تونس: تجدد أزمة الألبان والحكومة تتعهد بضخ كميات إضافية

13 سبتمبر 2018
تراجع مخزون الألبان إلى أقل من النصف (Getty)
+ الخط -

وجد التونسيون أنفسهم أمام أزمة نقص الألبان للمرة الثانية في غضون ثلاثة أشهر، ما قد يدفع الحكومة هذه المرة إلى توريد كميات من هذه السلعة لسد النقص المسجل في السوق ومجابهة الطلب اليومي المقدر بنحو 1.8 مليون لتر.

ودفعت الأزمة الحالية بعض تجار التجزئة إلى استغلال المستهلكين، عبر إلزامهم بشراء سلع استهلاكية مقابل إمدادهم بالألبان المدعومة حكوميا، وفق مواطنين في عدة مناطق بالبلاد.

وتشير الأرقام الصادرة عن مراكز التجميع ووحدات التصنيع، وفق بيانات غرفة مصنعي الألبان، إلى أن المخزون الوطني تراجع إلى أقل من النصف بحلول سبتمبر/ أيلول الجاري، مسجلا 23 مليون لتر، مقابل 50 مليون لتر في الفترة ذاتها من العام الماضي.

وأرجع منور الصغيري، مدير دائرة الإنتاج الحيواني في اتحاد الفلاحين، تجدد أزمة الألبان إلى تراجع قدرة القطعان على إنتاج الألبان في هذه الفترة من العام، مشيرا إلى أن المجامع لم تستغل فترة ذروة الإنتاج لتكوين مخزون كاف من أجل مجابهة الطلب في فترة تراجع الإنتاج.

وقال الصغيري في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن مربي الماشية يواجهون مشاكل عدة قد تزيد من أزمة الإنتاج في الفترة المقبلة، أبرزها ارتفاع تكاليف الأعلاف ووجود صعوبات في استيراد الأبقار المنتجة، لافتا إلى عدم وجود خطة حكومية واضحة لتفادي النقص في المعروض.

ويتمتع مربو الأبقار المنتجة للحليب بامتيازات ضريبية عند الاستيراد، غير أن الصعوبات الاقتصادية دفعت وزارة الزراعة على امتداد السنوات الماضية إلى تقليص مخصصات دعم القطاع الزراعي سواء لاقتناء الآلات أو قطعان الماشية.

وأشار الصغيري إلى أن غياب القرارات المحفزة للمربين والمصنعين، وتمسك الدولة بعدم تحرير القطاع، وراء ما وصفه بـ"جفاف السوق"، مشيرا إلى أن تواصل فقدان الحليب يؤثر على العديد من القطاعات الصناعية التي تعتمد على هذه السلعة.

وكان المنتجون قد طالبوا في مناسبات عدة في وقت سابق من العام الجاري، بتحرير الأسعار بداية من العام المقبل 2019، وإقرار برنامج فعلي لتأهيل حلقة الإنتاج، وهو ما ترفضه الحكومة.

وبعد مفاوضات حول زيادة أسعار منتجات الألبان استمرت منذ إبريل/ نيسان الماضي، أصدرت الحكومة في يوليو/ تموز قراراً بإبقاء سعر الاستهلاك على ما هو عليه والاكتفاء بزيادة تتحمّلها الدولة تصرف لفائدة المنتجين والمصنعين.

لكن يحي مسعود، عضو المكتب التنفيذي في دائرة الإنتاج الحيواني باتحاد الفلاحين، اعتبر آنذاك في تصريح خاص، أن قيمة الدعم الحكومي للمربين والمصنعين لم تصاحبها إجراءات تحدّ من الارتفاع المتواصل لكلفة الإنتاج والتجميع والتصنيع، وكذلك لم تحل أزمة أسعار الأعلاف المركبة التي تتأثر يومياً بسعر الدينار المتراجع.

وكانت السوق التونسية قد شهدت في يونيو/ حزيران الماضي أزمة مماثلة لنقص الألبان في الأسواق حاليا. وتولي تونس منظومة الألبان اهتماماً كبيراً منذ سنوات بعدما تمكنت من تحقيق اكتفائها الذاتي وتصدير فوائض الإنتاج نحو ليبيا، الأمر الذي شجع المستثمرين في هذا المجال على فتح وحدات تصنيع جديدة في العديد من المحافظات، غير أن تواتر أزمات القطاع بات ينبئ بانتهاء مرحلة تحقيق الاكتفاء الذاتي، ما قد يضطر الدولة إلى إدراج الحليب ضمن سلة المواد المستوردة.

وبحسب تقارير رسمية، يبلغ عمر التجربة التونسية في قطاع الألبان أكثر من 20 عاما، وتميّزت بآلية تقوم على توفير احتياجات السوق المحلية بحدود 50 مليون لتر سنوياً، وتصدير 12 مليون لتر من فوائض الإنتاج، فضلاً عن تجفيف نحو 26 مليون لتر، وفق أرقام صادرة نهاية 2016 عن المجمع المهني المشترك للحوم والألبان (مؤسسة حكومية).

وقال بوبكر المهري، رئيس غرفة مصنعي الألبان، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "المنظومة تقطع خطوات متسارعة نحو الخلف"، معتبرا أن غياب محفزات الإنتاج وتمسك الحكومة ببسط نفوذها على القطاع وراء أزمة الحليب.

وأضاف المهري: "لا بد من الإسراع في تحرير القطاع، وإفساح المجال أمام المهنيين لتحمل مسؤولياتهم أمام المستهلكين بتغطية احتياجات السوق".

ووفق غرفة مصنعي الألبان، فإن الكلفة الحقيقية للتر الحليب المعلب تبلغ 1300 مليم (تعادل 52 سنتاً أميركياً)، في حين يباع بسعر 1120 مليماً، لأن الدولة تتكفل بدفع الفارق المقدّر بنحو 170 مليماً للمصنّعين، داعية إلى زيادة سعر بيع اللتر إلى 1500 مليم.

وفي مقابل تحذير المصنعين من وجود تراجع كبير في الإنتاج والمخزون، قال محمد لسعد العبيدي، مدير ديوان وزير التجارة، في تصريحات صحافية، يوم الثلاثاء الماضي، إن "مخزون الحليب كاف والإنتاج متوفر"، مشيرا إلى أنه سيتم خلال الأسبوعين القادمين ضخ 5 ملايين لتر في الأسواق.


المساهمون