الليرة التركية أولى ضحايا انتخابات إسطنبول.. وأنقرة تتابع مشروعاتها لمئوية تأسيس الجمهورية

07 مايو 2019
أردوغان يؤكد مجدداً التصدّي للمؤامرات الاقتصادية (فرانس برس)
+ الخط -

سجلت الليرة التركية، اليوم الثلاثاء، أسوأ أداء لها أمام العملات الرئيسة منذ 7 أشهر، إذ زاد سعر صرف الدولار عن 6 ليرات، لتتراجع 0.7% عن إغلاق يوم الأحد، قبل أن تعلن لجنة الانتخابات العليا، أمس الإثنين، قرارها بإعادة الانتخابات على رئاسة البلدية بإسطنبول الكبرى في 23 يونيو/ حزيران المقبل.

الرئيس رجب طيب أردوغان، قال إن بلاده ستتمكن من إفشال كافة المؤامرات الاقتصادية التي تحاك ضدها، كما أفشلت الهجمات الإرهابية التي استهدفتها من قبل.

وأشار أردوغان خلال مشاركته في اجتماع الكتلة النيابية لحزب العدالة والتنمية في مقر البرلمان بالعاصمة التركية أنقرة، إلى أن الهجمات الإرهابية التي تنفذها الأطراف المعادية لتركيا لن تتوقف، وأن أنقرة ستواصل تصديها لتلك المؤامرات، معيداً التأكيد أن ثمة جهات خارجية تحاول تدمير الاقتصاد التركي عبر مثلث الشر المتمثل بالفائدة والتضخم والتلاعب بأسعار صرف العملات الأجنبية.

وطمأن الرئيس التركي الشعب ورجال الأعمال إلى تدخل الحكومة ودعم الليرة، داعياً الجميع إلى "التضامن والتكاتف، لمواجهة الهجمات الاقتصادية التي تستهدف تركيا بشكل عام"، لأن مؤشرات اقتصاد بلاده مبشرة، وبمقدمتها الصادرات والسياحة، مشيراً إلى أنه و"رغم كل ما يشاع من أكاذيب حول تدهور الاقتصاد التركي، فإن اقتصادنا في وضع جيد، فالصادرات تزداد يوما بعد يوم، وهناك بوادر تحسن في الإنتاج الصناعي والزراعي".
مراقبون قالوا لـ"العربي الجديد"، إن كلمة أردوغان جاءت بمثابة رد على بيان جمعية رجال الأعمال والصناعيين الأتراك (توسياد)، الذي دعا، ليل الإثنين، إلى إصلاحات اقتصادية بدلاً من زج البلاد بانتخابات جديدة "في الوقت الذي كان من المفترض التركيز على عملية إصلاحية بالاقتصاد، رأينا أننا نذهب إلى أجواء انتخابات جديدة، تحمل معها علامات القلق".

المحلل التركي سمير صالحة، قال إن كلمة الرئيس هي رسالة مهمة في الظروف التي تمر بها تركيا، وأهمها قرار اللجنة العليا بإعادة انتخابات إسطنبول، إذ لا يمكن الفصل بين السياسة والظروف الاقتصادية، "فبعد إعلان إعادة الانتخابات وجدنا تراجعاً في سعر صرف الليرة أمام الدولار والعملات الأجنبية".

ويضيف صالحة أن الرئيس التركي لا يزال على موقفه بأن أصابع خارجية تحاول التأثير في العملية الانتخابية واستغلال الفرصة للمساس بالاقتصاد، متوقعاً مزيداً من الضغط خلال المرحلة المقبلة من بعض رجال الأعمال والمصارف في تركيا، توازياً مع ضغط خارجي، سواء عبر دول أو وكالات تصنيف ائتماني، أو حتى رجال أعمال للمضاربة بالسوق المالية أو النقدية عبر سحب العملات الأجنبية من السوق.

بدوره، يرى الاقتصادي التركي مسلم طالاس، أن إعادة الانتخابات ستكون فرصة لمزيد من الغموض السياسي، وبالتالي عدم اليقين الاقتصادي، ما يمكن أن يدفع الأموال الساخنة للهروب، وبالتالي تخفيف الطلب على العملة المحلية.
وحول مصير الليرة حتى موعد الانتخابات، توقع طالاس في حديث لـ"العربي الجديد"، أن يكون الاتجاه هبوطاً ما دام الوضع في حالة غموض ريثما يتضح الأمر، وذلك بحسب ردة الفعل ومدى تلاعب الأيدي الخارجية، إذ لم ينكر الاقتصادي التركي أن هناك جهات خارجية تتلاعب بالاقتصاد التركي، لكنها ليست حالة استثنائية وربما تتربّص اليوم بتركيا لتحقق أهدافاً اقتصادية وسياسية.

ويرى مراقبون أن تركيا مقبلة على فترة اضطراب اقتصادي ريثما تنتهي الانتخابات البلدية في 23 يونيو/ حزيران، فيما تم تعيين والي إسطنبول، علي يرلي قايا، رئيسا بالوكالة لبلدية كبرى مدن البلاد، حسبما أورد بيان لوزارة الداخلية اليوم.

الوزارة أوضحت أن قرار التعيين يأتي عقب إلغاء اللجنة العليا نتائج انتخابات رئاسة بلدية إسطنبول التي تمت في 31 مارس/ آذار الماضي، بسبب شكوك حول صحتها، موضحة أن يرلي قايا سيواصل عمله رئيسا للبلدية بالوكالة، إلى حين صدور نتائج انتخابات الإعادة.

ويرى مراقبون أن الاقتصاد التركي لن يتأثر بإعادة الانتخابات المحلية بإسطنبول، وأن الهزة الطفيفة على سعر الصرف ستزول خلال أيام، معتبرين أن تركيا مستمرة في مشروعاتها وأهدافها المرسومة لمئوية تأسيس الجمهورية عام 2023.

وتعمل الحكومة على بناء مركزٍ ماليٍّ في إسطنبول بحلول نهاية عام 2022 بمشاركة كبرى شركات البناء والتمويل الرائدة في البلاد، وذلك بهدف توسيع حصّتها من الاستثمارات الأجنبية المباشرة وزيادة ناتجها المحلي الإجمالي تماشيا مع رؤية عام 2023.

ولتحقيق رؤيتها لعام 2023، تسعى الحكومة التركية إلى ضمان وجود هيكلٍ ماليٍّ قويّ، لذلك تقوم ببناء المركز الماليٍّ في إسطنبول، حيث ستجتمع جميع الهيئات والمؤسسات المالية لجعل إسطنبول قاعدة مهمة للعمليات المالية في جميع أنحاء العالم.

وقال وزير الخزينة والمالية براءت ألبيرق، في بيانٍ نشره على حسابه الرسميّ في تويتر، إن الحكومة التركية ستقدّم مركزًا ماليًّا يليق بإسطنبول إلى البلاد في أقرب وقتٍ ممكن.

وذكر ألبيرق أنه يتعيّن على جميع البنوك التركية نقل مقرّاتها إلى مركز إسطنبول المالي، مؤكّداً ضرورة تجميع المؤسسات المالية تحت سقفٍ واحد.

وقال ألبيرق إن مقرّ بورصة إسطنبول سينتقل أيضاً إلى مركز إسطنبول المالي، مضيفا أنهم عقدوا أيضا اجتماعا للجنة المراقبة وتقييم أسواق المنتجات الغذائية والزراعية.

المساهمون