تشهد أروقة وزارة الإسكان المصرية، أزمة مع الكثير من المغتربين، الذين حجزوا آلاف قطع الأراضي بالدولار، ضمن مشروع بيت الوطن المطروح منذ نحو 6 سنوات، دون أن يتسلموا الأراضي أو عدم إيصال المرافق الأساسية لها، ما يجعلها مجرد "خرابات" على حد وصف العديد من الحاجزين.
وما يزيد الأزمة، أن وزارة الإسكان أجبرت الحاجزين، الراغبين في رد الأراضي إلى الدولة، على استرداد قيمة ما دفعوه على أساس سعر صرف للدولار لا يتجاوز 50 في المائة من قيمة الدولار حالياً.
ووصل عدد قطع الأراضي المبيعة للمغتربين المصريين، ضمن مشروع بيت الوطن منذ إعلانه في 2012 إلى نحو 13 ألف قطعة تقدر قيمتها بأكثر من 3 مليارات دولار، وفق مسؤول بارز في وزارة الإسكان.
وبيت الوطن هو مشروع أطلقته وزارة الإسكان للمصريين في الخارج للحصول على قطع أراض، ويكون الدفع بالدولار، استهدفت الحكومة من ورائه جني إيرادات بالنقد الأجنبي للحد من أزمة السيولة الأجنبية التي تواجهها، ومن أخرى تحقيق ما وصفته هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة التابعة لوزارة الإسكان، بالترابط بين المغتربين والوطن الأم عن طريق تسهيل امتلاكهم للعقارات.
ولجأ متضررون من المشروع إلى تدشين صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، للتعبير عن رفضهم للمماطلة الحكومية، فيما لجأ آخرون إلى رفع دعاوى قضائية.
وقال أحد المتضررين، إن بعض الحاجزين منذ المرحلة الأولى في 2012 لم يتسلموا أراضيهم حتى الآن، والبعض الآخر أبلغتهم هيئة المجتمعات العمرانية بالحضور لتسلم الأرض، إلا أنهم فوجئوا بعدم وجود مرافق وغير محددة المعالم لأنها ما زالت غير مستوية "هضاب".
وأضاف: "تم تهديد من رفضوا التسلم على هذا الوضع، بسحب الأرض، وهنا مشكلة أخرى لأنه في حال المطالبة باسترداد المقدمة المدفوعة بالدولار يتم تحويل المبلغ للجنيه المصري على أساس سعر 7.82 جنيهات، بينما سعر الدولار حالياً يبلغ نحو 17.35 جنيهاً، وبذلك تكون الخسارة أكثر من 50 في المائة مما جرى دفعه لدى حجز هذه الأراضي.
ويصل سعر المتر المطروح في أراضي بيت الوطني إلى نحو 430 دولاراً في المتوسط، يسدد الحاجز 25 في المائة من قيمة الأراضي والباقي يسدد على 5 أقساط سنوية محملة بالفوائد البنكية.
وطرحت الحكومة ست مراحل حتى الآن من هذا المشروع، آخرها إعلان طرح قطع أراضٍ (تجارية ـ ترفيهية ـ خدمية) في يناير/ كانون الثاني الماضي في منطقة القاهرة الجديدة (شرق العاصمة)، على أن يتم البدء في تسليم الأراضي نهاية ديسمبر/كانون الأول 2019، وفق منشور لوزارة الإسكان.
وفي المقابل، الشكاوى المتزايدة من عدم تسليم الأراضي أو توفيرها دون مرافق، قال خالد عباس، نائب وزير الإسكان للمشروعات القومية في تصريحات صحافية مؤخراً، إن "تسليم أراضي مشروع بيت الوطن حقيقي وليس على الورق"، لافتاً إلى أن الشكوى من تأخير تسليم أراضي المشروع جاءت بناءً على تأخير تسليم 150 فداناً فقط من إجمالي ألفي فدان، دون أن يوضح ما عدد قطع الأراضي التي لم يتم تسليمها.
وتتفاوت مساحة الأراضي المطروحة في المشروع، وتتراوح بين 350 متراً حتى 800 متر، وفق الإعلانات الحكومية المتكررة منذ بدء إعلان المشروع.
واعتبر عباس أن "نسبة من يريدون استرداد الأقساط لا تتعدى 1 في المائة من إجمالي المشترين". لكن مدير مبيعات في إحدى شركات التسويق العقاري، قال إن نسبة المتضررين سواء من عدم تسليم الأراضي أو تسلمها دون مرافق، تصل إلى 30 في المائة من حجم المشروع.
وقال: "أنصح المتضررين بالصبر فليس هناك غيره، لأنه في حال طلب قيمة ما تم سداده مقابل رد الأراضي إلى الحكومة، فإن الحاجز سيخسر أكثر من 50 في المائة مما دفعه".
ومن جانبه، قال أحد الحاجزين في منطقة القاهرة الجديدة : "يريدون تسليم خرابات لنا، إنها أراض في مناطق صحراوية دون مرافق أو خدمات، هل هذا عدل، لم نكن نتصور أن تبيع لنا الحكومة خرابات لتحصل على شقى عمرنا في الغربة، لا يهمها سوى الدولارات".
وسعت الحكومة لجذب أكبر قيمة ممكنة من تحويلات المصريين في الخارج، لدعم احتياطي النقد الأجنبي، كما كثفت الحكومة من الاقتراض المحلي والخارجي خلال السنوات الأخيرة، ليقفز إجمالي الدين العام إلى نحو 5.34 تريليونات جنيه (303.4 مليارات دولار) في نهاية يونيو/ حزيران الماضي، حسب بيانات البنك المركزي. ووصل الدين الخارجي إلى 92.64 مليار دولار، بزيادة بلغت نسبتها 17.2% على أساس سنوي.
وأضاف نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي منذ منتصف 2014 وحتى منتصف العام الماضي، نحو 3.24 تريليونات جنيه إلى الدين العام، فيما لم تتجاوز الديون المتراكمة على مصر منذ نحو 50 عاماً 2.1 تريليون جنيه.