تدهور النفط يضرب اقتصادات العالم

18 مايو 2015
+ الخط -
بعد مرور قرابة العام على تدهور النفط، بدأت آثار انهيار أسعار النفط تترك بصماتها على الاقتصادات العالمية. وفيما شهدت اقتصادات الدول الصناعية المستهلكة للنفط تحسناً ملحوظاً، على صعيد الحساب الجاري وموازين المدفوعات، شهدت اقتصاديات بعض الدول النفطية، خاصة التي لا تملك احتياطات تدهوراً ملحوظاً مثل فنزويلا ونيجيريا.
وحسب إحصائيات النمو العالمي، بدت الآثار الإيجابية واضحة على اقتصاد الولايات المتحدة الذي نما بمعدل يفوق 3.5%، وكذلك انعكس انخفاض أسعار النفط إيجاباً على الاقتصاد الياباني المستورد الصافي للطاقة. ولكن في المقابل ظهرت الآثار السلبية على اقتصاد فنزويلا التي انخفضت عملتها بحوالى 22%، وارتفع التضخم بمعدل خرافي وقفزت البطالة إلى 24%.
أما على صعيد الاقتصادات العربية، واصلت دول الخليج موجات السحب من الاحتياطات لتغطية العجز في الإنفاق. ويتوقع اقتصاديون أن تظهر ميزانيات الدول النفطية الخليجية زيادة كبيرة في عجز الميزانيات حينما تنتهي ميزانية العام الجاري، مقارنة بالتوقعات التي وضعت عند بداية الميزانية. ورغم أن الدول النفطية الضعيفة مثل روسيا وفنزويلا لم تنهر اقتصاداتها بعد، ولكن ما يحفظ تماسكها حتى الآن هو القروض التي تحصل عليها من الصين.
وحسب تقرير الهلال الصادر يوم السبت، أظهرت مسارات أسواق النفط العديد من التأثيرات السلبية على اقتصاديات الدول المنتجة، كان لخطط الإنفاق متوسط وطويل الأجل النصيب الأكبر منها، مؤثرة بذلك على حجم الاستثمار في الطاقات الإنتاجية من الطاقة التقليدية والطاقة المتجددة على حد سواء.
وفي المقابل كان للمسارات المتراجعة التي سجلتها أسواق النفط العالمية منذ ما يقارب العام تأثيرات إيجابية على الاقتصاديات غير المنتجة للنفط على صعيد إنتاجية القطاع الصناعي ونمو الصادرات، بالإضافة إلى التأثيرات الإيجابية على تقليص العجوزات على الميزان التجاري لدى غالبية دول العالم.
في دول الاتحاد الأوروبي تشير تقارير إلى أن الاقتصادات الأوروبية، ربما تتمكن من توفير نحو 80 مليار دولار من تكلفة واردات الطاقة خلال العام الماضي. وأسهم ذلك بشكل ملحوظ في تخفيف بعض العبء عن الأسر والشركات في منطقة شهدت ضعفاً على مدى السنوات الخمس الماضية. وفي بريطانيا شهدت معدلات البطالة تراجعاً ملحوظاً، كما تحسن معدل النمو الاقتصادي. وبدأ المواطن البريطاني يشهد تراجعاً في أسعار الوقود. وما سيقود إلى انتعاش السياحة الداخلية في موسم الصيف الجاري.


اقرأ أيضا: صندوق النقد..تهاوي أسعار النفط يكبد العرب 380 مليار دولار

وفي أميركا، التي قسمها تدهور النفط، بدت الولايات غير النفطية تحصد ثمار انخفاض أسعار النفط في شكل زيادة مبيعات المتاجر ومحلات السوبرماركت، لأن الوفورات التي حققها المواطنون من انخفاض فاتورة الوقود أعطاهم الثقة في الإنفاق. وبالتالي ساهم ذلك في تعزيز القوة الشرائية التي انعكست إيجاباً على النمو الاقتصادي المتسارع في أميركا. أما الولايات النفطية فقد شهدت نوعاً من الكساد الجزئي.
وفي ظل تداخل المتغيرات الناتجة عن تذبذب أسواق النفط العالمية، فقد بات واضحاً أن الاقتصاديات الصناعية تمكنت من الاستفادة من حالة التراجع التي سجلتها أسعار النفط. حيث أدى هذا التراجع في أسعار النفط إلى رخص أسعار السلع المصنعة، ما انعكس إيجاباً على القطاعات الاقتصادية الرئيسية لدى العديد من الدول الصناعية. وذلك حسب تقرير الهلال. وساهمت أسعار النفط المنخفضة بشكل ملحوظ في زيادة الصادرات اليابانية، كما أدت إلى انخفاض العجز التجاري ليتراجع خلال الأشهر الأولى من العام الحالي إلى ما يقارب 10 مليارات دولار. ولكن يقول اقتصاديون أن هنالك عوامل أخرى ساهمت في انتعاش الاقتصاد الياباني من بينها تخفيض سعر صرف الين وخطوات التحفيز الكمي.
ويذكر أن قيمة سعر صرف الين تحالفت مع رخص سعر استيراد الوقود الأحفوري لتزيد من الصادرات اليابانية. وساهم ذلك بدوره في تقليص العجز التجاري إلى أكثر من النصف. ويذكر أن الصادرات اليابانية قد سجلت ارتفاعا بنسبة 17% نتيجة نمو صادرات السيارات والمواصلات.
في دول الاتحاد الأوروبي تشير تقارير إلى أن الاقتصادات الأوروبية ربما تتمكن من توفير نحو 80 مليار دولار من تكلفة واردات الطاقة خلال العام الماضي. وأسهم ذلك بشكل ملحوظ في تخفيف بعض العبء عن الأسر والشركات في منطقة شهدت ضعفاً على مدى السنوات الخمس الماضية. ويلاحظ أن انخفاض سعر النفط تزامن مع انخفاض العديد من المواد الأولية التي تدخل في الصناعة مثل الألمنيوم والحديد.
وتواصل أسعار النفط المنخفضة تأثيراتها الإيجابية على اقتصادات الدول المصنعة، حيث ستتراجع كلف ممارسة الأعمال والشحن والنقل والسفر والإيجارات وضبط معدلات التضخم، ولكن يرى اقتصاديون أن هنالك تداعيات سلبية لتدهور الأسعار، من بينها تراجع تدفق استثمارات الدول النفطية على أوروبا وأميركا. وكان لهذه الاستثمارات دور كبير في تمويل العديد من مشاريع البنية التحتية.

اقرأ أيضا: مستقبل قاتم للنفط
المساهمون