ويعزو تجار وصرافون من العاصمة السورية دمشق، أسباب تراجع سعر صرف الليرة "إلى نفاد الأموال التي ضخها رجال الأعمال إلزامياً في السوق"، إضافة إلى زيادة الطلب على العملات الأجنبية، مع اقتراب فصل الشتاء، خاصة لاستيراد المشتقات النفطية والقمح.
وكان اتحادا غرف التجارة والصناعة في دمشق، قد دعوَا، الشهر الماضي، كبار رجال الأعمال السوريين والتجار والصناعيين لدعم الليرة، قبل أن يجتمع حاكم مصرف سورية المركزي حازم قرفول، في 28 سبتمبر/ أيلول الماضي، بحوالي 70 رجل أعمال من الاتحادين، وإلزامهم بتشكيل مبادرة لدعم العملة السورية.
ولم تجمع المبادرة سوى 150 مليون دولار، بحسب مصادر خاصة من دمشق لـ"العربي الجديد"، والتي تبددت في السوق العطشى، خلال أسابيع، فيما توقعت المصادر أن تهوي الليرة إلى حدود 700 مقابل الدولار، كما كانت عليه قبل المبادرة، مطلع أيلول/ سبتمبر الماضي.
ويكشف المحلل علي الشامي من دمشق، أنّ "أموال صندوق المبادرة لم تحسّن، إلى جانب القمع وإغلاق شركات صرافة، من سعر صرف الليرة سوى لأسابيع، فبعد أن تراجع سعر الدولار إلى نحو 640 ليرة، الأسبوع الماضي، ها هو يهوي اليوم دون 660، وقد لا يقف على عتبة 700 ليرة للدولار، إن لم يجد نظام بشار الأسد من يلزمه بدفع فواتير استيراد المشتقات النفطية وتمويل التجارة".
ويقول الشامي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الملفت أنّه، وفي هذا الوضع الخانق، لا نسمع أي تصريح أو تدخل لمصرف سورية المركزي، الذي يصمم على إصدار أسعار العملات الرسمية بأقل من 225 ليرة عن سعر السوق، وهو ما يؤكد نفاد الاحتياطي النقدي الأجنبي، وأنّ البلاد مقبلة على أزمة كبيرة خلال فصل الشتاء".
ويرجّح الاقتصادي السوري أن يعاود نظام الأسد، إلزام بعض التجار على تمويل الاستيراد ودفع أموال لصندوق دعم الليرة، ولو عبر الإغراء بطي ملفات فسادهم، أو التهديد، كما فعل مع عم أسماء الأسد وآخرين قبل أيام، بتجميد حسابات ومنع تسهيلات لرجال أعمال مقربين من الأسد، مثل عصام أنبوبا وطريف الأخرس.
ويرى الشامي أنّه "ربما يتم إنعاش الليرة عبر قروض أو دعم إلزامي، لكن تلك الحلول آنية وتسكينية، لأنّ عوامل استقرار النقد وقوته مفقودة وبالمطلق في سورية".
وبدأ تراجع سعر الليرة، بالتزامن مع اندلاع الثورة السورية عام 2011، وقت لم يزد سعر صرف الدولار عن 45 ليرة، حيث أخذت الليرة مع نهاية كل عام تستنزف من قيمتها، لتسجل، أمس الأحد، 660 ليرة للدولار.
كما تراجع الاحتياطي النقدي الأجنبي في مصرف سورية المركزي، من نحو 20 مليار دولار عام 2011 إلى ما دون 700 مليون دولار، وفق أرقام البنك الدولي لعام 2016، لكن تلك الملايين أيضاً تبددت بحسب مراقبين من دمشق.
ويقدر باحثون حجم الكتلة النقدية المطروحة بالليرة السورية اليوم، بنحو 700 مليار ليرة، بعد طباعة أوراق نقدية في روسيا من فئة 500 ومن ثم 1000 وبعدها 2000 ليرة عليها صورة بشار الأسد.
ووفق مختصين، بلغت كتلة النقود بالعملة السورية، عام 2018، قرابة ثلاثة أضعاف كتلة النقود الموجودة في عام 2010، في حين تراجع النشاط الاقتصادي.