار عويدات، عقب القاضي إبراهيم، في تصريحات صحافية، قائلاً إنّ "هذا الأمر هو حقّ للمدعي العام التمييزي، والأمور تسلك مجراها القضائي"، مشدداً على أن قراره لا يستهدف المودعين ولا يتعلق حتى بأموال أصحاب المصارف.
في هذا السياق، يرى الخبير الاقتصادي والمالي لويس حبيقة في اتصال مع "العربي الجديد" أن التحقيق يجب أن يأخذ مجراه لمعرفة حقيقة الأموال التي حوّلت إلى الخارج بطريقة مشبوهة طرحت الكثير من علامات الاستفهام في الوقت الذي كان ممنوع على المودعين سحب أموالهم وفي ظل صدور قرار عن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بمنع التحويلات إلى الخارج، من هنا أتى قرار التجميد على أصول أصحاب المصارف إلى حين انتهاء التحقيق.

ويشدد حبيقة على أن خطوة القاضي إبراهيم ما كانت لتؤثر على الودائع لأنها تأتي فقط على الأصول وممتلكات أصحاب ورؤساء إدارة المصارف المذكورة في نص القرار، بل كانت حتماً ستُشعر المودعين بالطمأنينة على أموالهم.

ويرى حبيقة أن أي تهديد لاحق بإقفال المصارف أو الإضراب نتيجة أي قرار قضائي يصدر بحقهم ليس في صالح أصحابها، بل يضرّ بهم ويزيد الشكوك حول تحويلاتهم ويثبّت التهمة عليهم، لذلك، فإنّ المطلوب اليوم متابعة التحقيقات حتى النهاية وانكشاف الحقيقة كاملةً.

ويلفت الى أن وضع المصارف الكبيرة أصعب من تلك الصغيرة على اعتبار أنها تضم العدد الأكبر من الزبائن والأموال من هنا سيأخذ التحقيق وقته لدراسة وضعهم.

ويشير حبيقة إلى أن القاضي إبراهيم ما كان ليتخذ خطوة كهذه لو لم تكن لديه معلومات أو عوامل دفعته الى تجميد أصول المصارف وأصحابها خصوصاً أنّه لم يشمل في قراره القطاع المصرفي ككلّ، بل ذكر أسماء معينة لديه شكوك حولها وكان من الممكن أن يرفع التجميد عن بعضها ويتركه على القسم الآخر تبعاً لمسار التحقيقات.

ويشدد على أن التحقيق يجب أن يستكمل ومن الممكن إرسال فريق محققين بين قضاة واختصاصيين في الأمور المالية بالإضافة إلى لجنة الرقابة على المصارف ومصرف لبنان والمدققين لمتابعة النقاط والمعلومات التي تحوم عليها الشكوك.

من جهته، يؤكد الخبير الاقتصادي والمالي إيلي يشوعي في اتصال مع "العربي الجديد"، أنّ ما حصلَ هو بمثابة إذلال للمصارف.

ووصَّف يشوعي المشهد بأنّ المودعين والمصارف يعانون في حين يقف السياسيون بموقع المتفرّج، مشيراً الى أن القضاء بيد السياسيين الذين يفعلون كل شيء لإبعاد المسؤولية عنهم مع أنهم أصل البلاء.

ويرى أن المصارف أخطأت عندما تورطت مع السلطة السياسية والمصرف المركزي الذي لجأ إلى الفوائد والهندسات المالية والأرباح الخيالية، ما أوقعَ أصحاب المصارف في الفخ.

ويقول "سبق أن حذّرت مراراً وتكراراً من هذا السيناريو واليوم دقت ساعة الحقيقة، ومن غير الجائز أن تبقى السلطة السياسية خارج الأزمة بينما هي أساس الانهيار الذي وصل إليه لبنان بالشراكة مع البنك المركزي.

ويؤكد أن ما يحصل اليوم هو نوعٌ من تقاذف التهم بين الطرفين السياسي والمصرفي، علماً بأنّ السلطة السياسية هي الطرف الأقوى إذ بيدها الأجهزة الأمنية والقضائية.
المساهمون