مصريون عن حرق مواطن: الغلاء السبب وانتظروا ثورة جياع

15 أكتوبر 2016
الغلاء يثقل كاهل المصريين (أحمد إسماعيل/الأناضول)
+ الخط -

دفع تدهور الأوضاع المعيشية وارتفاع الأسعار شابا مصريا إلى إحراق نفسه، اليوم السبت، في منطقة كورنيش سيدي جابر، أمام أحد نوادي القوات المسلحة، شرق مدينة الإسكندرية، حيث عبّر عن غضبه من الغلاء قبل أن يضرم النار في جسده.

وفي حين يشتكي مواطنون مصريون من الغلاء وتدهور أوضاعهم، حذر خبراء من ثورة جياع في مصر.

وقال طارق خليفة، مدير مستشفى الأميري في الإسكندرية، في تصريحات صحافية، إن "حالة الشاب خطيرة ومصاب بحروق بنسبة تخطت 90%، ويحاولون إسعافه واتخاذ الإجراءات اللازمة".

وأضاف: "المصاب، ويدعى أشرف فهيم، يوجد حاليا في وحدة الحروق في العناية المركزة"، مشيرًا إلى أن شخصا حاول إنقاذ الشاب أصيب بحروق بنسبة بلغت 15%، حيث تم نقله بدوره إلى المستشفى نفسه.

وقال مواطنون، استطلع "العربي الجديد" آراءهم، إن الشهرين الماضيين شهدا أكبر موجة في غلاء الأسعار دفعت المواطنين إلى تقليص استهلاكهم من السلع الأساسية، بينما نبه خبراء إلى أن هذا الأمر قد يؤدي إلى اضطرابات قد تعم البلاد نتيجة غلاء الأسعار وارتفاع تكاليف المعيشة، مؤكدين أنه سيؤثر أيضا على صحة النشء ويؤدي إلى تدهور الصحة العامة.

وأفاد الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري (حكومي)، في بيان أصدره الاثنين الماضي، بأن معـدل التضخم السنـوي بلغ 14.6%، خلال شهـر سبتمبر/ أيلول 2016، مقارنـة بشهر سبتمبر 2015.

وقالت فتحية سعيد (ربة بيت من منطقة بولاق الدكرور، أحد الأحياء الفقيرة في الجيزة)، في تصريحات خاصة، إن المواطن لا يقوى على تحمل الزيادات الأخيرة في الأسعار.

وأضافت: "زوجي يعمل (نجار مسلح)، يأتيه رزقه يوم بيوم، وليس لديه أي تأمينات اجتماعية أو تأمين صحي، وما نحصل عليه لا يكفي لتغطية احتياجات الأسرة".

ونبهت إلى أن جميع أسعار السلع الغذائية تضاعفت مرة أو مرتين.

ولمواجهة الغلاء، عمدت الأسرة إلى تقليص استهلاكها. وفي هذا السياق، قالت فتحية: "خفضنا استهلاكنا للحدود الدنيا.. لم نعد نشتري أي نوع من الفاكهة مهما رخص ثمنها.. أصبحنا نشتري الأرز درجة ثالثة، لأنه رخيص.. ونحاول أن نقلص مصاريفنا قدر الإمكان.. لكن ارتفاعات الأسعار كبيرة للغاية".


من جهته، قال فوزي عبد الحافظ (سباك)، في تصريحات خاصة، إن "العمل أصبح شحيحا والزبائن يماطلون في دفع الأجرة أو يتأخرون في السداد.. نحن نقدر ظروف الناس لأننا نعيش معهم الحالة نفسها".

ورأى أن "الزيادات التي شهدتها الأسعار منذ شهر رمضان لم تشهدها مصر حتى قبل قيام ثورة 25 يناير 2011"، مؤكدا أن أسعار الأدوات الصحية، التي يعمل بها، زادت بأكثر من 150% منذ بداية العام الجاري.

وتابع: "لدي ثلاثة أولاد في المدرسة لا أستطيع توفير احتياجاتهم، وأفكر في العمل سائقَ توك توك لكي أتمكن من الإنفاق على أسرتي إلى حين انتعاش حركة البناء والتشييد".

من جانبه، قال محمد شادي (محام)، إن مصاريف أسرة مكونة من 3 أفراد (أب وأم وابن) لا تقل عن 3 آلاف جنيه، موضحا أن الأسرة إذا استهلكت كيلوغرامين لحما بسعر 100 جنيه للحم البلدي أو بسعر 140 جنيها للحوم المجمدة، ودجاجتين بسر 100 جنيه و700 إلى 800 جنيه لاستئجار شقة في منطقة شعبية، عدا الخضروات والمواصلات والمنظفات وباقي السلع مثل السكر، الذي قفز سعره إلى 12 جنيها للكيلوغرام.. في هذه الحالة، بالكاد ستكفيها 3 آلاف جنيه لتعيش حياة الكفاف".

وأكد الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء ارتفاع معدل التضخم الشهري، خلال سبتمبر/أيلول الماضي، بنحو 1.3% بسبب ارتفاع أسعار اللحوم والدواجن بنسبة 1.8%، والألبـان والجبن والبيض بنحو 3.1%، والزيوت والدهون بنسبة 5.3%، والسكر والأغذية السكرية 5.5%، والفاكهة 2.1%، والبـن والشاي والكاكاو بنسبة 3.9%، بالإضافة إلى زيادة أسعار السجائر 14.9%، والملابـس والأحـذية 3.9%، والمطاعم والفنادق 5.0%.

وقال الخبير الاقتصادي وائل النحاس، إن مصر تشهد أسوأ مراحل التضخم وهو "الركود التضخمي" الذي يتميز بارتفاع أسعار المواد والسلع رغم عدم وجود طلب عليها.

ورجح ألا يكون المواطن الذي أحرق نفسه اليوم في الإسكندرية الأخير الذي يقدم على أفعال احتجاجية من هذا القبيل، لافتا إلى أن عددا كبيرا من الأسر، خصوصا في الأحياء الفقيرة، تواجه صعوبات كبيرة لتأمين الحد الأدنى من احتياجاتها، وبعضها يعيش على الإعانات والمنح الشهرية التي تقدمها بعض الجمعيات الخيرية.

واعتبر أن "المبادرات التي تطلقها الحكومة مثل "الشعب يأمر أو بأمر الشعب" لا تقيم دولة، مطالبا الدولة بتوفير السلع الأساسية (الزيت والسكر والأرز والدقيق والبقوليات) على بطاقات التموين بدلا من توزيع مساحيق الغسيل أو معلبات التونة والسلمون.

كما دعا الدولة إلى توسيع مظلة الضمان الاجتماعي لتلافي حدوث قلاقل وثورة جياع بدون مبالغة، على حد وصفه، منبها إلى أن تقليص المواطنين استهلاكَهم أو عدم قدرتهم على شراء الفاكهة أو اللحوم سينعكس سلبا على الصحة العامة، وسيكبد الدولة أيضا مصاريف كبيرة في الصحة والأدوية، ويهدد بوجود جيل مريض لا طاقة له على التنمية.

وقال عماد عابدين، نائب رئيس شعبة المواد الغذائية في الغرفة التجارية في القاهرة، في تصريحات خاصة، إن أسعار السلع الغذائية شهدت عدة ارتفاعات منذ شهر رمضان الماضي.

وأوضح أن السكر غير متوفر في الأسواق رغم ارتفاع سعره إلى أكثر من 10 جنيهات، كما ارتفع الأرز إلى 6 جنيهات للكيلوغرام، وقفزت أسعار الألبان بما بين 15% و20%.

ولفت إلى أن مجموعة البقوليات (الفول والعدس والفاصوليا واللوبيا) شهدت زيادات كبيرة جدا، حيث ارتفع سعر العدس من 11 و12 جنيها للكيلوغرام إلى ما بين 20 و23 جنيها، وصعد سعر الفاصوليا من 12 و14 جنيها للكيلوغرام إلى 22 و26 جنيها.

المساهمون